المقالات

سلاح الردح النووي!!

1203 15:35:00 2009-01-13

د أحمد راسم النفيس

بينما تواصل إسرائيل حشد أسلحة الردع النووي وتطارد كل من يفكر في امتلاكه من المسلمين فضلا عن مواصلة استخدامها لكافة أسلحة الردع التقليدي المحرمة دوليا من أجل تأديب كل من يتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها لأعدائها من العرب المعتدلين والمتطرفين على حد سواء, نرى أن بعض العرب يواصلون بلا كلل ولا ملل استخدام سلاح الردح النووي في مواجهة كل من يختلف معهم في الرأي معتبرين أن مواقفهم السياسية هي (سقف العالم) وأن من لا يشاركهم الرأي هو خائن وعميل لدولة من خارج الإقليم!! ولا تنس أن إسرائيل الآن هي دولة داخل الإقليم!!.

ارتكب سلاح (الردح النووي) سلسلة من الخطايا في حق نفسه وفي حق من يدعون الإخلاص والولاء له وفي حق الأمة بأسرها وأخيرا في حق المختلفين معه سياسيا!!.

أول هذه الخطايا هو التعامل مع الأزمة الأخيرة باعتبار أن غزة هي حماس وأن حماس أصبحت الممثل غير الشرعي والوحيد لغزة بل وللفلسطينيين ككل.

نسي القوم في غمرة انفعالهم أن حماس لم تحصل على نسبة مائة بالمائة في الانتخابات الفلسطينية التي جرت وفقا لاتفاقية أوسلو وأن بعض الفصائل الجهادية لم تشارك في هذه الانتخابات رفضا لأوسلو وإفرازاتها وأن الهزيمة التي منيت بها منظمة فتح في الانتخابات التشريعية كانت بسبب فساد بعض قيادات الحركة وهو أمر يمكن تداركه وإصلاحه وأن الحركة لم تحل نفسها وهي تشارك مشاركة فعالة في التصدي للهجمة الصهيونية.

من ناحية أخرى فإن التحامل على حماس وتحميلها المسئولية عن الهجمة الصهيونية الأخيرة منحها رمزية بطولية حصرية لم تكن الحركة تطمح لتحقيقها في ظل التعددية الجهادية القائمة في الساحة الفلسطينية.

لا يهدف هذا التحليل للتقليل من حجم حماس أو زيادة حجم غيرها فهذا ليس شأننا من الأساس بل يهدف لقراءة الواقع كما هو لا كما يحب البعض أن يراه.

يقول المراقبون: أن سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي تعمل كرأس حربة رغم أن حماس هي الأكبر عددا حيث يقوم رجال الجهاد بتنفيذ هجمات معقدة ويتسللون إلى المواقع الإسرائيلية وزرع عبوات على مقربة من الدبابات وبعضهم يتحدث العبرية بشكل متقن ويلبسون لباسا مشابها لألبسة الجيش بينما تعمل حماس كجيش المشاة يطوق المدن الرئيسية في غزة من الداخل حيث ينتشر رجالها بشكل دائري على عدة أطواق. أما فتح وألوية صلاح الدين فتقوم بإطلاق الصواريخ والمدفعية وهي التي تؤمن الأمن الداخلي ضد الجواسيس. وعلى ما يبدو فإن القوات الثلاث في القطاع وحدت قيادتها العسكرية وكلها تعمل بإمرة أبو محمد جنادي وهو شخص مجهول بالنسبة للمخابرات الإسرائيلية ويعتقد بأنه تلقى تدريبات في دول خارج القطاع تمكنه من إدارة الحرب بطريقة حديثة وأكاديمية. ويؤكد المراقبون أن القوى الثلاث تملك قوة نارية فعالة أكبر مما تملكه حماس وحدها فمعظم الصواريخ التي أطلقها رجال حماس تسلموها من الجهاد كما أن عبواتهم ليست محلية.

لا أعتقد أن كتائب (الردح النووي) تجهل هذه الحقائق ولكنها تتجاهلها لأنها تعتبر وبسبب رؤيتها القاصرة أنها عندما تحمل حماس المسئولية الكاملة عن (مأساة غزة) وعن نتائج المعركة (المحسومة سلفا من وجهة نظر هذا الفريق) سيسهم هذا في تقليص شعبية الإخوان المسلمين وبقية (العملاء العرب) لتلك الدولة خارج الإقليم وطبعا ف(إسرائيل دولة داخل الإقليم) الذي (بارك هذا الفريق حوله ليري العالم من آياته وكراماته وصدق نبوءاته) الخائبة كلها!!.

فات القوم أن حصر التعامل مع جماعة الإخوان بالمنطق الأمني منحها شعبية تتجاوز حجمها وقدراتها على الإقناع فما بالك عندما يصرون على منحها الشرف كل الشرف بأنها وحدها من يقاوم حرب الإبادة والتهجير الصهيونية الموجهة ضد الفلسطينيين قبل أن يكون هناك إخوان أو حماس أو حزب الله!!.

تصريحات ليفني واحتمالات توسيع الحرب

قبل أيام قليلة من بدء الهجوم الأخير نقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني قولها بانه بعد اقامة الدولة الفلسطينية سيكون بالامكان القول لمواطني اسرائيل الفلسطينيين أو عرب اسرائيل: "ان الحل لمشكلتكم الوطنية موجود في مكان اخر". في اشارة للدولة الفلسطينية - باعتبار ان وجودهم مشكلة وتحتاج الى حل حسب رأيها.وقالت : أنتم سكان تتمتعون بحقوق متساوية (مع اليهود في إسرائيل)، لكن الحل القومي لكم هو في مكان آخر، والمبدأ هو قيام دولتين للشعبين.

من ناحية أخرى وفي حوار أجرته البي بي سي قبل يومين مع وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي دختر قال الرجل: أنه ما لم تقم مصر بمنع ما أسماه تهريب السلاح إلى غزة فإن إسرائيل ستجد نفسها مضطرة للقيام بالمهمة بنفسها.

الكيان الصهيوني وبسبب فشله حتى الآن في تحقيق أي من أهدافه المعلنة وغير المعلنة من وراء هذه الحرب قد يلجأ إلى خيار شمشمون وهو خيار يهودي من الأساس أي هدم المنطقة على الجميع, المعتدلين وغير المعتدلين ليثبت للعالم أنه الأقوى والأقدر على فرض إرادته.

قد يحاول الصهاينة توسيع حربهم شمالا للانتقام ممن قاموا بتسليح المقاومة الفلسطينية وربما نحو الغرب ليستولي على مواقع الأنفاق المزعومة في ظل حالة من العناد التي تحكم قراراته حسب وصف جريدة الهاآرتس الإسرائيلية.

المعنى الواضح من هذه التصريحات أن الكيان الصهيوني وهو يفاوض على ما يسمى بحل الدولتين يريد أن يعيد هيبته الضائعة في حربه مع لبنان عام 2006 مما يمكنه من فرض شروطه لحل الدولتين: دولة يهودية خالصة ودويلة فلسطينية على ما تبقى من الضفة الغربية يجري إلحاقها بالأردن ويجري إرسال عرب 48 إليها ولا فلسطين بعد اليوم!!.

تلك هي الأهداف الحقيقية من تلك الحرب المجنونة والخاسرة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة والتي تستهدف الحجر وكل ما يتنفس من الأطفال والنساء والشيوخ.

المحصلة التي ستنتهي إليها هذه الحرب لا تخرج عن احتمالين.

إما إعادة ترميم الهيبة والردع الإسرائيلي فلا يفكر أحد بعد اليوم من الفلسطينيين أو غيرهم في حمل قطعة سلاح واحدة وعلى المفاوض الفلسطيني أن يقبل بكل ما يعرض عليه من دون إبداء أي نوع من التحفظ أو الاعتراض أو أن تنتهي أسطورة الردع الإسرائيلية إلى غير رجعة وهو أمر يبدو الآن في الأفق.

لهذه الأسباب نعتقد أن الأزمة الحالية ليست أزمة حماس بل هي أزمة العرب والمسلمين كلهم وأن تحميل حماس مسئولية ما جرى فضلا عن أنه يمنحها وزنا يتجاوز حجمها يعني أن أصحاب الشأن قرروا أن يتغافلوا عن حريق هائل يمكن أن يمتد إلى عقر دارهم من دون أن يستثني أحدا.

نتساءل إذا متى تتوقف كتائب الردح النووي عن إطلاق صواريخها العبثية التي لا تسهم إلا في مزيد من شق صفوف العرب والمسلمين بدلا من محاولة رأب الصدع والتسامي فوق الجراح ورص الصف في مواجهة الخطر الداهم الذي يقف على الأبواب؟!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏06‏/01‏/2009

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك