المقالات

هل استوعب الشيعة الدرس ؟ الحلقة الثانية

1591 13:38:00 2006-08-09

( بقلم عبد علي حسن ناعور الجاسمي )

قلنا إننا نبتعد عن الحقيقة إذا ما هوّنا من معاناة العراقيين, وانتهى حديثنا إلى مفردات الحياة اليومية وأزماتها من بنزين وغاز وكهرباء وماء وسواها مما تقوم عليه حياتنا ولا نستطيع أن نحيا بغيابها. ونحن نرى شدة الآلام التي نعاني منها يومياً وتعاني منها عوائلنا بنسائها وأطفالها وشيوخها ومرضاها و..و..

ومن حق المواطن أن يقول: ماذا يعنيني الوضع السياسي والأمني في البلاد إذا لم أوفر لأطفالي لقمة عيش وكسوة وقرطاسية ومواصلات وفراش ينام عليه؟ وماذا يعنيني أن تحاك المؤامرات لتجريد الشيعة من مكاسبهم التي انتظروها قروناً من الزمن؟ وماذا يعنيني أن تتحالف قوى الشر في الداخل والخارج لإعادة المعادلة السابقة إلى العراق؟ إن الذي يعنيني توفير متطلبات العيش الكريم لأطفالي, والذي يعنيني من الدولة أن توفر لي الوقود لتسير عجلة الحياة, وتوفر لي الكهرباء لأنعم بخدمتها, وتوفر لي خدمة صحية تقيني خطر العوق والأمراض, وان أرى المسؤولين يتحملون الأمانة التي استودعوها بعد أن أوصلناهم إلى الكراسي, وان توفر الدولة فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل بعد ان تنفسوا الحرية وزوال الطغيان, وان ترعى الدولة العاجزين والمعوقين والأرامل واليتامى ممن فقدوا أحبتهم نتيجة أربعة عقود من الطغيان والتجبر وانتظروا أن تمتد لهم يد التعويض ليروا شيئاً من النعيم لما تبقى من أيام عمرهم القصيرة.

 وان يفعّل القانون ويضرب بيد من حديد على وجوه المفسدين ورؤوسهم ليلتفتوا إلى أنفسهم ويصدقوا معها ويمتنعون عن نهب أموال الناس من طريق المعاملات المريبة والمقاولات الوهمية والاستحواذ على الأموال العامة أمام الملأ ويروجون لأنفسهم عكس ذلك من خلال وسائل الإعلام أو من خلال أتباعهم ومواليهم وهم يستغلون وصولهم إلى مناصبهم لتحقيق مآرب خاصة لهم ولأتباعهم لعلمهم بأنهم سوف يذهبون سريعاً فلماذا لا يستغلون الفرصة؟!! هذه المفردات والهموم والأزمات وغيرها كثير مما لا يدخل تحت الحصر, كلها واقعة ومتحققة, ومن ينكر وجودها أو يقلل من شانها فهو من العميان بل هو أضل سبيلا, ومن يدافع عنها بذرائعه المعروفة فهو منافق كذاب, ومن يحاول أن يستغل البسطاء من الناس ويسوغ له واحدة منها فهو باطل. لان هذه الهموم والآلام تطال السواد الأعظم من الناس أي القابلية العظمى منهم, تطالهم في أهم مفاصل حياتهم وتصيبهم بالشلل في مرافق حياتهم العامة والخاصة وتجعلهم يترحمون على الأيام السود التي رافقت مسيرة البعثيين وغير البعثيين ممن تسلط على رقاب العراقيين في المراحل المظلمة من تاريخ العراق الحديث والمعاصر.

أقول: من حقنا أن نعرض كل هذه الآلام والأخطاء والجرائم ومن حقنا أيضاً أن نهتم بها ونستمر في الحديث عنها لأنها حياتنا ومن حقنا أن نحياها بأبسط مفرداها وخدماتها وليس بالدرجات العالية من الخدمات لأننا محبطون متشائمون نتيجة للضغط الهائل علينا وعلى أولادنا وبناتنا وأبراج أحلامنا التي هيأناها لمن نعول؟..... ولكن.... هل هذه هي حياتنا وكفى؟ هل هذا وضع جديد نعيشه, أم هي تجربة مستمرة جربناها وعرفنا دقائقها منذ عرفنا الدنيا؟ هل نسينا خوفنا؟ خوفنا من أطراف خارجية تبدأ من المدينة وتنتهي في بيتنا. مروراً بالحي والشارع والجار والأخ والابن والقريب حتى وصل الخوف إلى منتهاه فبقينا نخاف حتى من أنفسنا وأفكارها. وصرنا نخاف من لا شيء من دون أن نرتكب مخالفة أو نعصي أمراً ما!!. خفنا من الزوجات والأبناء, من الأقرباء والبعداء. هل نسينا هذا؟ هل نسينا سياسة التجويع والعسكرة, هل نسينا خطف الأطفال أيام البعثيين بذريعة (أشبال صدام). لقد مرت على العراقيين سنين عجاف أكلت الأخضر واليابس ومسخت عندنا روح الوطنية من حيث علمنا أو لم نعلم.

 وصرنا آلة أو رقما يستهلك فيحل رقم آخر بلا اعتبار لإنسانيتنا ووجودنا وأسمائنا. وصار تفكيرنا خارج الواقع, وفرض علينا الرضوخ للجهلاء والحثالات والمشبوهين والمجرمين ممن ساندوا صداماً ورؤوس نظامه العفنة, ولم ننبس ببنت شفة. لقد كانت الوطأة ثقيلة, جائرة, دموية, قبيحة, ليس لها علاقة بأبسط مفردات الإنسانية غابت معها مشاعرنا ونفوسنا وشخصنا بصورة بشعة لم نعرف لها مثيلاً من التجارب الإنسانية إلا ما ندر. أقول بلا تكلف واصطناع وبلا تهوين لآلام اهتماماتنا هذه في حاضرها وماضيها, مقارنتها بالذي يجري من وراء ظهورنا ويحاك ضدنا ونحن منساقون لآلامنا الحاضرة متغافلون عما يخطط لنا ويعمل بالخفاء من الكبائر, بعد أن نجح أعداء العراق في إلهائنا عنها ودفعنا إلى الانشغال بأنفسنا وحصر الانشغال بحياتنا الفانية القصيرة المضنية والإعراض عن جرائم كبرى ومسائل عظمى نراها بأم أعيننا ونعرفها ونعرف من يدبر لها وينفق المليارات من الدولارات على تحقيقها ونحن غافلون منشغلون بهذه الصغائر. أقول: ( الصغائر) لخطرها إذا ما صارت في المقام الأول من اهتمامنا, وبنجاح أعداء العراق في اصطناعها وتمريرها عبر أجهزتهم الأخطبوطية في الداخل والخارج, ولو تيسر لنا الإطلاع على واحدة من مفردات تدميرنا. لهانت عندنا كل المصائب التي تمر علينا وأصبح النفط والبنزين والغاز والكهرباء وسواها من أهون الأشياء, هذا إذا كنا من أصحاب النفوس الكبيرة... وان سألت عن مفردات تدميرنا والمخططين لها فانتظر العدد القادم إن شاء الله تعالى.

عبد علي حسن ناعور الجاسمي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك