المقالات

قوت الناس بين التشريع والمتاجرة

1011 14:06:00 2008-10-17

( بقلم : حسن الهاشمي )

بما أن النظام الإسلامي يشجع دائما على الإنفاق والبذل في سبيل الله لإشاعة روح التكافل الإجتماعي في أوساط الشرائح المختلفة، وبما أن العدالة الإجتماعية لا يمكن لها أن تتحقق إلا بالتوزيع المتكافئ بين أفراده، وأقول المتكافئ لكي لا تغمط حقوق العاملين والمتفوقين والساعين في هذه الحياة الدنيا مع حفظ حقوق الطبقات الفقيرة والمعدمة وكبار السن وذوي العاهات والبلوى فإن حقوقهم مصونة في العيش الكريم ضمن المجتمع الإسلامي المتآخي المتحابب في الله ورسوله وعترته الطاهرة الذين أوصوا المسلمين قاطبة بالإنفاق الواجب والمستحب لتحقيق العدالة والتكافل الإجتماعي في توزيع الثروات حتى تردم الفجوات الهائلة بين أفراد المجتمع الإسلامي والجميع يعيش في كنفها مع تفاوت معقول ومقبول وليس تفاوت مقيت يسحق فيه الضعيف بما متع به الغني كما يحصل في المجتمعات المادية والرأسمالية، وانطلاقا من هذه الفكرة فقد حث الإسلام على الإنفاق بشقيه الواجب والمندوب لتقليل الهوة بين الغني والفقير وهو على كل حال امتحان للغني في البذل وللفقير في الصبر، وكلاهما تقضى أيامه ولياليه بما تحمل من تخمة وشظف ولكن الباقي منهما المواقف الإنسانية التي ينتشي إزاءها الغني في العطاء والفقير في الصبر وحياة العفاف والكفاف.

والدين الإسلامي كما يحافظ على المصلحة العامة فإنه يحافظ على المصالح الشخصية ويؤكد أن مال المؤمن ودمه ونفسه حرام وكذلك الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، لذلك يدعي البعض أن الإسلام هو مزيج بين الإشتراكية والرأسمالية وهذا التفسير مرفوض مردود على قائليه وإنما التشريع الإسلامي هو من عند الله وهو أعلم باحتياج البشر، والأحكام الإلهية هي التي تعالج جميع المشاكل وليس من الضروري معرفة كنه الأحكام ولربما عقولنا لا تتحمل تفسير فلسفة تشريع بعض الأحكام وأنها غير منصوصة العلة وإنما هي أمور تعبدية تكون على أساس أن الله تعالى لا يريد من أحكامه سوى اللطف والرحمة بالعباد.

وللوصول إلى الحالة المثلى في توزيع الثروات وبسط العدل والقسط بين أوساطنا، فإن الإسلام حث الجميع على السعي والعمل والكد والكدح والمثابرة في الحصول على الرزق الحلال بعد استخراج الحقوق الشرعية التي تكفل الطبقات السفلى في المجتمع، ولهذا جاء الثناء على الطبقات الكادحة حتى أن الرسول الأعظم كان يقبل بعض الأيادي العاملة الكادة على العيال وهو يقول يدا يحبها الله ورسوله، وفي هذا الإطار جاءت التأكيدات في الأحاديث المروية عن المعصومين أن اليد العليا خير من اليد السفلى، ولولاها لما أمكن بناء المؤسسات الاجتماعية ودور الأرامل والأيتام والتواصل مع العوائل المنكوبة والمتعففة، وإنما الأفضلية والخيرية جاءت من صميم المصلحة العامة ولا مجال للشأنية والشخصنة في التشريع الإسلامي، وإنما النوع الإنساني والخدمة للبشرية والتسامي عن الماديات والسفاسف هي المطمح الكامن وراء التشريع الإلهي.

ومن هذا المنطلق فنحن نكرر ما قاله خطيب جمعة كربلاء المقدسة سماحة السيد الصافي من ضرورة محاسبة الذين يتاجرون بقوت الناس ونشد على يديه عندما وجه كلامه للمسؤولين المعنيين أن ينتبهوا إلى تحقيق التكافل الإجتماعي، ويخلصوا في القول والعمل ويجتنبوا الغش والخداع فمن غشنا ليس منا ويحاسبوا كل من يحاول أن يتاجر بقوت الناس ولاسيما أولئك الذين يتربعون على الكراسي، حيث أن نتيجة الإهمال هم أطفال العراق يذهبون إلى الهلاك!! فلماذا هذا التماهل وهذا التكاسل لإرجاع الأمور إلى نصابها؟! ونقول كما قالها سماحة السيد نرجو من الله أن يقيض لهذا البلد أناسا يشعرون بمعاناة الآخرين ويتحسسون بمعاناتهم حتى يكون الفقير أول المستفيدين، ويشعر المواطن بالاطمئنان وهو يرفل في بلد يسوده الصحة والأمان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك