( بقلم محمود الربيعي )
يتضح من خلال استقراء الحالة السياسية في العراق بعد سقوط النظام البائد ان هناك انحدارا في العد التنازلي للاستحقاقات الديمقراطية ومحاولة العودة الى نقطة الصفر وذلك بسبب الارهاب الداخلي المدعوم من دول اقليمية ومنظمات ارهابية وفي ظل الاحتلال الذي بات يهدد الامن والاستقرار الذي عمل علىتعطيل الاردادة الشعبية بتساهله مع المجرمين والارهابيين وممارساته التي ادت الى افشال المنهج الوطني في القضاء على الارهاب، وفسحه المجال لقوى مستبدة وجاهلة ان تلعب في الورقة السياسية في الداخل من خلال المفاوضات السرية ومن خلال تسلل العناصر الغريبة الداخلة الى العراق والتي عبرت الحدود بالشكل الذي بات واضحا اسلوبا ومنهجا طويلا لقوات الاحتلال لتحقيق خارطة الطريق في المنطقة .كما يبدو ايضا ان الاحتلال يعمل على منع نمو قدرات جديدة في منطقة ساخنة كالشرق الاوسط والعالم العربي والاسلامي الذي بحسب فهمها يهدد امن اسرائيل وامن امريكا.فقراءة الاحتلال لسياسة المنطقة تقليدية تعودت عليها وتعلمته من حكام دول المنطقة وهي تحب ان تبقي على هذه السياسة فهي تضن انها تعرف تماما من هم حلفاءها وعملائها في المنطقة وتطمئن لهم بالمقدار الذي لايخرجون عن طوعها بحيث الغت محاولة فهم الطرف الاخر وهو نوع من انواع السفه وقلة الحيلة ... وباعتقادنا انها اوقفت مشروع احترام حقوق الانسان وحقوق الشعوب الذي يكفل لها ان تجد طريقا اخر للتفاهم والتعايش السلمي ويساعدها في التخلص من ازمات الحروب والاقتتال اليومي ولسنين طويلة... فمهما شرعت واذرعت قوات الاحتلال في حلقات الاحتلال وهز العصا فلن تستقر الامور مادام الاستعمار لايمكنه الا ان يكون غادرا ... افلم يعلموا ان الشعوب لاتلين مادام فيها شعور الحب للحرية والاشتياق الى التحرر وان نفس الشعوب طويل... ولن تستطع اية ارادة في الارض ان تسحق مالايمكنها سحقه وعليهم ان يستفيدوا من دروس التاريخ.صحيح ان قوات الاحتلال تمكنت من ان تستدرج تنظيم القاعدة وتزجه في معركة مع الشيعة في العراق مستغلة تخلف القيادات الحجرية لهذا التنظيم وغباء قادته التي تحركهم الحالة الطائفية الملعونة والاحتلال يشارك قليلا بضرب هذا وذاك لترشيق خصومهم في شرق المنطقة وغربها ولكنه يسئ الى سمعته ومستقبله حيث ان الشعوب ادرى بما يدورواوعى من ان يستخف بهم احد وسيلعن التاريخ عبث الجبابرة والطغاة، ولن تهدا رياح الحرية ان تتحرك ولن تهدا ثورة البركان ان ينفجروان طال الزمن.ان اكبر خطا يرتكبه الاحتلال هو ترك الباب مفتوحا للقضاء على رجال الفكر الديمقراطي في العراق قادة وعلماء ومفكرين وكفاءات ميدانية يمكن ان يكونوا في المستقبل باب الخير على الجميع... وبالعكس فانها ستحصد نتائج وخيمة غيرمتوقعة في العراق وخارجه بسبب هذه السذاجة وقصر النظر، و هذا ليس من باب التمني او التهديد ولكنه المشروع اللااخلاقي الذي يجري في مسلسل مسرح عمليات القتل الجماعي للابرياء وبهذه الطريقة البشعة في الوقت الذي ندرك تماما قدراته وامكانياته اللامحدودة في السيطرة على الوضع الامني لو سمح لارادة الشعب ان تشارك فعلا في القرار التنفيذي.ان من المتوقع ان تتقدم الشيعة بالمشروع الفيدرالي بعد ان ادرك قادة الشيعة ان لاخلاص لهم الا به نتيجة المواقف السلبية للاخرين منهم في الوقت الذي دعى فيه قادة الشيعة الى الوحدة والديمقراطية والاتحاد لخدمة المشروع العربي والاسلامي بلا اذن صاغية .ولقد خطط الشيعة لتجمع سعيد تحت لواء الاسلام والعروبة فلا المسلمون ساعدوهم واستجابوا لهم ولا العرب ساعدوهم فاجتمعت عليهم ضراب القادة ومخططات الحكام( دول ومؤسسات ومنظمات) بساسيات طائفية عرقية مشتركة بحيث اثرت بشكل سلبي على توجهات الشيعة وبذلك اشترك العرب ومنظماتهم في دفع الشيعة للمطالبة بفيدرالية الوسط والجنوب وهم مضطرون في ذلك للحفاظ على وجودهم وحياتهم من مؤامرات الطامعين في السلطة والمتخوفين من الشيعة، ولقد قلنا مرارا ان لاخطر من شيعة العراق وهل يمكنك ان تسمع الصم الدعاء ( قد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي).ان غباء الساسة العرب سينجب مولود الفيدرالية في الوسط والجنوب ويبدو الامر منطبق على مدينة كركوك التي تحتاج الى فيدرالية مستقلة نتيجة لما يتعرض اليه التركمان من السياسات العنصرية والطائفية بحيث لايمكن ان يحموا انفسهم الا بالفيدرالية التي تضمن حقوقهم وحياتهم.ان الفيدرالية اليوم تفرض نفسها... ولذلك يرى قادة الشيعة التعجيل بتشكيل فيدرالية الوسط والجنوب كما الحال في تجربة فيدرالية الشمال ، والكل يعلم انه اذا ماتشكت الفيدرالية في الوسط والجنوب احتاجت هذه الاقاليم الى تشكيل قوة جوية وبحرية وبرية والى رفع العلم الاقليمي.ويرى القادة الشيعة ان هذه الفيدرالية ستعتمد على نفسها وتدير شؤونها وتهتم بالصناعات النفطية والمشاريع الصناعية والزراعية المختلفة وهم ينظرون الى اهمية الاسراع بهذه الفيدرالية.ان الاطار الفيدرالي المطروح من قبل قادتهم ليس لغرض طائفي وانما لغرض رفع المظلومية والمشاركة الحقيقية في القرار الوطني كما يفعله الاكراد بالضبط.ان مشروع الديمقراطية في العراق جديد ويختلف عن ديمقراطيات العصرالحديث لذلك يجب الغاء فكرة الديمقراطية الى الحكم المتنوع الذي يجمع الاقليات والاكثرية في المشاركة بالحكم وتعدد الفيدرالية بسبب السياسات الرعناء المستبدة .ويبدو ان مشروع المصالحة الوطنية مع المسلحين مشروع مهتز ليس في صالح المشروع الديمقراطي في عملية توزيع المناصب والوظائف والمشاركة مادام الارهاب سيستمر لانه يستند الى دعم النظام البائد ومواليه وسيستمر الارهاب حتى تكون المصالحة مع المجرمين بعد ان تتم تصفية كل قيادات ورموز الشيعة وحتى قواعدهم الشعبية ولذلك فان الفيدرالية هي تقسيم اضطرت الشيعة اليه بسبب الظلم والاستبداد.ان اول بداية لانطلاقة فيدرالية الوسط والجنوب هو الاعلان عنها وتشكيل مجلس وطني وجيش من مشاة وقوة جوية وبحرية وشرطة فيدرالية .ويعتقد الكثيرون في هذه الظروف ان لاضير من تشكيل الفيدرالية ولابد من تحديد حدودها وتحديدجغرافيتها، وتحد حدودها وتحرس من قبل ابناءها بقوة السلطة الشعبية من اجل ان تحقق امنها وتستفيد من كل من له خبرة في مجال الامن والدفاع تماما كما يفعل في اقليم الشمال.ان مشروع الفيدرالية هو الموقف الصائب الذي يقف ضد الفكر الالغائي الذي يسعى الى سحق الديمقراطية ويمزق وحدة العراق فليتحد العراق بالفيدرالية التي تجعل الطامعين يحترمون غيرهم.ان الشيعة رغم سقوط النظام البائد فان مشاركتهم في الحكم مشاركة صورية وهم يشكلون جزءا من ديكور مصطنع ليس له فعل حقيقي فقد اقصت القوى الدولية والقوى الكارهة للشيعة دول ومنظمات دورهم في القرار التنفيذي فاصبحوا بلا وجود حقيقي في السلطة.ان الشيعة اليوم ينظرون اليوم بان الاحتلال لم يكن لمصلحتهم وان من وعدهم بخير لم يف بوعده واصبحوا كارهين لحالة النفاق والازدواجية في سياسة الاحتلال واعوانه.ان مظاهرمقاومة الاحتلال كان عاملا مهما في اطالة الاحتلال لانه لم يحقق للارادة الشعبية ان تحكم البلاد وان الاحتلال افشل المشروع الديمقراطي بسياسته المبهمة فمظاهر قتل الشيعة واغتيال رموزهم الدينية والوطنية واصحاب الكفاءات وعمليات التهجير القسري كلها كرست اجتماع الاجرام اللاديني والاجرام الديني التكفيري. واخيرا نؤكد ان الوحدة الشعبية بين السنة والشيعة خير من الوحدة بين القادة السياسيين وعلى هؤلاء الساسة ان يحترموا الارادة الشعبية فلن تكون الفيدرالية حاجزا لاعادة الوحدة بين العراقيين وستبوء كل محاولات الاعداء بالفشل لان الاستعمار عند غدره والشعوب عند التنظيم والوحدة قدرنا ان عاجلا او اجلا.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha