المقالات

يا عبد الجبار الشبوط العراقيون يريدون الديمقراطية ولكن مع دماغهم !.

1186 12:56:00 2008-11-09

( بقلم : حميد الشاكر )

لطيفة جدا كتابات عبد الجبار الشبوط وخصوصا منها مايكتبه بعد هجرته الثانية من الحبشة الى الكويت الشقيقة ، وتعجبني في الحقيقة لفتاته الليبرالية الاسلامية وبالتحديد الداعمة للديمقراطية بشكل مطلق بزمن حكمة :( لايعيش الانسان بالخبز وحده ) ليقال لنا تمتعوا بالديمقراطية واتركوا لنا الثروّة ننهبها كيفما نشاء !.

على اي حال ذكر لنا الاخ الشبوط المحترم نتائج استطلاع اجراه المركز العراقي للبحوث والدراسات يظهر ان العراقيين ومن خلال سؤال استفتائي يعزفون عن اعتبار ان الديمقراطية من الاشياء المهمة جدا في حياتهم الحاضرة ، بل وفي السؤال الاخر يظهر الاستطلاع ان ليس هناك اهتمام اصلا بموضوعة الديمقراطية !.ثم يذكر الصديق عبد الجبار : ان النتيجة مؤلمة بعد خمس وثلاثين سنة من الحكم الدكتاتوري ... لم تتحول الديمقراطية الى شيئ مهم بالنسبة للعراقيين ؟.

الحقيقة ان اخونا الشبوط يرجع هذه النتائج بعد ان يذكر ان العراقيين قد شاركوا بحماس في الماضي في الانتخاب الى انه ليس هناك فكر واعي وتفصيلي عراقي بامكانه الربط بين الديمقراطية وممارسة الديمقراطية ، ولذالك فالعراقيون يشاركون بقوة بالانتخابات الا انهم يعزفون عن التصويت في الانترنت وفي الاستفتاءات للديمقراطية ولهذا تاتي نتائج التصويت والاستفتاءات الانترنيتية مخيبة للامال تماما !.

انا هنا اريد ان أءخذ ظاهرة الاخ الشبوط كظاهرة كاتب ومفكر يكتب عن العراقيين في موضوع معين ويقيّم ادائهم السياسي من خلال استفتاء انترنيتي لاضع اصبعي على الكيفية التي من خلالها يستطيع المثقف ان يقيس نبضات حركة شعبه ، وهل هي كيفية دقيقة ام انها كيفية سقيمة وغير صالحة للعمل الثقافي الجاد ؟. ولأسأل فيما بعد الاخ الشبوط اولا : ماهي الضمانات التي توفرّت للاخ الشبوط لتعطيه هذه الثقة المطلقة بنتائج استفتاء مركز بحوث عراقي انترنيتي ليتخذه مقياسا حقيقيا يبني عليه رؤيته السياسية في الكتابة لتقييم شعب بكامله ، مع علمنا انه كان ماكان هذا المركز لابد انه منتمي لتوجه سياسي معين ؟.

ثم الا يمكن ان يكون وراء مثل هذه الاستفتاءات والنتائج صورة يريد المركز المذكور الترويج لها ، كأن يريد هذا المركز وغيره ان يقول للرأي العام العراقي او يريد ان يقول لصاحب القرار السياسي في العراق ، ان الديمقراطية اصلا غير ذات اهتمام في العراق وعليه يجب الانتقال للحكم الدكتاتوري كآلية مرحب بها طبيعيا ونفسيا عند الشعب العراقي ؟. وهل يعتقد الكاتب الشبوط ان العراقيين فعلا شاركوا في هذا الاستفتاء الانترنيتي ولهذا كتب عن العرقيين انهم لايريدون الديمقراطية او ان عراقيين لايريدون الديمقراطية ؟. أم ان الشعب العراقي الحقيقي والطبقة الشعبية العامة لم تزل اصلا لاتعرف ماهو الانترنت ولا ماهو التصويت داخل المراكز البحثية ، ولهذا فعينة هذا المركز ماهي الا نموذج مضروب ولايمثل الشعب العراقي بالحقيقة ؟.

ثم بعد هذا لماذا ربط الاخ الشبوط بين نتائج التصويت وبين قلة الوعي الثقافي الديمقراطي للعراقيين ؟. وكيف استطاع ان يستخلص من ظاهرة المشاركة الواسعة للعراقيين في الانتخابات الماضية وبين نتائج التصويت على اساس ان هذه الخلطة العجيبة ماهي الا نتيجة عدم الوعي التفصيلي للعراقيين بثقافة الدمقرطة الحديثة ؟.الا يمكن ان يكون العكس هو الصحيح ياسيد شبوط ؟. اي ان مشاركة العراقيين الكثيفة بالانتخاب هي دليل على وعي العراقيين لاهمية الديمقراطية للعراق ولكن بدون كلام و ان استفتاءات مركز بحوثك الموقر مدلس ومخترع نتائج غير واقعية بالنسبة للعراقيين والديمقراطية مما يؤكد ان هناك لعبة سياسية بمثل وراء هذه الاستفتاءات تريد تمرير مشاريع الدكتاوترية ضد العراقيين لتقول : مرحبا بالدكتاتورية لان العراقيين غير مرحبين بالتصويت للديمقراطية ، فتقدم هذه النتائج لطاولة البيت الابيض ويتم التعاقد مع جنرال مجرم وتتم الكارثة ؟.

ولنقل على فرض ان الشبوط على حق ومركزه البحثي ايضا على حق في استفتائه ، ولكن لماذا ندرس حالة عزوف العراقيين عن التصويت لاهمية الديمقراطية بعد خمس وثلاثين سنة من الدكتاتورية على اساس انه قلّة وعي فكري ديمقراطي كما يرى عبد الجبار ، بينما ان لهذه الظاهرة الاجتماعية اكثر من تفسير ، فمثلا اولا : هناك تفسيريقول ان العراقيين بعد ماجرى لهم من خلال الاربعين سنة الكارثية التي مضت فقدَ الانسان العراقي الشعور بجمالية الكماليات الحياتية ، اذا اخذنا قول من يقول الخبز والامن قبل الديمقراطية ، وفهمنا ان الديمقراطية ليست وصفة سحرية بل هي منتج اقتصادي مرفه وحالة امنية واستقرار سياسي طبيعي ، وعلى هذا نستطيع فهم عزوف العراقيين عن التصويت للديمقراطية ليس على اساس انه قلّة وعي ، بل على اساس انه وعي تام من العراقيين للاولويات الطبيعية التي تسبق ظهور الديمقراطية الا وهي الاقتصاد والاستقرار ، وعلى هذا لااشكالية في عدم تصويت العراقيين للديمقراطية ، بل الاشكالية وعدم الادراك الطبيعي للعراقيين ان صوّتوا للديمقراطية قبل الاسس الواقعية لولادتها ، وعلى هذا يكون العراقيون اذكى كثيرا من الشبوط وعيّا بحركة الديمقراطية وليس العكس !.

ثم ثانيا : ربما كان العراقيون لايصوتون للديمقراطية باعتبار انهم يدركون ان هناك ديمقراطية غربية امريكية تصطدم مع معتقداهم واخلاقياتهم الشرقية ودينهم الحنيف وتركيبتهم النفسية الشرقية ، فهم لذالك غير مرحبين بديمقراطية الاستفتاءات البحثية التي تريد التصويت على الديمقراطية كحزمة غربية لاتقبل التفكيك ، فهم مدركون لهذه الديمقراطية وكيف انها لاتناسب وجودهم الديني والتربوي ، ولكن هذا لايعني ان العراقيين ضد الحرية وكرامة الانسان التي تختزلها الديمقراطية الغربية في افكارها ، لابل ان العراقيين مع الحرية ومع كرامة الانسان ومع تمتعه السياسي بالمشاركة ولكن كل هذا يفصله الانسان العراقي عن مصطلح الديمقراطية الغربية لتتماشى مع سلوكياته ووجوده ، ولهذا هذا هو التفسير الصحيح الذي يوضح لماذا الانسان العراقي لايصوّت للديمقراطية الغربية ، ولكنه من الجانب الاخر يرحب وبعمق بالمشاركة الانتخابية ويطالب بحرية الراي وكرامة الانسان ، بنفس الوقت الذي لايريد التصويت للديمقراطية بوجهها الاستعماري السيئ !.

نعم ثالثا : ربما الانسان العراقي يرى ان الادارة الامريكية قد استهلكت الديمقراطية كمنتج سلعي ، بحيث ان الانسان العراقي يرى ان كل الجرائم والدجل السياسي الامريكي سوّق باسم الديمقراطية حتى اصبح اسم الديمقراطية قرين الموت والفقر والحصار بالنسبة للعراقيين ، عندئذ من حق الانسان العراقي ان لايرحب بالديمقراطية ولايصوّت لها ولايرحب بها مطلقا اذا كانت تعني الدمار والاستعمار والقتل والحرب .............، وخذ لقطة فيديو كليب وتنازل لي عن دماغك .... وهلمّ جرّا !.

على ماتقدم وماتأخر مما ذكره الاخ الشبوط ، ندرك ان ظاهرة الكاتب والمثقف العراقي عند الكتابة تكون منطلقة في اغلب الاحيان من انفعالات شخصية وليس من منطلق حقائق واقعية على الارض ،لان حقائق الارض الواقعية لاتقول ان العراقيين مصابين بمرض فقر الدم الديمقراطي بل التحاليل اثبتت ان العراقيين مملوئين حيوية دموية متحركة تدفعهم للمشاركة بالانتخابات حتى وان شكل ذالك اخطار ارهابية من هنا وهناك اي بمعنى ان الاخ الشبوط عندما كتب عن ظاهرة عدم ارادة العراقيين للديمقراطية ، فانه كتب ذالك ليس لان المعطيات الواقعية تؤكد ذالك بل لانه هو شخصيا يرى ان العراقيين لايريدون ديمقراطيته هو الشخصية الذي يفهمها بصورة فردية وثقافية وربما غربية بعد الهجرة الثانية !.

نعم ليس من الضروري ياسيد شبوط الربط بين الامن والخبز والديمقراطية بهذا التعسف ، فربما كانت الديمقراطية مدخل لنشر الفوضى والخراب ونهب الثروات من البلد ، وهذا مالم يصوّت له العراقيون ابدا ، بل بالامكان ترتيب المصطلحات بشكل طبيعي ليتوفر الخبز ويدعم الامن والاستقرار لتنتعش الديمقراطية وتسير بثقة !.أليس هذا افضل ؟.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك