المقالات

بين الخيارين العراقي والفلسطيني

996 14:35:00 2009-01-21

( بقلم : عبد الجبار كريم )

لعل الكثير من المتابعين لاحداث غزة وردود الافعال التي صدرت ازاءها شعبيا ورسميا ، قد اهتم بشكل وباخر برد الفعل العراقي الذي نجده رغم انقسامه بين مؤيد للخيار الفلسطيني ورافض له ، مع تضامنه الكامل مع محنة الشعب الفلسطيني ازاء الغطرسة الاسرائيلية ، الا ان هذا الموقف بقي موضع اهتمام الكثير من اصحاب الهم السياسي ، حيث تبرز علامات تساؤل عديدة على هذا الصعيد .

لماذا الاسلاميون العراقيون مع الخيار السياسي ، فيما الاسلاميون الفلسطينيون ضده ، وهما في قمة السلطة ؟ هل ان المساْلة تابعة لانماط التفكير عند الاسلاميين ، ام لوجود تباين في ساحة الصراع ، من حيث تعدد الخيارات ، وهامش الحركة التي تمنحها استراتيجية القوة في هذه الساحة اوتلك ؟  هل ان العمل الثوري والمقاوم مبني على استراتيجية واضحة ومدروسة ، ام هو خيار لابد منه مهما كانت نتائجه كارثيةوبعيدة عن تحقيق الاهداف المرجوةعلى الارض ؟

التساؤلات تمتد لتشمل جوانب كثيرة وعديدة ، ولكن يمكن لنا ان نقول ان الساحة السياسية ، وانماط الحلول المطروحة هي التي تحدد نوعية رد الفعل اكثر من ان يكون التباين في انماط التفكير السياسي عند الاسلاميين هو السبب مع الاقرار بوجود تباين واضح لدى الاحزاب والقوى الاسلامية في مختلف البقاع من حيث تبني الحلول السياسية او رفضها للحلول الوسطى ، وتبني مستويات مختلفة من التشدد . فاذا كان العراقيون تبنوا الحل الاميركي للمساْلة العراقية ، فان ذلك يعود لجملة اعتبارات منطقية تبرر لهم هذا الخيار ، بما في ذلك تجنبهم الخوض في قضايا لم تعد ذات اولوية لهم كما كانت في السابق ، رغم ان المالكي ذهب بعيدا عندما دعا الدول العربية والاسلامية الى قطع علاقاتها مع اسرائيل في اعقاب احداث غزة ، وقدمت الحكومة العراقية مساعدات انسانية للشعب الفلسطيني ، كما شاركت جموع مختلفة من العراقيين في تظاهرات مؤيدة للقضية الفلسطينية .

واذا سمحت الستراتيجية الاميركية في العراق لحمل الشعب العراقي على القبول ، واسهام الاسلاميين العراقيين في مشروع بناء الدولة العراقية على اسس ليبرالية وليست دينية ، فان الامر يختلف كثيرا بالنسبة للشعب الفلسطيني ، وخياراته المحدودة ازاء استراتيجية القوة التي تمارسها اسرائيل ، وتباين المشروع الاستيطاني الاسرائيلي عما تتبناه اميركا في العراق ، وبالتالي لعل دعاة الحل السلمي للقضية الفلسطينية ليس لديهم الحجج الكافية لتدعيم مبررات هكذا دعوة ، كما ان هذا لايعني صحة الخيار الذي تتبناه حركة حماس في تشددها وهي في قمة السلطة ، او تحويلها الشعب الفلسطيني الى مشروع استشهادي في معركتها المفتوحة مع الكيان الاسرائيلي ، ذلك لان هكذا خيار يزيد من الام هذا الشعب الذي قدم الغالي والنفيس في معركة الدفاع عن هويته العربية والاسلامية ، وتمسكه بحقه المشروع في ارضه .

مااريد قوله اننا في العراق لدينا مبرراتنا الكافية بالانكفاء على الذات ، وتبني خيار العراق اولا واخيرا ، بعيدا عن الرهانات السابقة التي لم تجلب سوى الويلات للشعب العراقي ، كما ان الشعب الفلسطيني لديه المبررات الكافية هو ايضا للخيار الذي يتبناه سواء بمواصلة نهجه المقاوم الذي ورط اسرائيل بالدم الفلسطيني ، وجعلها تواجه وضعا صعبا على الالتئام ، او في جنوحه للسلم وتبنيه خيارا للسلام ومشاريع التهدئة والحلول السياسية . ان التطرف مرفوض سواء بالحل السلمي الذي يدعو اليه البعض ، او بالعمل الثوري والمقاوم ، خصوصا في ساحة معقدة كالساحة الفلسطينية ، والمثل يقول ان ترى من سم ابرة اوسع من ان ترى من خلال ذاتك ،

عبد الجبار كريم - السويد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك