المقالات

ثغـــرات تعبــوية وتكتيكيـــة فـــي مُحاربــة آفـــة الأرهـــاب

1793 03:03:00 2006-08-14

( بقلم مــاجد محمـد )

منــذ سنــين ثـــلاث وموضــوع الأرهــاب يفــرض نفســــه كأثقـــل ضيــف على أي لقـــاء أو حــوار يـــدور بين العــراقيين , مـــلازما ً لنشــرات الأخبــار ومتصـــدرا ً لعنــاويين الصحــف المحليـــة الرئيسيــة , وكيــف لا والأمـــر يتعلــق بأرواح النـــاس وبالثـــروة القوميـــة للعـــراق ,

 منــذ ثلاثــة سنــوات والتخبــط فــي أمــر معالجــة الأرهـــاب يأخـــذ مديـــات شتــى دونمـــا نتــائج فعليـــة يلمسهـــا المواطـــن فــي القضـــاء علــى هــذه الآفـــة الخطيــرة , وأحســب إن نــوايا جميع المســؤولين الذين أشـــرفوا على ملــف الإرهـــاب كــانت سليمــة وحسنــة , ولكن للأختصـــاص دورا مهمــــا ومكانـــة لا يمكن إهمــالها فــي كيفيـــة التعــــامل العلمــي مع هكــذا ظــاهرة .

 وبما أن النــوايا وحــدها لا تعمــر بيتــا ًولا تجني عنبــــا , وطـــالما إن الأختصــاص الوطنـــي الشــريف كــاد يكون مغيبـــا ً أوهــو مغيبــا ً فعــلا ً يمكننـــا القـول بــأن التحســن الأمنــي المــرجو يوشــك أن يصبــح بعيـــدا ً عــن منظــورنا القـــريب , وهــذا ليس تشـــاؤما ً ولا طعنــــا ً , بـل هو عين العقــل والمنطـق , إذ كيـف تعـــالج موضــوعا أمنيـــا خطيـرا ً على المستــوى القومــي وأنت لا تملك جهـــازا أمنيـــا متخصصـــا ؟ ولا جهـــاز إستخبــاراتي يرتبـط بغـــرفة العمليـــات المشتركـــة للقوات المســـلحة كــي يرفـــدها بـــأدق المعلــومات التــي تشمــل تحركـــات العــدو وتجهيــزاته وطـــرق الأمــــداد وأماكـــن تواجـــده وتحصيناتـــه وأعـــداده بالأضـــافة الى معـــرفة ستراتيجيتـــه القتــــالية وعمقـــه الســوقي , ومــادمنا نتعــامل مع عــدو شبحــي ( أي ليس جيشــا نظــاميا ) لــذا تكــون الوظيفـــة الأخيرة من إختصـــاص الجهـــاز الأمنــي التخصصـــي الــذي يستقـــي المعلــومة عبــر طرقــه الخاصـــة ( وهــو موضــوع شيـق ولكن لا مجــال هنا للخوض فيــه ) ويتعـــامل معهـــا , أما غرفــة العمليـــات المشتركــة الموجـــودة حاليـــا ً فهـــي أقرب أن تكـــون غـــرفة إنعـــاش بلا أوكســجين , حيــث تتحـــرك وتـُحـــرك دون معلــومات علميـــة واردة من جهـــاز أمنــي يحــلل المعلــومة ويعالجهــــا علميـــا ً وفــق إسـس منهجيـــة أمنيـــة ليقــوم بعـــدها بأرســـال نتــائج التحــليل الـــى - قســـم العمليـــات - داخــل الجهـــاز الــذي يدرسهـــا ويطــابقها مع إمكانيــات الجهــاز الذاتيــة , فــإذا كـــان الجهــاز قــادرا على التعـــاطي معهـــا يـُعلـِـم غرفـــة العمليــات المشتركة – قســم الحركـــات – بمكـــان وتوقيــت التنفيــذ وأرقـــام العجــلات المُشــاركة والطــرق التـي سـوف تسلكهـــا بعـــد وضع الخطـــة المناسبــة , دون مــزيد من التفاصيــل , لأن الخطـــة والمعلــومة ستكــون أمــام القـــائد العــام للقــوات المسلحــة – وهـو بالتأكيــد مــدير غرفــة العمليــات المشتركــة - لأخـــذ موافقتـــه على التنفيـــذ وهـــذا مرتبـط بخطــورة المعلــومة وصــلاحيات رئيس جهـــاز الأمـن ( وهــو أيضـــا أحـــد أعضــاء غرفـة العمليــات المشتركــة ) , إذ أن هنــالك معالجـــات لا تستـوجب أخـــذ موافقــــة القــائد العــام , كتحــرير رهينــة وما شــابــه ذلك , أمـــا إذا كـــان الأمــر فوق طـــاقات الجهـــاز فيتـم التعــاطي مع نتــائج المعلــومة ومقترحـــات الجهـــاز داخــل غرفــة العمليــات المشتــركة – قســم الخطط العسكريــة – بأجتمــاع يتـرأســه القــائد العـــام وضبـــاط ركنــه ورؤســــاء الصنـوف المُقترح مشاركتهــم بالتنفيــذ ويتــم وضــع خطــة شــاملة ودقيقــة مــؤشـــر فيهـــا أســم الخطـــة ورمــزها وأرقــام الوحــدات المشــاركة ........ الخ .

 من هنـــا يتبين الــدور الرئيســي الهـــام للجهـــاز الأمنــي المفقــود حاليـــا , ومــا يجــري الآن هــو إعتمـــاد مصــادر خبريــة عامــة , أي إنتظـــار المعلــومة من المــواطن عبـر جهــاز الهــاتف , أو نتيجـــة خــرق ذاتـــي لعنصـــر تابــع لأحـــدى الوحــدات العسكــرية صــادف أن يكــون مقــربا من أحـــد التنظيمــات الأرهابيــة ( عائليــا أو عشــائريا أو عن طــريق الصــداقة ) وتمـــت مـُـفاتحتـــه للأنظمـــام إليهـم , ثـم يـُدعـــم من وحـــدته أو من الجهــات العليــا لكشف تلك الخـــلايا المجـــرمة . إن هــذه الطـــريقة البــدائية تكــون نتــائجها بطيئـــة وغير ذات فاعليـــة مع عـــدو شبحـــي متحــرك , وتعتمــــد على الثقــافة الذاتيــــة للمواطــن مع حـــس وطني عالـــي , وهـما أمـران ضعيفـــان حاليــــا , إذ أن أغلــب المـواطنين ذوي ثقــافة محــدودة وتتملكهــم وشــائع عميقـــة من العــلاقــات الأجتماعيـــة العائليـــة او العشـــائرية تـُـغلِبـــَـها على الشعــور الوطنـــي والحــس الأمنــي .

وهنــــاك أمـــر مهــم آخـر , إذ يـُـلاحظ المســـافر بــرا ً الـــى المنــاطق الشماليـــة من بغــداد كثرة نقــاط التفتيش ودقتهـــا في عملهـــا , بينمـــا يــرى عكــس ذلك كليــــا ً عنــد سلـــوك الطــريق النـــازل الــى بغـــداد , بحيث تستطيـــع شـــاحنات كبيرة المـــرور من خـــلال نقـــاط التفتيش المتعـــددة دون تــوقف , وهـــذه ثغـــرة أمنيــة خطيرة تـُفشــــل أية خطــة أمنيـــة مهمــا كانت درجـــة حبكتهــــا أوإتقــانها , وتــدلل على جــدية الأخــوة الأكــراد مســؤولين وتنفيــذيين وحــرصهم على ســلامة منــاطقهم من المــد الإرهــابي , ويثيــر موقــف نقــاط التفتيش المنتشــرة حــول بغـــداد وداخلهــــا جملـــة من الأمــور المهمـــة المُهملــــة , يأتـــي في مقــدمتها موضــوع التسليـــح المناســب للقــوات المسلحـــة العراقيـــة , حيث لا تـــزال مستلــزمات التسليــح الفــردي للجنــدي أو رجــل الشرطـــة قــديمـــة وليســت ذات جـــدوى قتاليـــة , وهـــي ذاتهـــا منـــذ بدايـــات سبعينيـــات القرن الماضـــي ولـم يشملهـــا التحــديث الحــاصل على الأسلحـــة و المعــــدات الفـــردية للعسكــري والتــي تتطـــور سنويــــا ً دون جمــود ( عـــدا تــزويدهم بدرع الصــــدر وعجـــلات التنقـــل الحــديثة * ) بالـــرغم من التسليـــح الحـــديث والمتفــوق للعـــدو , يضـــاف الى ذلك الأهمـــال الكبير لعــوائــل الشهـــداء من منتسبــي وزارة الـــدفاع والــداخلية والـــرواتب التقاعـــدية التـــي لا تتناسـب مع الفعـــل الوطني الــرائع لهـــؤلاء الشهــــداء الأبطـــال , كـــل ذلك تـــرك أثـــرا ً سلبيـــا ً عميقـــا ً فــي نفسيـــة المقـــاتل الحكــومـــي وترجمهــــا الــى عـــدم جديتـــه في إداء الــواجب الموكـــل إليــه وتقاعســــه فــي التصـــدي للمجــرمين . وفــي جــواب لقـــائد شرطـــة بغـــداد على ســـؤال وجـــه إليـه عن أسبــاب عبــور عجـــلات الخاطفيـن لخمسين مــواطنـــا فــي منطقــة الصالحيـــة مــن نقــاط التفتيش دون التصــدي لهــا قــــال إن عناصـــره يـدركون جيــدا إن المواجهـــة المسلحـــة مع المجــرمين عقيمـــة وليســـت فــــي صالحهـــم , لتبـــاين التسليـــح بين الجانبيـــن **!! , هـــذا كــلام قائــد شــرطة وهــو صاحب خبــرة تتراكـــم كل يــوم , فكيـــف نــريد من أبنـــاءنا إداء الــواجب بصــورة صحيحـــة ونحن نبخــل عليهــم ما يـؤمن لهـــم الســلامــة ؟ وكــأننا نرميهــم صيــدا سهــلا ً لمجاميـع مجـــرمة باعـت نفسهــــا للشيطـــان بعـــد أن تعطــل لديهـــم الضميــر البشــري والشعــور الــوطنـــي .

لــم يكن مــا مر أعـــلاه إلا جــزءا ظاهـــريا لعمــق الثغــرات التعبــوية والتكتيكيــة التي تعـــاني منهــا أجهــزتنا الرسميــة المختصـــة فــي الحرب الشرســـة ضـــد الأرهــاب , الوافــد منــه أوالداخلـــي المُنظــم , عســى الله أن يوفــق جميــع المخلصين ويســدد خطـــاهم متمنيـــا أن أكــون قـد وفقـت في تقــديم مـــا أتصـور أنــه نــافع راجيــا أن يأخــــذ طريقـه المناسب إن كــــان فيـــه مـــا يــدعم الجهـــود الشريفــة ويقـــلل الأصــابات والحمـــدلله ناصــر المؤمنين . مــاجد محمـد بغــداد / العــراق * إن هـــذه العجــلات مصنـــوعة أصـــلا ً للأستخــدام المــدني وتـم صبغهــــا للــــدلالة على تبعيتهـــا لجهــاز الشرطـــة , ولا تناســـب الأعمــال القتاليــة والمواجهــات المسلحــة .** مقابلــــة خاصــة مع السيد قــائد شرطة بغـــداد أجــراتها فضــائية ( البغـــدادية ) في شهــر تمـوز الماضـي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك