المقالات

ولاية علي عليه السلام/ 1

1204 16:19:00 2008-11-27

( بقلم : مصطفى كامل الكاظمي )

بسم الله الرحمن الرحيم: " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" المائدة/ 55

تقديم:ان من ألطاف الله سبحانه على عباده منذ انطلاقة البشرية على الارض، ان بعث فيهم ومنهم رسلاً وأنبياء لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يفعلون، ولمشيئته خاضعون وعن عبادته لا يفترون، يبلغون وحيه، فهم القادة اليه تعالى، إذ جعل لكل أمة رسول وجعل من بعده هداة يتبعون نهج الرسول و يقتفون أثره كما يقول القرآن الكريم:{ولكل قوم هاد}.

النبي والرسول القائد هو خليفته تعالى في الارض، وهو العالم الرباني المودعة فيه أسرار الكون، وقبل ذلك هو الحضور الدائم والمعرفة التي لا تغفل ولا تنفك عما يريده الله تعالى من البشر، ويتجلى للفهم هذا المدعى في قوله تعالى لخاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم:{ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين}النحل/89. وأمر الناس بطاعة الرسول والأخذ بما آتاهم به ثم الإستنان بسنته{وما آتاكم الرسول فخذوه}، واتباع ولايته التي هي ولاية الله تعالى بصريح القرآن الكريم :{ ومن يطع الرسول فقد اطاع الله }النساء/80 ، كما يواجهنا العديد من الآيات الملزمة لإتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بكل ما جاء به، كما في الاية:{ ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى } النجم/2-4.عليه جاء الجزم بأن اتباع الرسول يعني الايمان بالله تعالى مع الأقرار برسالاته، ويعني ايضاً التسليم التام لزعامة الرسول الدينية وقيادته الدنيوية، وبكلمة: إمامته المطلقة...! هذه الامامة هي ذات الإمامة التي طلبها النبي ابراهيم الخليل عليه السلام- أبو الموحدين- من قبْلُ لذريته بهدف قيادة البشرية نحو الله تعالى والسير اليه حسب حكمته سبحانه وتعالى، فالقرآن الكريم يقول:{وإذ ابتلى ابراهيمَ ربّـُه بكلمات فأتمهن قال اني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}البقرة/124...إذ حصرت الآية الشريفة الإمامة- المنصب الإلهي لقيادة البشرية- بشخوص الذرية {ومن ذريتي} فجاء التأكيد حصرياً بأنهم شخوص طاهرون، تميزوا عن سواهم بالإستقامة والكفاءة والإستعداد التام لتلقي الأمر الإلهي وتحمل أعباء التبليغ والحكم حال تمكنهم منه بدليل قوله تعالى في ذيل الآية: {لا ينال عهدي الظالمين} وكذا بضم آيات أخر كآية التطهير/سورة المائدة:{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً}.

وقد سلّموا تسليماً مطلقاً له تعالى لا يكلون ولا يحيدون عن جادة التوحيد طرفة عين أبداً، يحاربون الضلال الفكري والإنحراف العقائدي والفساد الاجتماعي والسياسي بكل ما آتاهم الله من قوة، وبنفس النهج الذي سلكته حركة الأنبياء عليهم السلام، حتى اذا ما تهيأ لهم ذلك كانوا أمناء الله تعالى على وحيه ومنفذي شريعته بين عباده:{الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} الحج/41.

من هنا كانت الإمامة- متمثلة بهؤلاء الكُمّل المستخلفين في الارض- أساساً للحكم، وهي كما يعرّفها المفكر الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر(رض) في كتابه الاسلام يقود الحياة :"حركة دائبة نحو قيم الخير والعدل والقوة، وهي حركة لا توقف فيها لأنها متجهة نحو المطلق".

القيادة من بعد الرسول محمد صلى الله عليه و آله وسلم،هي امتداد لخط ولايته التي هي ولاية الله وبأمره سبحانه وتعالى، ولقد حدّد معالمها رسول الاسلام العظيم وحصرها في اشخاص أهل بيته الاطهار عليهم السلام بالكثير من النصوص الصادرة عنه والمعتبرة عند عقلاء الأمة وعلمائها، وهي تملأ خافقي مواريث الامة الحديثية وسير تواريخها، تفصح تلك النصوص والاحاديث الشريفة بدلالة الاسماء الصريحة للأئمة عليهم السلام حيناً، وبالوصف والإشارة أحياناً أخرى حسب مقتضيات الحديث وتقديرات الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم للحديث وغاياته. وكل ذلك لم يكن من ارادة ورغبة الرسول المصطفى كما أنبأ وأخبر هو صلى الله عليه وآله وسلم بذلك مرات ومرات وفي مواقف ومواطن عديدة، بل كانت إرادة الله تعالى وأوامر حكمته التي اقتضت أن يبلغها الرسول الأمين للأمة على أكمل وجه التبليغ. الى هذه المعاني جاءت واقعة غدير خم كمصداق أجلى مكّن رجال الدين وأقطاب العلم من سوقه في إثبات إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام وقيادته من بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبالوصف الذي اردنا له هذا التقديم.

آية التبليغ :{ يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين}المائدة/67، هذه الآية التي صدح بها الوحي جبرائيل في حجة الوداع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تزال تصرخ بهذا التنصيب الإلهي لإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، بالإضافة الى آيات محكمات لا يمكن التشويش على بيانها ودلالاتها مع نصوص نبوية جمة بلغت حد التواتر والقطع كلها تؤدي الى تعيين الخلفاء الأئمة الاثني عشر من أهل بيت الرسول بدءاً من أولهم وأول الناس إيماناً وإسلاماً علي بن أبي طالب وانتهاءً بخاتمهم الثاني عشر قائمهم الأمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.

أما آية "الولاية":{ انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }المائدة/55.والآية اللاحقة بها مباشرة{ ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون}المائدة/56،الا شهادات دامغة وواضحة دفعت المفسرين لحصرها في شخص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي تصدق بخاتمه حال ركوعه في الصلاة الى السائل الذي طلب الصدقة وعلى مرآى ومسمع من صحابة الرسول الأكرم في المسجد.

اضافة الى ما عدّه المفسرون وأحصاه المختصون من آي القرآن المجيد اذ جاوز المائة آية تدل على ولاية وإمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وأكثر من نصف تعداد آي القرآن الكريم جاء وصفاً وتلميحاً وإشارة فيه وفي أبنائه الأئمة المعصومين عليهم السلام. يفيد هنا ايضا ذلك الكم الهائل من الاحاديث المعتبرة والموثقة للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ونصوص السنة النبوية الشريفة لازالت الأمة تتناولها فيما يتعلق بأئمة أهل البيت عليهم السلام حيث يبرز تاج تلك الاحاديث (حديث الثقلين) المشهور بين أفراد أمة الاسلام: " اني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا….. فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين …( الى قوله صلى الله عليه وآله وسلم ) فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا… "من خطبة لأمير المؤمنين علي عليه السلام يعرفنا منزلة أئمة اهل البيت عليهم السلام: "...لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الامة أحد، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم اساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة.. " نهج البلاغة/شرح الشيخ محمد عبده ج1/ص34.

وحيث تقدمتهما الأمة حيناً وقصرت عنهما في أحايين عديدة، ركست الأمة في متاهات ومحن ورزايا أدت الى أن يرتكب البغاة والمتسلطون على رقاب الناس، الغاصبون حق مقام الأمامة، أفظع الحوادث إجراماً وأفجع الظلم .. إرتكبوا عدواناً تطاول على ساحة القدس الإلهي في واقعة عرفت باسم كربلاء..! واقعة هتكت بها حرمة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأبيد بها اخوته وصحبه، وختموها بقتلهم إمام المسلمين سبط النبي الكريم، سيد الشهداء الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام وبتلك الطريقة الوحشية، وهو الذي قال فيه جده الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم : " حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً " وقال فيه : " هذا ابني، إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم " كما ينقل هذا الحديث أحمد بن حنبل زعيم المذهب الحنبلي و جمهور غفير من رواة المسلمين من الشيعة و السنة.يتبع

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك