( بقلم وسام علاء )
لم يعد خافياً على أحد يمتلك أدنى بصيرة ورؤية فاحصة أن السنوات الأخيرة وما تبعتها من الأحداث الحالية أفرزت بشكل واضح وجلي المعنى الحقيقي لكل مظهر من مظاهرة المقاومة والممانعة في عالمنا العربي والاسلامي، وأفرزت بصورة قطعية وثابتة أن هناك غبشاً وفهماً مغلوطاً دفع البعض الى عد بعض التيارات المشبوهة الاصول والنوايا في خانة المجاهدين والمقاومين الساعين الى عزة الامة وكرامتها.ولعل منهج وسلوكيات وأفعال التيار الذي يوسم بالقاعدة ومن يحدو خلفهم من أتباع الفكر الوهابي المتحجر قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك فساد وانحراف وقباحة واجرامية ذلك المشروع الذي قدم لاعداء الامة الكثير من المبررات لمهاجمتها واذلالها والاستفراد بها، ولم يقدم لتلك الأمة إلا وصمها بكل سيئة وقبيحة تبتدئ بالارهاب وتنتهي بالتخلف والتحجّر، وما يصطف بينهما فمما لا عد له ولا حصر من السيئات والقبائح المتنوعة والمختلفة.
فاذا تأملنا في منهج هذه الجماعة فاننا لن نجد حتماً إلا كل ضرر واساءة وفعل اجرامي اعتمد في تنفيذه على نشر ثقافة الكره والتكفير والاستباحة، مرتكزاً في ادائه على عنصري التخلّف وتحريك العواطف واستثارة الغرائز، ولذا فان اتباع هذه المنهج هم أعجز من أن يساهموا في بناء أي شيء حضاري ـ وما تجربتهم في افغانستان وبعض مناطق العراق التي ابتليت بهم خير شاهد على ذلك ـ كما انهم وبفعل الشحن العاطفي والغرائزي المبني على الجهل اسرع الناس بحثاُ على الموت ولو على أشلاء الاطفال والنساء والعجزة، في محاولة منهم للقفز فوق كل الحقائق للوصول الى الجنة الوهمية التي يرسمها لهم مشعوذوهم وسدنتهم حيث الحور العين والنساء الجميلات والقدرة الجنسية المهولة لذلك الباحث عن الموت.
ولكن هل يسع أي أحد منهم أن يقدم للامة مشروعاً ما يساهم في بناء حضارتها ورص صفوفها واقامة بنيانها، أقول ان ذلك أمر لم ولن يستطعه أي احد منهم قطعاً فانهم ليسوا سوى مشايع تخلّف وفتنة وتكفير وموت ذريع، وشتان بين مشرق ومغرب.
تلك الجماعات التي استطاعت في غفلة من الزمن وبسبب الوضع المعروف للشعب الافغاني المسكين أن تفرض وصاية اقامة امارة اسلامية وهابية المبنى والاسس ولسنوات معدودة عمدت خلالها الى نشر ثقافة التخلّف والتخريب والبغض والحقد الطائفي، ومن ثم فان شرها المبني على حسابات معروفة لدى الباحثين الى وضع الامة في خانة الارهاب ووصم دين الاسلامي العظيم بكل معيبة وقبيحة، تلك الجماعات تقف اليوم حائرة خائفة أمام أي مشروع جهادي مقاوم يعريها ويقذف بها الى هاوية الازدراء، ومزبلة التأريخ.فاتباع هذه المدرسة لا يجيدون غير لغة القتل والتفجير باستخدام الجهلة والمتخلفين المشحونين عاطفياً لتقديم صورة مشوهة عن المسلم للعالم وللمسلمين أيضاً على انه مجرم قاتل سفاح، ولا غرو أن يفتخر مقبورهم الزرقاوي باسم الذبّاح!!! حين بعث الله تعالى نبيه الكريم ليكون رحمة للعالمين، ولكن اتباع هذه المدرسة رسموا لرسول الله في عقل الآخر صورة مشوهة يعسر على الآخرين من المصلحين تصحيحها واعادتها الى حقيقتها.
وحتى في العراق ـ حيث اتحفنا الظواهري قبل يومين بكلمته التي بدا فيها أكثر سفسطة من دهاقنة هذا العلم ـ فان كل عمليات القتل المبرمج للابرياء في الاسواق والمساجد والحسينيات ودور العجزة قام بها هؤلاء الحمقى باسم الجهاد، فلا يعد بغريب أن يقف أحدهم وسط سوق شعبي يعج بالناس الابرياء ليكبر عالياً وهو يفجر جسده وسط هؤلاء المساكين المغلوبين على أمرهم، أو يكرر نفس الامر في دار للعجزة كما حدث مؤخراً في مدينة البصرة ليسرع بحثاً عن حصته من النساء الجميلات في عالم الاخرة الذي بات ملكاً لهم من دون باقي البشر.هم من أشاعوا منهج الذبح أمام عدسات التلفزة وتحت لافتة تحمل اسم رسول الرحمة، وهم من عمد الى تفخيخ جثث الموتى، وقتل النساء والاطفال، فاساؤا للجهاد وللمقاومة، فلا غرو أن ينسب أي فعل للمقاومة في العراق الى الارهاب كنتيجة منطقية لافعال هؤلاء الجهلة.
يريد الظواهري أن يقيم امارة اسلامية في العراق، ويتحدث عن الاندلس، وارض العرب والمسلمين تواجه أخطر التحديات واشدها، متناسياً ان العراق رغم ما ألم به من جراح، ورغم حالة الاحتلال التي اطبقت بفكيها عليه، ليس هو افغانستان، وشعب العراق شعب لن تخدعه هذه الترهات وهذه الخرافات، واذا استكانت لهم بعض القرى فهي خوفاً من بطشهم واجرامهم، وانجراراً مؤقتاً الى مشروعهم حتى يستنفذ أغراضه، ولكنهم لن يجدوا لهم شبراً في أرض العراق، ولا اثراً في قلب كل عراقي مثقف ومتعلم، وستثبت الأيام ذلك، وهذا ما يخشاه هؤلاء الأفاقين فعمدوا الى دق اسفين الخلاف المذهبي والطائفي، ولكن الى حين.
انها دعوة لتأمل منهج هذه الجماعة ومقارنتها بغيرها من الحركات الجهادية الشريفة النزيهة الواعية لتعرية أتباعها وأفكارها لانها بحق أشد خطراً على الامة وحضارتها وثقافتها من كل عدو ومن كل شر.وسام علاء
https://telegram.me/buratha