( بقلم : محمود الشمري )
قبل أكثر من عامين كشف الأنتربول (الشرطة الدولية) صدفة وكما يحدث في الأفلام المصرية مكان وجود راس الملك الأشوري سنطروق الثاني الملقب بملك النهر والذي سرق من المتحف العراقي عام 2003, حيث ان احدى الفضائيات اللبنانية كانت تبث برنامجا عن الديكور من منزل مهندسة ديكور وكان التمثال المسروق يظهر في الصورة خلف المهندسة وزوجها شاغلا أحدى زوايا المنزل الجميل مما جذب انتباه أحد المنتسبين للأنتربول وقام بالابلاغ عن ذلك وتم استدعاء المهندسة وزوجها و التحقيق معهما وتبين أنهما اشتريا التمثال بمباغ 275 دولار فقط !! ( يابلاش) وقالاانهما مستعدان للتنازل عنه.
وبالفعل تسلمته المباحث الجنائية اللبنانية حيث تم الكشف عليه من قبل خبراء الاثار وثبت أنه رأس ملك النهر الشهير المسروق.ولكن الجانب اللبناني تمسك براس الملك الاشوري ورفض تسليمه ,ورفع العراق قضية في المحاكم اللبنانية وقد كسبها وسيعود راس الملك الأشوري الى موطنه قريبا معززا مكرما ليقبع من جديد داخل الصالات الباردة الموحشة للمتحف العراقي الذي 95% من العراقيين لم يدخلوه ولم يطلعوا على اثار أسلافهم فيه لأن اسلوب العرض ومراسيم الدخول تثير الرهبة والاحراج لمن يبغي الدخول لمطالعة بقايا أجداده ونتمنى ان تقوم ادارة المتحف بتخفيف المراسيم البروتوكولية للدخول وجعلها أكثر بساطة وألفة حتى يتسنى للجيل الجديد رؤية اثار حضارته التي تعتبر من أرقى وأقدم الحضارات البشرية بعد أن حرمت ألاجيال القديمة مثلي من التمتع بها والتواصل معها والتي اكتفت بزيارة المتحف البغدادي الفولكلوري وخاصةعندما كان يفتح أبوابه في العطلات ويوم الجمعة ولكن ادارته الجديدة في زمن الديمقراطية العتيدة قامت بالغاء هذه الألتفاتة الطيبة وأخذ منتسبوا المتحف يداومون مثل دوام المعلمين والمعلمات 5 أيام في الأسبوع ول4 ساعات يوميا مع التمتع بالعطلات الخرافية التي لايوجد بقدرها مثيل في كل بلاد العالم .
والجدير بالذكر أن مؤسسة السينما والمسرح المنقرضة قد قامت عام 1975 بانتاج فيلم سينمائي من سيناريو واخراج فيصل الياسري عن قصة حول سرقة التمثال من قبل مجموعة من السياح الأجانب ولكن رجال الأمن العراقي أحبطوا المحاولة ,ويبدو أن الياسري قد سبق الحدث بأكثر من 30 عاما وتنبأ بسرقة الراس أو انه مكتوب على رأس الملك سنطروق أن يكون بطلا لأفلام سينمائية وسرقات حقيقية ومن ثم العثور عليه بطريقة دراماتيكية مؤثرة تجعلنا نستلهم من مغامرات هذا الرأس المثيرة درسا في ترك التناحر والتقاتل على المناصب الحكومية وترك المغامرات السياسية التي شوهت صورة ديمقراطيتنا الناشئة الرائعة والألتفات الى ما حبانا به الله من قدرات وثروات وأراضي خصبة ولكنها بحاجة الى ادارة مخلصة وأيادي نظيفة ونفوس عفيفة لغرض بناء حضارة عراقية جديدة ومشرقة تتواصل مع الحضارة العالمية وتعتمد الأنسان العراقي بدون الألتفات لدينه و مذهبه و قوميته وانما صدقه واخلاصه وكفاءته كما كان يفعل اسلافنا سنطروق وحمورابي ونبوخذنصّر.
https://telegram.me/buratha
