المقالات

الشهيد الحكيم وخلاصات المرجعيات

1729 16:37:00 2006-07-26

( بقلم عباس الطريحي )

لعل نهايه العقد الرابع وبدايه العقد الخامس من القرن الماضي كان حافلا بالتغيرات السياسيه ومنذرا بالحرب الكونيه الثانيه التي لا تبقي ولا تذر, وليس هناك من ما لا يعنيه هذا الامر كل العالم كان مترقب لما يحدث لانه سيقلب النظام العالمي راسا على عقب ولا تنجو منه حتى دول او جمهوريات الموز , فمن باب اولى كانت المرجعيه الدينيه في ذلك الزمن تعيش هكذا واقع ولها ايديلوجيه في التعامل مع واقع هي فيه واقعه تحت حكم استعماري مباشر او غير مباشر .

وفي هذه الايام والسنوات المشحونه بالحروب بزغ فجر جديد ونور يتغذى من ثدي المرجعيه الغراء ليفطم على الولاء ذو النسب المحمدي الاصيل وذلك في يوم 25 - من جمادي الاولى لسنه 1358هجريه الموافق للعام 1939ميلاديه الا وهو الشهيد السعيد محمد باقر الحكيم ((قدس)) الشريف .

اول مافتح عينيه بوجه الامام الراحل والمرجع زعيم الطائفه السيد محسن الطباطبائي ارتوى وانتهل منه الولايه واوصله بنسبه المحمدي الاصيل, اذن ولد من رحم المرجعيه عاصر المرجعيات وهي في احنك واصعب الظروف الحرجه لذا استخلص من مرجعيه والده زعيم الطائفه الامام الحكيم قدس سره الشريف الكثير لكون مرجعيته رضوان الله عليه كان عامه لكل الطائفه من شمال ايران الى جنوب لبنان ومن شرق السعوديه الى غرب البحرين حيث كانت تحمل هموم الامه جمعاء وتواجه اشرس هجوم على الاسلام والمسلمين , فاستخلص شهيدنا الراحل من تلك المرحله وتعلم كيفيت الثبات والتصدي والصمود بوجه المريدين سوءا للدين والمذهب فعلى سبيل المثال استخلص من مرجعيه الامام الحكيم ((فدس)) مواجهته للماركسيه ودعوات الكفر المعلنه والاهم استخلص قيادته للامه الاسلاميه في تلك الظروف وايصالها الى شاطيء الامان .

وما ان رحل الامام الحكيم ((قدس)) وترك ارثا كبيرا من التضحيات والتصدي حتى مسك زمام امور المرجعيه ايه الله العظمى السيد ابا القاسم الخوئي (( قدس)) ليتصدى هذا المرجع الكبير كما تصدى سلفه الصالح ويقف بوجه كل اولئك المريدين بالاسلام سوءا داخليا وخارجيا ولتكون محنته اكبر عندما لبى نظام العفالقه اوامر رؤساءه الغربيين وذلك بالتصدي والحرب النيابيه لتلك الموسسه الالهيه اضف الى ذلك الحرب المعلنه خارجيا , لذلك اول ماعمد النظام البائد الى التصفيه الشامله لتلك الموسسه فبدء بسلسلة من الاغتيالات للكوادر الاسلاميه والتبليغيه وعمل الى زرع افكارشيطانيه خبيثه بين عامه الجمهورمغزاها الابتعاد عن هذه الموسسه ناعتا اياها بالتخلف والرجعيه, فما كان من المرجعيه الرشيده الا ان تتخذ موقفا بطوليا وحاسما حيث التزم المرجع الاعلى السيد ابي القاسم الخوئي موقف الحفاظ على ارث محمد وال محمد والخوف من الضياع وعدم المواجهه الفعليه مع هكذا نظام شرس بيما توزعت الادوار الباقيه للمواجهه الفعليه مع النظام البائد واشغاله عن تمزيق ارث محمد وال محمد وذلك بالوقفه البطوليه والتصدي بالمواجهه الفعليه بقياده المرجع الديني الشهيد السيد محمد باقر الصدر (( قدس)) وهذه التضحيه العظيمه لمثل هكذا مفكر عظيم انما جاءت لاجل مذهب عظيم وابعاد السلطه الحاكمه انذاك عن التفكير بتمزيق وسحق الارث المحمدي الاصيل كما قلنا , كل ذلك وشهيدنا الراحل ((محمد باقر الحكيم)) بمرئى ومسمع وبمحك مع هكذا احداث حيث نجده استخلص من هذيين المرجعيين العظيميين الكثير الكثير .

لقد استخلص شهيدنا الرحل من مرجعيه السيد الخوئي ((قدس)) تحمله وصبره على الشدائد وكيفت ادارة الموسسه الالهيه في مثل تلك الظروف التي تختلف تماما عن تلك الظروف التي كانت على عهد المرجع الامام الحكيم, وكذلك استخلص من الشهيد السعيد محمد باقرالصدر((قدس)) تصديه للطغمه الفاسده الحاكمه انذاك في عدم ادخاره اي جهد في سبيل الدفاع عن بيضه الاسلام وكذلك استخلص منه رضوان الله عليه كيفيه اعداد الشباب الواعي المتصدي وكيفيه بث الوعي في جوف الامه للنهوض من جديد وتذكيرها بواقعها الحالي واستخلص كذلك منه رضوان الله عليه كيفيه الاستفاده من الوحده الاسلاميه والانطلاق الى العالم الاسلامي والوقوف صفا واحدا شيعة وسنه ضد المريدين بالاسلام سوءا .

بلغ التصدي ذروته عندما حرم الشهيد محمد باقر الصدر الانضمام الى حزب البعث العفلقي الكافر والذي عمد الاخير الى قتل الشهيد شر قتله ومع نخبه من الرساليين والكوادر الاسلاميه انذاك واخته العلويه الطاهره بنت الهدى رضوان الله عليها , استخلص شهيدنا الراحل من هكذا درس قسوه النظام ووضع الخطط الناجعه للمواجه والتصدي الحقيقي والتفكير بعدم اهدار مثل هكذا مفكريين وتمكين النظام الفاشي منهم لانهم ليسوا ملك انفسهم وانما ملك للمذهب والدين والشعب ولذلك كانت قراره (محمد باقر الحكيم) الجديد في التصدي والمواجهه وبآليه جديده. 

 

لقد سجن شهيدنا الراحل سنتيين في سجن ابي غريب سيء الصيت في بغداد وما ان امكنه الله من الخروج من ذلك المعتقل حتى فكرا جديا بالتصدي لمثل هكذا نظام مع عدم تمكنه من السيطره على المتصدي لانه بتمكنه من ذلك تقويه للنظام وهذه خساره في المعركه ولقد اعد شهيدنا الراحل نفسه لمعركة طويلة الامد واستعداده بان يقدم فيها اعز القرابين لله تعالى (( ان تنصروا ينصركم ويثبت اقدامكم )) .

 

مما حدى بفقيدنا الراحل ان يترك البلاد ويواصل جهاده من الخارج للاسباب التي ذكرت انفا حيث اختار الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه مقرا للانطلاق والجهاد ضد حزب العفالقه البعثيين مما زاده معرفة وخبرة من خلاصه مرجع كبير قادة الامه الايرانيه في جهادها ضد النظام الشاهنشاهي العميل وتمكن ان يقهر النظام العالمي الراسمالي والشيوعي وتاسيس اول دوله اسلاميه في الكره الارضيه تشهد ان عليا ولي الله في العصر الحديث الا وهو الامام الخميني ((قدس)) فقد استخلص منه رضوان الله عليه الكثير الكثير منها ان مافي ايدنا نحن المسلمون خير بكثير مما ايدي الاخرين , لاننا على حق والاخرون على باطل والحق هو المنتصر دوما وان كان للباطل جوله لكن للحق دوله .

واستخلصه منه رضوان الله عليه ان كل ماعندنا من الحسين (ع) لانه صلوات الله عليه الامتداد الحقيقي لرساله جده محمد (ص) لقوله (ص ) (( حسين مني وانت من حسين)) .

وما ان ودعت الامام الخميني الامه ملاقيا ربه حتى مسك زمام الامور مرجع قائد اعده السيد الامام لمثل هذه الظروف التي نحن الان فيها, وقد عاصر شهيدنا الراحل هذا القائد الذي هو من اعداد وتهيئه الامام الخميني الا وهو السيد الخامنئي (( حفظه الله ورعاه)) واستخلص منه الحزم والعزم والقياده الاسلاميه الالهيه .

اذن فمن مثل شهيدنا الراحل وقد عاصر هكذا مراجع من اعظم مراجع التشيع في الوقت الحاضر ماعساه ان يكون وما عساه ان يفكر اضف الى ذلك التسديد الالهي لانه كما قلنا (( ان تنصروا الله ينصركم )) والشهيد السعيد كان همه في هذه الدنيا هو اعلاء كلمة الحق ونصرة الله فكان حقا على الله ان ينصره ويسدده ويثبت اقدامه وما النصر الا من الله العزيز الحكيم .

لذلك وضع شهيدنا الراحل ((قدس)) دراسه منهجيه وموضوعيه حول مستقبل العراق السياسي وقد بدء بها عند اول هجرته خارج البلاد وتتلخص بالتالي :

الخيار الاول - القيام بانقلاب عسكري

الخيار الثاني -القيام بثوره شعبيه على غرار الثوره الايرانيه الناجحه عام1979م

الخيار الثالث -الكفاح الشعبي المسلح انطلاقا من ارض محرره داخل الوطن .

فالانقلاب العسكري الذي ربما يمثل اسرع الطرق للتغيير, وهو كان الوسيله الاكثر اتباعا لتغير الحكومات والرؤساء ليس فقط في العراق وانما في اكثر دول العالم الثالث الا انه يصعب اتخاذه كاجراء لان معظم الانظمه الدكتاتويه استفادت من الانقلابات السابقه واخذت الاجراءات والاحتاطات لمثل هكذا امر, فضلا عن خصائص خاصه بنيت الموسسه العسكريه العراقيه وفق معادلات طائفيه ومناطقيه ساعدت على قمع الشعب العراقي والتوظيف الكامل لحمايه السلطه والعائله الحاكمه .

وتبحث الدراسه ايضا مصاعب القيام بثوره شعبيه على غرار الثوره الايرانيه بسبب الاجراءات الوقائيه التي لجأت اليها السلطه والقوى الدوليه مستفيدة من كل الاخطاء التي وقع بها الشاه المقبور ومعالجتها مع القضيه العراقيه المطروحه على الساحه وتفويت الفرصه حتى لا تتكرر التجربه الايرانيه في العراق, اضف الى ذلك الفرق الشاسع بين ثقافة ووعي الشعبين العراقي والايراني وخصائص كل شعب .

وكذلك المخاوف الدوليه من امتداد الثوره الاسلاميه الى الخليج وباقي دول المنطقه , كل ذلك ادى الى التعاطف مع النظام ونصرته ومساندته من جميع الدول الاقليميه والدول العظمى .

الى ان تصل الدراسه الى افضلية الخيار الثالث اي اعتماد الكفاح المسلح وبث الوعي الشعبي في مقارعة النظام الصدامي العفلقي, ومن ثم ان اختبار هذا الخيار يتيح الفرصه لبناء القوى الشعبيه وتعبئتها .

ومن ثم تحدثت الدراسه فيما بعد الى ايجاد دوله مجاوره تساند المعارضه لتكون ارض الانطلاق للتحرك السياسي والعسكري والاعلامي الذي يفترض ان تكون من اراضي عراقيه محرره داخل الوطن , وكانت تلك الاراضي المحرره موجوده في كردستان في شمال العراق وفي الاهوارجنوب العراق .

ان ماذكرناه موجز بايجاز يعصب حل رموزه والواقع ماكتب السيد الشهيد بهذه المسأله ونظرته الواعيه والدقيقه لتلك المرحله في الحقيقه والواقع نابع من خلاصات المرجعيات التي عاصرها وزامنها لذا تبلورة عنده افكار لم نجدها عند اعاظم الساسه والمفكرين .

وفي الختام اقول استخلص من الشهيد محمد باقر الصدر حلاوة الشهاده فقرره المضي اليها لينير الدرب للاخرين كما كان جده الحسين( ع ) مصباح هدى في دياجي الظلمات , فهنيئا لك ياابا صادق الجنه ومجاورة محمد وال محمد صلوات الله عليهم اجمعبن , والخزي والعار للقتله الارجاس اعداء محمد وال محمد, وسيعلم الذين ظلموا محمد وال محمد اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.

 

عباس الطريحي

السويد استوكهولم

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
أبو فرزدق
2006-07-28
فضلاً عن ان الاسلام قد ثلم بفقد الشهيد السيد باقر الحكيم فأن شيعة العراق قد فقدوا مالايمكن تعويضه في هذه المرحلة بفقدانه ومازالوا يعانون من فقدانه ولم يستطع احد للآن ان يحل محله او يأخذ دوره مع التقدير للدور العظيم الذي يقوم به السيد عبدالعزيز والشيخ الصغير والسيد عمار ومؤخرا ً زعيم التيار الصدري.
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك