في النجف الأغر تتفجر ينابيع الفقاهة والعلم، وعلى ثراها نشأ الجيل الأعظم من رواد العلم والأدب، واضطجع تحت قبتها المقدسة أشرف مخلوقات الله بعد محمد صلى الله عليه وآله فيممت وجوهها الخلائق نحوه فغدى قبلتها لترتوي من أسارير علمه وعنفوان مجده فبلغت به ذروة المجد والعز والشرف، في سماء النجف الحبيب تعرج الدعوات متسابقة لتفتح الأبوب الموصدة بذنوب الخليقة فيعفو الرب لمن يشاء ببركات وجود ضريح علي عليه السلام ، هنا تتزاحم الكلمات لتصل الى عالم الملكوت لتَكتب بحروف النور على عرش الرحمن فيخلدها الزمان كما خلد اسم علي وأولاده، هنا في النجف الشريف تَلقي الملوك بتيجانها حياءًِ وتخلع نعليها إجلالا وإكبارا لأمير المؤمنين فتذل الرقاب وتتهفات الجبروت وتختفي كل سمات الكبرياء فيذعنون طائعين لهذا الضجيع تحت ثرا النجف الطاهر الذي احتل قمة جبلها.
هنا تتسارع الأجيال لتعطي كل ماعندها فلم يسبق أحدٌ في العطاء أحفاد علي فشعت أنوارهم كالأقمار في سماء العراق فلم تحجب سحب ضجيج العابثين في الوطن ضيائهم ولم يبدل الحدثان سحنات وجوههم وكأن عليا مسح على شعاع أقمارهم فزادهم نورا سرمديا لتبقى شاخصة أجسادهم في أذهان أتباعهم الى يوم اللقاء.مواكب سارت في طريق علي لتكمل المسيرة تحمل في جنباتها علومه وعصارة فكره وفرقتها على المخلصين من الناس ليعز بهم الدين وحُفظت باقلامهم الشريعة فغدى مداد أقلامهم أعز على الله من دماء الشهداء ومنهم من جمع بين العلم والشهادة فازداد عزا وسؤددا واعتلى ذروة المجد وفاز بجائزة الرب العظيم ومن هنا نال الخلود ، وكلما حاول الطغاة طمس نجم بزغ نجم أعظم وشع قمر آخر وكلما ازداد عدد الجلادين واشتدت سياطهم ضربا ازداد الأبطال صمودا وانهارت عروش الجبابرة وتحول ملكهم أشلاء.
وسطعت كوكبة آل الحكيم علما وجهادا وغذت به العقول ، وسقت أرض الرافدين دماء زكية فأينعت ثمارها في شموخ وتدلت أغصانها لتعطي لأبناء الرافدين ماجادت به من علم وجهاد ولهذا ملكت سماء العراق حتى بلغ شموخها الثريا.
وألتحق باقر بها في غرة رجب لتزدان به وتزداد سطوعا فغشي شعاع كوكبه الجميع بعد أن صعد الى عالم الملكوت روحا وجسدا ليلق ربه وهو مقطع الأوصال صائم ضام . سيدي أيها الشهيد المفدى من المؤكد كانت عاقبة أمرك خيرا واسترحت من هموم الدنيا وترحها وقد رافقت في العالم العلوي أحسن رفيق من الشهداء والصديقين وتركتنا في خطب جليل وارهاص شديد وفتنة عمياء وعراق تمزقه لازالت خناجر الحاقدين وتقتل ابناءه.
اعطيت كل شئ علمك روحك جسدك وحملت القلم والسيف فجاهدت عالما وقاتلت تحت راية الأسلام بطلا مغوارا يوم خبت الأصوات وخنعت النفوس وذلت للطاغية وأنت الذي صمدت وقاومت فلم تداهن ولم تركن لظلم فصرت المثل في الجهاد في وجه السلطان الجائر.
فيا قمر العراق وفرقده قد غبت عنا وهاهو الظلام يزداد حلكة ويبتعد عنا الأمل فإن غيبتك عنا أيادي الغدر والختل فلن نحيد عن نهجك أبدا وسنبقى ننهل من نميرك المهيع وهذا عهد نجدده في كل حين ، ويا عنوان الجهاد ورمزه لك منا ألف سلام وسلام ،سلاما أبا صادق في ذكرى رحيلك وفي قلوبنا حرقة الى يوم نلقاك.جواد السعيدالسويد
https://telegram.me/buratha