المقالات

شبه اجماع على السخرية

1301 15:17:00 2008-11-15

( بقلم : مهند السماوي )

تنتشر في المواقع الالكترونية وخاصة الاعلامية ومنها الصحف والقنوات التلفزيونية،الردود والتعليقات من القراء والزائرين على المواضيع المنشورة،وهي فكرة منقولة من وسائل الاعلام الغربية،ولكن مطبقة بصورة مشوهة في المواقع العربية!،لكون انها فكرة ذكية لربط القراء بالحدث المنشور واستطلاع آرائهم وافكارهم والاستفادة منها ايضا كذلك لمعرفة توجهات الرأي العام،وهي ايضا وسيلة لجذب اكبر عدد ممكن من الزائرين للموقع الالكتروني، بحيث تصبح شبه عادة من خلال رؤية الرأي منشور على صفحة الموقع وهناك من يرد عليه.

التشويه يقع عند النشر،ففي المواقع العربية تحذف وبصورة متعمدة كل التعليقات والاراء المعارضة لسياسة الموقع المعلنة،بالاضافة الى حذف كل التعليقات المسيئة وهي تصنف على اساس اساءة اخلاقية او اساءة لعقائد الاخرين،وبالنسبة للفقرة الاخيرة فأن المواقع العربية تختار ما يناسب عقيدتها الدينية والمذهبية والفكرية وتبقي كل مايسئ لعقائد واديان الاخرين،بينما في المواقع الاجنبية،والغربية منها بالخصوص فأن درجة الموضوعية رغم انها ايضا غير كاملة الا انها في مستويات عالية وتفوق بصورة كلية مستوى الحرية الممنوحة في المواقع العربية،وهذه الصفة موجودة ايضا في المواقع الاجنبية باللغة العربية مثل موقع البي بي سيBBC العربي الذي يخصص بعد الاخبار الرئيسية خانة شارك برأيك لعدة مواضيع في آن واحد،وهذه الصفة جزء من ازمة عامة دائمة يعيشها العالم العربي من خلال التضييق على الحريات وخاصة حرية التعبير.

مقارنة بين موقعين في موضوع واحد:

عقد في يومي 11و12112008 مؤتمر في نيويورك في مبنى الامم المتحدة لحوار الاديان تلبية لدعوة سعودية.وللتعليق على الخبر ومعرفة طريقة تعامل المواقع الاخبارية العربية والمواقع الاخبارية الاجنبية،نختار موقعين يهتمان بنشر اراء المعلقين كجزء من سياسة اعلامية اشرت اليها سابقا،والموقعان هما موقع قناة العربية الفضائية السعودية التمويل والموجودة في دبي بالامارات العربية،والاخرى موقع هيئة الاذاعة البريطانية والمتكون من راديو وتلفزيون، والممول من قبل الحكومة البريطانية ولكن مستقل عنها،مما ادى الى شهرته عالميا كونه اكثر موضوعية من غيره من وسائل الاعلام المعروفة.

والخبر المنشور في قناة العربية،توجد عليه ردود قليلة بالقياس الى عدد ردود البي بي سي والتي تطرح الموضوع تحت اسم:هل يمكن للسعودية رعاية حوار الاديان.ولايحتاج تفسير لمسألة قلة العدد في موقع العربية بالقياس للموقع البريطاني سوى ان هامش الحرية المسموح ضيقا بحيث يتجنب الكثيرين من ابداء آرائهم وتعليقاتهم لانهم يعلمون مسبقا انها سوف لن تنشر بينما يكون الوضع على العكس تماما بل مشجعا للزيارة وابداء الرأي في موقع البي بي سي.

من خلال المقارنة بين الاراء والتعليقات المنشورة في الموقعين،يمكن رؤية سذاجة وسخافة انتقاء الاراء في موقع العربية بحيث ان الاراء المنشورة كلها تصب في خانة التاييد لدعوة ملك السعودية وبشكل مثير للسخرية ولا تختلف الاراء عن آراء وتعليقات المطبلين للحكام في العالم العربي،بل لم اشاهد تعليق واحد ضد الدعوة السعودية لحوار الاديان فهي كلها تمجيد وتطبيل وبصورة غير معقولة مما يجعل المتابع لها يرفضها جملة وتفصيلا.

بينما بالمقارنة مع الاراء والتعليقات المنشورة في موقع البي بي سي،وهو يتضمن آراء الزائرين للموقع من شتى البلدان العربية بما في ذلك الساكنين في خارج حدود العالم العربي،ومن خلال عرض نتائج التعليقات وهي تعبر بصورة اكثر واقعية عن حالة الرأي العام العربي بصورة اجمالية،تتبين لنا الكارثة حيث الاغلبية الساحقة ترفض الرعاية السعودية للمؤتمر كونها غير مؤهلة اطلاقا لمؤتمر يحث على التسامح والحوار والانفتاح نظرا للسياسة المعلنة والمعروفة تقليدا عن المملكة كونها من اكثر بلدان العالم انغلاقا وتعصبا!.

وعند العودة لمنشأ الاراء المؤيدة في البي بي سي يمكن مشاهدة ان اغلبية المؤيدين للسعودية رغم ان نسبتهم ضئيلة لاتتجاوز10% هم من سكان السعودية نفسها!وليس من خارجها ممايدل على عمق الكره الموجه للحكم السعودي وطريقة تعامله سواء في الداخل او الخارج وتأثيرها على الرأي العام العربي وتوجهاته،وبعض الاراء المؤيدة هي في الحقيقة رد فعل عصبي على كون الاراء المعارضة تفسر على انها معادية للوطن في ربط خاطئ بين مفهوم الوطن والحكم السعودي والعلاقة بينهما وهي لا تختلف عن العالم العربي بأعتبار ان الانظمة هي الوطن ومن يعارضها يكون قد خان الوطن ويستحق اقصى العقوبات!.

كذلك فأن الاراء المعارضة تكون في الغالب مدعومة بأدلة منطقية من خلال رؤية مسار السياسة السعودية من خلال تعاطيها للملف الديني كجزء من تعاملها مع الاخر،بينما تكون الاراء المؤيدة خالية على الاغلب من اي دليل منطقي لكونها يستند على الرواية الرسمية التي تقول ان الدولة هي التي تدعم الحوار من خلال منح الاخرين كافة حقوقهم الدينية واحترام خياراتهم المشروعة،وبذلك تكون ترديد لما ينشره الاعلام الرسمي السعودي.

وبالنتيجة يمكن الاستناد الى ان المواقع الالكترونية العربية ومنها موقع العربية الاخباري،هي فاقدة للمصداقية والموضوعية،والاراء المنشورة لاتعبر بصورة شبه اجمالية عما يشعر به المواطن العربي بصورة عامة،واعتقد ان النتيجة هي قريبة للاراء المعروفة عن الشارع الغربي والذي تتفاوت فيه الاراء ولكن تكون مقاربة لما هو موجود من ارآء على موقع البي بي سي على سبيل المثال.

المثال المذكور هو نموذج لمدى التفاوت الصارخ بين الموقفين الرسمي والشعبي العربي وكذلك الفجوة البالغة الاتساع بينهما والتي تصل لحد القطيعة الكاملة من خلال الرفض المطلق لكل الدعوات الرسمية حتى لوجاءت بصيغة الدعوة للحوار او اصلاح الذات.

ملخص الاراء المعارضة:

الدعوة السعودية لاجراء حوار الاديان،هي محاولة سياسية مكشوفة لاصلاح صورة السعودية التي تشوهت في العالم الغربي بعد احداث سبتمبر2001،بأعتبار ان مركز الثقل العالمي السياسي والاقتصادي والحضاري هو موجود في العالم الغربي.عانى العالم الاسلامي كثيرا من جراء التطرف الديني والمذهبي السعودي على مدار ثلاث قرون مضت وبقي السيف السعودي مسلطا على الداخل والمحيط الخارجي ولم يصل الى ابواب العالم الغربي الذين يحرص على حماية ارواح مواطنيه بصورة تفوق اي اعتبار اخرالا بعد احداث سبتمبر المعروفة مما اشعل لهيب الحرب المعلنة على التطرف الديني المستند على تفسير واحد ذو اطار ضيق،كذلك السخرية تأتي من كون السعودية تعامل مواطنيها والمقيمين فيها وفق اصولهم العقيدية سواء اكانت دينية اوفكرية،وهي تعامل الذين لاينتمون للمذهب الحاكم(الحنبلي) كمواطنين من الدرجة الثانية هذا بالنسبة لمذاهب السنة ،اما بالنسبة لاتباع المذاهب الاسلامية الاخرى ومنها المذاهب الشيعية المختلفة فأنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثالثة! بل لا يوجد احترام لانسانيتهم وكرامتهم المستباحة،فكيف يكون حوار مع الاديان الاخرى وهناك فقدان لحوار حقيقي مع اتباع المذاهب المختلفة ضمن الدين الاسلامي الواحد!،وهذا غير التعامل السلبي مع الذين يعتنقون مذاهب فكرية مختلفة وخاصة السياسية منها.

بينما تعامل البلدان العربية والاسلامية مع مواطنيها،خاصة الذين يقعون ضحايا نتيجة لانتشار التطرف الديني السعودي،لم يكن بمستوى المسؤولية او حتى احترام لانسانيتهم المستباحة، ولو كانوا مثل التعامل الغربي مع ما جرى من احداث دامية لما انتشر التعصب والتكفير والارهاب الذي هو نتيجة ثلاث قرون مضت من انتشاره.

كذلك حضور المؤتمر رئيس اسرائيل يثير التساؤلات في ظل معاناة الفلسطينيين المستمرة،وحضور الفاتيكان في ظل البابا الجديد الذي اثار المسلمين قبل عامين من خلال اتهام الاسلام بالتطرف والارهاب عكس سلفه الذي كان معتدلا في مواقفه.

في اكثر التوقعات ان المؤتمر لن يؤدي الى اي نتيجة مرجوة منه كون ان غالبية المشاركين لايطبقونه بالفعل،او تاريخهم يتعارض مع دعوات الحوار السلمي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمود الشمري
2008-11-15
لاتستغرب ياأخي لأننا غير ديمقراطيين وهذه حقيقة لانستطيع تغييرها,نعم نحن مع الديمقراطية التي تحترم الأخرين وضد اي رأي وقح يهدف الى اشاعة الفساد ويدعم الباطل,ولكننا مع الرأي الجريْ والموضوعي.اليوم فقط قمت بالتعليق على خبر بلاك ووتر والأسلحة الكاتمة المنشور في موقع براثا الرائع وانا شبه متأكد بأنه لن ينشر لأن فيه جرأة وهو لايرضي بعض الشباب المسؤول عن الموقع وأنت ىتعلم بأن من أكبر مشاكلنا هو الشباب المتحمس
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك