اذا كان ثمن الوطنية المزعومة هذه في عراق اليوم ان يتم استباحة دماء اولئك المظلومين والمحرومين في الجنوب وامتدادهم وأهلهم في بغداد ومقدساتهم ورموزهم الدينية , فأن مجرد السكوت والتفرج على مثل هذه الابادة الجماعية الجديدة هو جريمة لن يغفرها التاريخ والسماء ( بقلم محمد الوادي )
مايحدث في عراق اليوم هو قمة الارهاب والنفاق والجريمة الدموية تحت شعارات ومسميات لم تعد غريبة على مسامع العراقيين النجباء ولم تعد تنطلي او تتجاوز على ذكائهم . خاصة ان ثمن هذه الادعاءات هي دماء عراقية بريئة مستباحة يوميآ تحت شعار " الحفاظ على وحدة العراق " , بالضبط واكثر دقة هو تكرر وباصرار على ذبح فئة معينة من العراقيين تحت شعار الوطنية العراقية !!ولااريد ان ادخل في تفاصيل هذه الحالة الاجرامية الشاذة لان هذه الارواح البرئية التي تزهق كل يوم ليس بحاجة الى توصيف , بل بحاجة الى البحث عن حلول واقعية وجذرية تعيد الامور الى نصابها الانساني الذي يجعل من حرمة الانسان اغلى من كل الامور الاخرى , وحتى نتجرد من العواطف ومن البساطة التي توضع في غير محلها والتي أوصلتنا الى ما نحن عليه من مأسي وكوراث انسانية هائلة في عراق اليوم , نتيجة عقود طويلة من الظلم والاستبداد والاقصاء .وحتى ينتهي ذلك الوقت الاسود الذي كان في البصرة والعمارة والناصرية والسماوة والكوت والحلة والديوانيةوالنجف الاشرف وكربلاء المقدسة وحتى بغداد ان يكو ن المحافظ من الفلوجة وقائم المقام من الموصل ورئيس الشرطة من تكريت ومدير المرور من سامراء وقائد الفرقة العسكرية من عانة وهكذا من القرى النائية يأتون ليحكموا بالظلم والبطش هذه المدن التاريخية حواضر التاريخ والزمان والجغرافية وكان يشمل هذا الغبن حتى بغداد العاصمة . هذا الزمان يجب ان ينتهي وبشكل واضح لايقبل اللبس وذلك من خلال تطبيق الدستور العراقي الذي ينص على اقامة الفدرالية وطالما كان الامر تحت رحمة صوت الجماهير وتصويته أذن لاسلطة فوق سلطة صندوق التصويت وصوت الجماهير التي تقرر مصيرها بيدها وحسب رغبتها . واسباب المراهنة على تصويت الجماهير لصالح النظام الفدرالي كثيرة ومتشعبة قد يكون في مقدمتها التجانس الاجتماعي والعشائري والاقتصادي المتوفر في الجنوب والفرات الاوسط وامتدادها في العاصمة
حيث اقليم بغداد .اضافة الى ابعاد تاريخية وواقعية تدعو الى التسريع في اقامة هذه الاقاليم الثلاثة , منها وعلى سبيل المثال في مدينة عراقية صحراوية ذات مجتمع ريفي ليس فيها اي مقومات النجاح الاقتصادي والجغرافي والتاريخي وتفتقر بنفس الوقت الى اي نوع من الثروات الطبيعية او الكفاءات البشرية في شتى مجالات الحياة . لكنها ومع كل هذا تم بناء فيها مئات المساجد فقط خلال ثلاثة عشر سنة من الحصار الداخلي والخارجي على العراقيين , وبشكل فاق كل تصور واكثر بكثير من حاجتها الفعلية لهذه المساجد من ناحية عدد السكان واجزم حتى من ناحية التوجه الديني في تلك المدينة القرية الصغيرة التي سميت مدينة " المساجد ", و كان ذلك فقط نوع من السباق بين بعض الاشخاص وبعض الجهات والعشائر هناك لاجل " المباهات " في زمن الحصار الظالم وفي نفس الوقت الذي لم يشيد مستوصف او مدرسة او كلية في مناطق الجنوب والفرات الاوسط في تلك المرحلة , بل ولم يشيد حتى جامع او مسجد لطائفة تمثل غالبية الشعب العراقي . مع ملاحظة ان كل خيرات ونفط العراق وموانيء التصدير كانت تجري من تحت اقدام أولئك المذبوحين في الجنوب وامتدادهم العشائري والاجتماعي الكبير والاساسي في بغداد .
اذا كان ثمن الوطنية المزعومة هذه في عراق اليوم ان يتم استباحة دماء اولئك المظلومين والمحرومين في الجنوب وامتدادهم وأهلهم في بغداد ومقدساتهم ورموزهم الدينية , فأن مجرد السكوت والتفرج على مثل هذه الابادة الجماعية الجديدة هو جريمة لن يغفرها التاريخ والسماء , لان وطنية الذبح هذه تصبح ارهاب وجريمة كبرى بحق الانسان العراقي , وطالما كانت في عقيدتنا الاسلامية والسنة النبوية أن حرمة دم الانسان أهم من حرمة الكعبة نفسها . فما قيمة وطنية الذبح اليومي اما هذه الحقائق الواقعية . ثم ان الفدرالية ليس تقسيم للعراق بل العكس تماما بأن ياخذ كل مواطن أستحقاقه الانساني والقانوني الذي يتناسب مع حجمه الحقيقي , وهذا بالضبط مايخيف ويرتجف منه الرافضين لفكرة الفدارلية لان مثل هذه الخطوة التاريخية ستضعهم حد التقزيم في اطار حجمهم الصغير والهامشي في عراق تسوده الديمقراطية وحرية التعبير وتداول السلطة . والنظام الفدرالي ليس بدعة عراقية بل انه يوجد في عشرات البلدان القوية اقتصاديآ واجتماعيآ وسياسيا وحتى عسكريآ .
من جانب اخر من الواضح هناك قصور في التعريف بفوائد النظام الفدرالي عند بعض فئات الجماهير , وهذا بحاجة الى تثقيف وتوضيح تلك المميزات التي سوف يتمتع فيها المواطن في ظل النظام الفدرالي حيث يصبح صوته هو الاساس والفصل في تكوين البنية السياسية والاقتصادية الجديدة في عراق المستقبل , وعندها سيكون المسؤول هو الذي يلهث وراء المواطن وهو صاحب الحاجة وليس العكس .
اما في الجانب الاخر تلك الفئات التي تحارب فكرة النظام الفدرالي في عراق اليوم , أنما تستوطنها احلام مريضة واوهام مثل السراب , عندما تتصور أن بالامكان ان تاتي اللحظة المناسبة مرة اخرى وفي غفلة من الزمن " تتلقف " فيها الحكم مرة اخرى على الطريقة " السفيانية والصدامية " لذلك يجب ؤد هذه الاحلام المريضة . من خلال الخطوات العملية وبالسرعة الممكنة العمل على اعلان اقليم الوسط والجنوب واقليم بغداد
الاتحادي الفدرالي . حتى يصل اليقين الى عقولهم الرخوة والتفكيرية والاجرامية بان عقارب الساعة لن تعود الى الوراء , وان تلك السرقة السفيانية التاريخية على مدى عقود طويلة قد انتهت دون رجعة . وان الفدارالية هي الحل المطروح وباصرار امام نظرية ذبحهم الوطني الاجرامي والارهابي لاهل العراق وعربه الحقيقين.
محمد الوادي
https://telegram.me/buratha