المقالات

ايرانيون وان لم ننتم

1305 16:32:00 2009-02-18

( بقلم : سليم سوزه )

مازلت اتذكّر ذلك الشعار البائس الذي صدع البعثيون رؤوسنا به يوم كانوا في السلطة وهو (كل العراقيين بعثيون وان لم ينتموا)، ويبدو ان عرق البعث دسّاس فعلاً الى درجة وصل الى عقر دار الكثيرين اليوم، حيث ما ان تقرأ مقالاً لكاتب ٍ ما يستعرض فيه شيئاً من تحليله ونظرته السياسية لواقع العراق الحالي، الاّ وينتابك ذهول من المُسلّمة التي يحاول ترسيخها في اذهان الناس، من ان العراق اليوم عبارة عن محمية ايرانية وان الحاكمين فيه هم مجموعة من الايرانيين لا يرون مصلحةً الاّ لبلدهم الام ايران.

فبالامس كنا نسمع فقط بايراني واحد في الدولة تحت مسمى (شهبوري)، اما اليوم بتنا نسمع بان جميع مَن في العملية السياسية وتحديداً مَن هم ينتمون لشريحة محدّدة في المجتمع هم ايرانيون ولم يُكتفى بهذا فحسب، بل ايضاً وصل الامر الى اتهام مكوّن كامل والطعن بولائه وتبعيته لا لشيء، الاّ لانه استعاد ما كان قد فقده طوال سني دولته باسم القومية والعروبية وووو.....

بصراحة المسألة ليست بعثية خالصة، بل هي نتاج ارث تاريخي ثقيل يمتد الى زمن الخلفاء الراشدين حتى .. حيث شُيّع ابان حرب معاوية لعلي في صفين ان جُل اتباع الخليفة علي بن ابي طالب عليه السلام، هم من بلاد فارس، ولا ادري ان كان قد اُتهم علي نفسه بالولاء لايران ام ان الموضوع خصّ فقط اصحابه؟ ففي مصر حتى هذه اللحظة يطلق المصريون على مقام الصحابي الجليل مالك ابن الحارث النخعي والملقب بالاشتر اسم السيد العجمي (الذي اصبح فيما بعد اسماً لمنطقة مشهورة) رغم اصوله العربية اليمنية .. واليوم وامتداداً لهذا الفكر يسمّي العرب اهل العراق بالصفويين، ولايُخفى على اللبيب ما للكلمة من دلالة سياسية، فضلاً عن دلالاتها التاريخية والثقافية.

يؤسفني ايضاً ان كتاباً مميّزين انجرفوا في هذا التوصيف الظالم الذي يسلب الاغلبية العراقية هويتهم الانتمائية عنوة ً بمجرّد انهم يختلفون مع فكر ورأي هؤلاء الكتاب في امور سياسية ليس الاّ، ويؤسفني كذلك ان كل تصرّف لاي مسؤول عراقي اليوم تجاه ايران، مهما كان تافهاً غير ذي قيمة، يُنظر له بعقلية المؤامرة والتبعية للمشروع الايراني المزعوم في المنطقة، رغم ان مثل هذا التصرف كان مع دول اخرى وبنفس الحماسة ... فعلى سبيل المثال، تصريح مستشار الامن القومي السيد موفق الربيعي في طهران عن ضرورة اقامة منظومة امنية اقليمية مع ايران ورغم نفي مكتب الربيعي الرسمي له، الاّ انه اقام الدنيا ولم يُقعدها عند بعضهم، دون ان يلتفتوا الى ان الربيعي هو نفسه الذي سلّم امراء ارهابيين كبار الى سلطات السعودية معزّزين مكرّمين وعلى طائرة عراقية خاصة... اتساءل: ماذا لو كان هؤلاء الارهابيون ايرانيين وسلّمهم الربيعي لسلطات ايران؟ كيف ستكون ردّة الفعل عند كتاب التشكيك هؤلاء؟

ان دعوى التشكيك باصول الآخر ما هي الاّ لعبة نابعة من انهزامية فكرية لا يستطيع مروّجها من اثبات ما لديه من افكار وتصوّرات معينة، اما لان ما يعتقد به قد ولّى واكل الدهر عليه وشرب، او انه يعاني من هشاشة واضمحلال في بنيته الفكرية غير السوية بحيث لا يمكن له ان يجاري الطروحات الجديدة الاّ بالتشكيك بأصلها ومنبعها والتي اصبحت لعبة مكشوفة للقاصي والداني، ولم تعد تجدي نفعاً عند البسطاء قبل المثقفين خصوصاً اذا علموا بان ابناء المنظومة التشكيكية قد اتهموا من قبل شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري بانه ايراني غير عراقي للاسباب نفسها ايضاً.

ما يُضحكني كثيراً ان مَن يعتبر الاغلبية الساحقة من المجتمع العراقي بانهم ايرانيون في الولاء والتبعية، يُطالب اليوم باستقلال واخذ حقوق ابناء (الاحواز) رغم ايرانيتهم جغرافياً وحدودياً ليصبح شعبها فجأة ً شعباً عربياً قحّاً، في حين تسلب العروبة من عرب وسط وجنوب العراق لاسباب سياسية.انا انصح اخوتي الكتاب اصحاب النفس الاستقصائي والاستئصالي للآخر المُختلف، ان يثبتوا على رأي واحد، اما ان يكون عرب وسط وجنوب العراق ايرانيين او عرب الاحواز عرباً عراقيين، وليبعدوا السياسية عن الاعراق والانساب .. فانها افسدت الدين حسب ادعاءاتهم، فلماذا يريدونها ان تفسد الفراش والنسب!!!

لست من هؤلاء ولا مع هؤلاء، لكني فقط اريد ان اوضّح للاخوة اصحاب الفكر المُختلف في اي مسألة ٍ كانت، ان ينتبهوا لئلا يقعوا في ما وقع به مفكرون وكتاب من قبل، من حيث انهم كانوا ظلاً لصدام في السابق ومنظرين لسياساته العدائية للاغلبية العراقية، لكنهم سرعان ما انقلبوا عليه وباتوا ينظرون لاخوتهم (الايرانيين) الحاكمين في العراق (الجديد)، ثم ليتحوّلوا مرة ً اخرى الى سابق عملهم المُرتكز على التشكيك والاستئصال لذات (الايرانيين) انفسهم، ليؤكدوا حقيقة ً لم اكن اؤمن بها وهي (مَن شبّ على شيء شاب عليه) ... فمَن كان يؤمن بظلم الدولة القومية (للايرانيين) في بلدهم (العراق) ويثقف الناس على هذا سنين وسنين، يأتي اليوم ليروّج عكس هذا ويصنّف (الايرانيين) ب(ايرانيي) السلطة و(ايرانيي) العراق .. لا ادري متى سيمنح هؤلاء المتناقضون مع انفسهم صكوك الولاء للعراقيين ويدخلوهم تحت مظلة الدولة العراقية؟ وماهو الثمن حينها؟ الله اعلم ورسوله والمؤمنون.

ايها العراقيون النشامى اتحدوا على ترك ولاية علي بن ابي طالب، واتركوا نافلة الغفيلة، واستعينوا بالتكتف بدلاً من التسبيل، واهجروا زيارة الاربعين، واقتلوا اي ايراني ترونه حتى لو كان معلقاً باستار الكعبة ... ستكونون حينها فقط عراقيين بلا اي شائبة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي اللور
2009-02-22
للبعثي الصدامي طرق عده في الوصول الى مارب لا مشروعه شرعا وخلقا وليس لهم اي ايتام صدام اي حدود في وصف الغير لهم الحق لان حكم العراق مناهم ولكن المشكله في الذي يصدقهم ذالك الذي يتبرءالان من الجاره ايران ويصدق اكاذيب ايتام جرذ العوجه كلنا نسمع الهجوم على ايران ولكن لا نسمع عن جرائم الغير في العراق ونعرف السبب هو ارضاء اسيادهم الصهاينه
الموسوي
2009-02-20
اقول الحمد لله ان جعل امير المومنين علي بن ابي طالب عليه السلام ابن عم النبي صلى الله عليه واله وسلم وهومن اشرف انساب العرب والا لقالوا عنه انه فارسي اما عشائر العراق الكريمة فهي من اصلاب العرب وافصحها واتحدى اي عربي ان يتكلم اللغة العربية كما يتكلمها العراقي الى درجة انك تميز المتحدث او المذيع العراقي مثلا من بين الاف المتكلمين.
الهدهد العراقي
2009-02-19
سبق وأن ذكرت أن إيران الدولة الوحيدة في المنطقة التي وقفت مع أبناء الشعب العراقي بكل مكوناته فكان اللاجئين العراقيين في إيران من السنة والشيعة من البصرة والرمادي والموصل ومن الأكراد والعرب والمسلمين والمسيحيين ولكن أي دولة عربية وقفت مع محنة الشعب العراقي؟ لم تعاملنا ايران على أساس مذهبي ولم يُسئل أي عراقي عن مذهبه وعرقه ولكن المقصود من ذلك هو الاشارة للتشيع وكل هجمة على الجمهورية الاسلامية أو على مسؤول عراقي أو على أبناء الجنوب المقصود منها النيل من المذهب الجعفري نفتخر باننا شيعة ،موتوا بغيض
Zaid Mughir
2009-02-19
ليس منا من دعا الى جاهلية ..يعني من يتكلم بالعنصرية القبلية ليس بمسلم , لا خير بعربي على اعجمي إلا بالتقوى , أقسم بالله أني سافرت الى أيران عام 2001 كنت أتصور أن الأيرانيين سيعاملونني كمعتدي على أيران بسبب القادسية الخائبة ولكنني عوملت وكانني ضيف معزز مكرم ..وفضلت على كل نزلاء الفندق وكانو من العرب ..لعنة الله على صدام الذي زرع الكره في قلوب الناس ..أتذكر قصيدة الشابي الشابي أحبب فيغدو الكوخ كونا نيرا وأبغض فيمسي الكون سجنا مظلما ...لماذا هذا الكره لشعب مسلم وجار (الا لعنة الله على الظالمين )
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك