المقالات

الاتفاقية الامنية / التوافق "السنية" وشروط الابتزاز والطائفية .. والمراهنات الفاشلة

1562 23:53:00 2008-11-24

( بقلم : غسان اكرم )

مراهنات الجبهة السنية على فشل المفاوضات بين الحكومة العراقية وادارة البيت الابيض بخصوص الاتفاقية الامنية جاءت لتخيب الامال لدي زعماء تلك الجبهة وكل الكيانات التابعة لها والتي كانت تأمل فشلها وبالتالي حصول "خلاف شيعي امريكي" يؤدي الى ان تلجأ واشنطن الى الجبهة ومكوناتها لتمرير الاتفاقية باالطرق التي ترتأيها ومنها وقف العملية السياسية والتوسل بالاسلوب التقليدي الذي استذوقه سنة العراق طوال 80 سنة اي الانقلاب العسكري !

الا ان الرياح جرت وتجري بما لا تشتهيه سفن "الجبهة السنية" حيث شيعة ما بعد الالفية الثانية ليسوا كشيعة الالفية التي سبقتها فالشيعة واحزابهم وقياداتهم عرفوا اليوم من اين تؤكل الكتف واستوعبوا جدا تجربة ثورة العشرين وتجارب التي تلتها في ظل الاحتلال البريطاني في العشرينات من القرن الماضي ورفضهم توقيع معاهدة "بورث سميت" التي كان رفضها بمثابة المسمار الذي دقه "السنَة" في مسمار "النعش الشيعي" حتى حين! والذي ادى باالتالي الى ان يخسر الشيعة الحكم والسلطة لاكثر من 80 عاما ‘

واليوم قد يعيد التاريخ نفسه ولكن ليس بالاتجاه الذي كان سائدا سابقا حيث الشيعة اليوم هم من يصنع تاريخ العراق الجديد ليكون الجميع سواسية في ادارة شئون البلاد دون ان يستفرد بها طرف دون اخر ‘ ومن هنا ايضا جاء شبه الاجماع الشيعي على قبول الاتفاقية الامنية مع واشنطن بعد ادخال بعض التعديلات المهمة فيها كي تكون مقبولة محليا واقليميا ودوليا ‘ دعك عن رفض التيار الصدري الذي يقوده السيد مقتدى الصدر للاتفاقية جملة وتفصيلا فهذا التيار للاسف قد فقد البوصلة السياسية في المشهد العراقي ولا يدري حتى زعماءه ماذا يريدون ولماذا يعترضون ولماذا اصبحوا "شاذين" في المشهد العراقي حيث بمثل هذه المواقف المتشددة قد خسروا موقعهم اللازم لادارة شئون البلاد وصاروا على هامش العملية السياسية يستغلون تارة من هذا الطرف وتارة من ذلك الطرف لاهداف غير شريفة كان من المفترض ان لايكون كذلك !

الجبهة السنية للتوافق كانت في قرارة نفسها تسعى لكي تكون هي المنقذ للموقف الامريكي في العراق وذلك من خلال دفع بعض الاطراف الشيعية وحتى السنية التي لا قيمة لها في المشهد العراقي كالتيار الصدري و"هيئة الضاري" وبعض البعثيين الانتهازيين لرفض الاتفاقية الامنية لتسجل بذلك نقطة ضد الطرف الشيعي ونجاحا لاجندتها الا ان مصادقة حكومة العراق الوطنية بالاغلبية المطلقة على الاتفاقية الامنية التي يطلق عليها "باتفاقية الانسحاب" احرجت الموقف السني وخربطت كل خططها ومراهناتها ولم تكن تتوقع ان تاتي المصادقة بهذه السرعة وبكل طاقم الحكومة وكانت الوزيرة "السنية" المحسوبة على التوافق هي "الرقم الشاذ" رغم مواقفة البقية الا ان الجميع فهموا الرسالة وعرفوا ما تريده الجبهة السنية لذلك وبعد المصادقة مباشرة وتحويل الملف الى البرلمان شعر "التوافقيون" السنة ان البساط بدأ يسحب من تحت ارجلهم وان الوقت ليس لصالحهم وادركوا ان الشيعة هم اذكى مما كانوا يتصورون فسارعوا بوضع شروط في الوقت الضائع للتوقيع على الاتفاقية لا علاقة لها باصل الموضوع كمحاولة لابتزاز الجانب الشيعي والامريكي على حد سواء !

الجانب السني المتمثل في جبهة التوافق التي تعتبر نفسها الممثل الوحيد له مازال يحلم بعودة المعادلة السابقة ويحلم بان تعود دولة المخابرات والعسكر والسجون وعقود وعهود القتل والسحل لحكم العراق نسوا ان العراق وبزوال نظام الفرد والعشيرة والطائفة وبروز المؤسسات المدنية والتعددية السياسية ونظام الفيدرالي الاتحادي لا يمكن ان يعود الى عهده السابق وما يحمله من كابوس مميت للشعب العراقي ومكوناته المختلفة ‘ ولذلك فان مواقف تلك الجبهة والكيانات السائرة في نهجها قد بنيت ومازالت على التفكير ذاته وتؤسس بعقلية فاقدة للموضوعية والمنطق وهو ما يدفع دائما بقادتها لرفع مطالب غير عقلانية ووضع شروط لها اثر تدميري على الكيان السني العراقي وليس على الاطراف الاخرى التي قبلت باللعبة الديمقراطية ووضعت نفسها قيد نتائج صناديق الانتخابات والتصويت الشعبي الذي يشكل النظام البرلماني احد ابررز معالم الديمقراطية والتعددية السياسية .

ربط قبول الاتفاقية الامنية والتوقيع عليها بمزايا خاصة وكبيرة في الواقع السياسي العراقي متمثلا باعطاء الجانب السني حصة اكبر من حجمه تفوق حجم مكونات الشعب العراقي الاساسية مجتمعة والتهديد برفضها ـ وهو ما لا يحصل ـ يعتبره اغلب المراقبين والمحليين السياسيين بانه عمل غير اخلاقي وابتزاز للواقع القائم ومحاولة عاجزة لفرض قيم الاستبداد والنظام الشمولي ولم يكن موفقا لما يتضمنه من خطاب واصطفاف طائفي ودعوة صريحة وواضحة للمحاصصة الطائفية مشفوعة باطلاق سراح المعتقلين المتورطين في جرائم القتل والارهاب وقضايا امنية خطيرة اطلاقهم يعني العودة الى المربع الاول وضرب الاستقرار الذي بدأ يحظى به الوضع العراقي بفضل فرض النظام والقانون على الجميع .

منذ البداية ومن اليوم الاول لقيام النظام العراقي الجديد بعد سقوط نظام البعث كانت مراهنات الجانب السني فاشلة وستظل فاشلة مادام ان زعاماته لهم اصرار على ان يكون العراق يحكمه مكون واحد دون غيره وربط مصيره باجندة خارجية واشراكها في تقرير مصير العراق وهو ما يفسر سفر المشهداني "رئيس البرلمان" فجأة الى الاردن ولقاءه بشكل سريع الملك الاردني ووضعه في اجواء الاتفاقية الامنية التي لا دخل للعربان ودول الجوار بها خاصة وان لدي كل دولة بحد ذاتها معاهدات واتفاقيات ثنائية مع الدول الكبري وحتى الدول الاقليمية كاسرائيل فهل اشركوا العراقيين في اجواء اتفاقياتهم مع اسرائيل او حتى مع امريكا ؟ فلماذا اذن نشركهم في قاضايانا الداخلية الخاصة بنا ولماذا نسمح لهم بالتدخل في قضايا ونعبد لهم الطريق الى ذلك ؟ فما دخل النظام السوري او القطري او حتى السعودي بما يوقعه العراقيون من اتفاقيات ومعاهدات مع الدول والقوى العالمية ضمن الضوابط التي تحافظ على سيادة العرق ومصالحه ؟

الاتفاقية الامنية التي صادقت عليها الحكومة العراقية تعتبر وسيلة للوصول الى السيادة ولانسحاب القوات الاجنبية من العراق ووضع البلد على السكة السليمة التي تضمن تطوره وازدهاره واستعادة عافيته وهو ما لا يريده العربان ولا المتواطئون مع الارهابيين ولذلك يخشى بعض الانظمة العربية من توقيع الاتفاقية ويعتبرها تهديدا لها وهي لا تشكل تهديد لها بقدر ما انها تساعد العراق لدفع تهديداتهم وتدخلالتهم في الشأن العراقي ودعمهم للارهاب وهو ما دفع بالجانب السعودي كي يعبر عن قلقه من تلك الاتفاقية وان لا تشكل في نظره تهديدا لدول المنطقة ! وهو ما لم يفهمه بعض المراقبين حيث كيف يمكن ان تكون "الاتفاقية" التي هي ليست الاولى من نوعها في المنطقة وتشكل واشنطن طرفا فيها مصدر تهديد للدول الا اذا كان السعوديون يعتبرون ايضا ان الاتفاقيات الامنية القائمة بين دول المنطقة ـ كقطر والبحرين ومصر والاردن ـ وامريكا وحتى اسرائيل مصدرا للتهديد !!

على الطرف السني في المعادلة العراقية ان يفهم ان العراق لن يعود الى قيم النظام السابق ولا الى الحكم الشمولي والطائفي وان التعددية السياسية هي الطريق الاسلم للحافظ على وحدة العراق واستقراره وان شروطهم تلك سوف تكون كارثة عليهم قبل غيرهم وان الخاسر هو الطرف الذي مازال يصر على الباطل ويرفض منطق الحق .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كريم الساعدي
2008-11-24
وما ان استلم المعلم الامر الادري بنقله كتب قصيده الى مدير التربيه ردا على مهزلة تكرار نقله ومخلص القصيد ه في هذا البيت الذي يقول فيه(وفي العدل الصحيح ما استقمنا....فكيف وبالاعيوج نستقيم).بعد هذه المقدمه نعود الى جبهة التوافق والاتفاقيه فأقول والله شاهدا علي لو كان الائتلاف رافضا للاتفاقيه لقالوا انهم عملاء لايران ونفذوا اجنده ايرانيه برفضهم للاتفاقيه لكن وكما تحدث الاخ صاحب المقال حينما سحب الائتلاف البساط من تحت اقدامهم وانكشفت عوراتهم اردوا التشبث بهذ المطلب وذالك علهم يستروا قبائحهم به
كريم الساعدي
2008-11-24
معلم العماره والاتفاقيه يحكى ان معلما كان مجدا في عمله محبا لتلاميذه احبه الناس واحب الناس وكانت الامتحانات الوزاريه(البكلوريا) هي مقياس مثابرة هذا المعلم في الجد وتعليم اطفال الفقراء. لكن يبدو ان مدير تربية العماره انذاك لم تعجبه تصرفات المعلم المخلص فأصدر امرا اداريا بنقله من منطقة( العدل) الى منطقة (الاعيوج)واستمر المعلم على نهجه السابق وتوطدت العلاقه بينه وبين التلاميذ من جهه وبينه وبين اهالي القريه من جهه اخرى وهذا ما اغاض مدير التربيه لينقله مجددا الى مدرسه نائيه اخرى من قرى العماره
ali
2008-11-24
بعد ان حذرنا مرار وتكرار عما يجري في ام قصر من تواطئ القوة البحرية مع الخارجون عن القانون وصرخنا واستنجدنا بان الممول الرئيسي مؤيد رحيم ابو حوراء لكل الخارجون عن القانون ومقراتهم في كل انحاء العراق الذي كان يمول المجرمون عن طريق موانئ ام قصر ونهب ثرواته وما ياتي عن طريق الاستيراد كالسيارات وفرض الاتوات والمواد الانشائية لبناء مقراتهم وتحت انظار القوة البحرية رجع بعدما سد افواه اصدقائه القدماء من ضباط استخبارت وغيرهم من الضباط ببعض دفاتر الدولارات واخفوا الادلة وفساده الاداري المرعب وعودة قائد مليشيات ام قصر علي صابر اكبر مجرم الى الناحية وتحت ايضا انظار القوة البحرية واسماعها وعن طريق المفاوض الوسط بين البحرية وهؤلاء المجرمون الذي اخذ يقوم بالترتيبات للقيام باالهجوم والفوضى حال توقيع الاتفاقية وهو المدعو رضا وحكيم فاضل في مركزهم الثقافي في ام قصر فاننا اليوم وبعد فراغ المنطقة تماما عن اي جندي بعد هطول الليل وعن اي دورية عسكرية وكان القوة البحرية وجهت عقوبة الى اهالي الناحية لانهم سجلوا الشكاوى ضدها في المواقع والانترنت نرى التحرك الواضح والمريب للغوغاء في منطقتنا وهم يدخلون السلاح والصواريخ ويوزعون اعونهم لينشروا الخوف والرعب على كل من بلغ عليهم واستنجد لدى المواقع لينتظروا ساعة الصفر ليقوموا بجرائمهم وان ساعة الصفر هي ليلة توقيع الاتفاقية اذا القوة البحرية والممول الرئيسي وقائد المليشيات واعوانه المجرميين هم سبب كل مجزرة ستحصل في ناحية ام قصر المحرر : Salah
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك