المقالات

واقعة الشربة ...... آثار وبقايا قلعة قديمة في القطيف عام 1374هـ

1786 08:42:00 2009-02-25

( بقلم : صالح البحراني ـ البصرة )

وقعة الشربة.. عنوان لحرب قامت بين الحاضرة والبادية في القطيف. وما أكثر الحروب التي كانت تقوم بين الطرفين قبل استيلاء الملك عبد العزيز على المنطقة الشرقية عام 1913، فقد كان لتواجد المناطق الحضرية وسط الواحات الغنيّة بالماء والزراعة والكلأ، وفي محيط لا متناه من الصحراء اليباب، الأثر الأكبر في هجرة الكثير من القبائل البدوية الى المنطقة الشرقية. وسرعان ما تحدث الإشتباكات والحروب بين البادية والحاضرة ولأتفه الأسباب، فإمّا تنتصر البادية، فتفرض الخوّة، وفي مراحل لاحقة سلطانها السياسي، كما حدث بالنسبة لقبيلة بني خالد. وإمّا أن تخضع البادية لسلطان الحاضرة إذا ما كان سلطان الأخيرة قوياً، أو تجمع بين القوّة والرشوة الماليّة، مقابل المحافظة على الأمن. http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1099152418.jpg

http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1095064148.jpg«المحسّن» أو الحلاق مهنة انقرضت وكان المحسّن يتولى حلاقة الشعر والختان «الطهور»

وقد كان هذا دأب الحكم العثماني في المنطقة (1871 ـ 1913)، حيث خضعت قبائل الشرق له كالخوالد والعجمان والمرة وغيرها، ولكن أكثر تلك القبائل سرعان ما تمرّدت حينما رأت ضعفاً في السلطة المركزية، أو حين أخلّت تلك السلطة بنظام (الدفع المالي) الذي يبقيها ساكنة ساكتة محافظة على الهدوء والأمن.

كانت قوّة البادية والحاضرة متعادلتين أواخر أيام الدولة العثمانية، بمعنى أن الحرب كانت سجالا بين الطرفين، وكانت السلطة متقاسمة حتى وإن لم يعترف العثمانيون بذلك. فمن جهة لم تتعد سلطة العثمانيين الأسوار إلا نادراً، وكانت القبائل تسيطر على ما عدا ذلك. كان البدو ينهبون ويقتلون، وكانت السلطة المركزيّة تردّ بعزم متراخ، ولكنّها على أيّة حال كانت في الغالب تردّ، وتستجيب للتحدّي. http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1118154942.jpgحمام أبو لوزة من الأثار العثمانية الباقية في القطيف إلى الآن

ونظراً للضعف الظاهري للسلطة المركزية العثمانية في منطقة الأحساء والقطيف، خاصة أواخر العهد العثماني، فقد أغرى ذلك القبائل لمهاجمة الحواضر، فتزايدت حالات انفلات الأمن، وتكاثرت الفتن لأتفه الأسباب، وقامت عصابات النهب تجوب البحار (كما كان يفعل القرصان احمد بن سلمان الذي حوّل شاطىء القطيف الى شاطىء قرصنة فعلاً) مثلما تجوب السهوب والبراري. http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1099107284.jpgمدير جمرك القطيف عام 1946م.

وقد كثرت الوقعات، فما تكاد تخمد احداها إلا وتتبعها الأخرى، إن لم تكن في القطيف ففي الأحساء، فتاريخهما كان سلسلة من الهجمات البدوية وردود الأفعال عليها، وحياة السكان واقتصاد المنطقة كان رهناً بتلك الوقعات والحروب، وما أكثر ما نهبت المزروعات وأُتلفت، ولطالما بقي طريق القوافل بين ميناء العقير والأحساء مغلقاً بسبب سيطرة البدو عليه، رغم أنه شريان الحياة بالنسبة للأحساء.

في تلك السنين الخوالي، كان البدو يعيشون ضائقة اقتصادية، وكان الاخرون يعيشون ذات الضائقة بسبب إختلال الأمن، وقد وجدت، إضافة الى ضعف السلطة المركزية، الأطراف المحرّضة للثورة على السلطات العثمانية (الإنجليز والقوى المحلية الأخرى) الأمر الذي عقّد العلاقة بين البادية والحاضرة أكثر فأكثر.

صحيح أن العلاقة بين الطرفين قابلة في ظروف معيّنة لأن تكون علاقة تكامل وتبادل منفعة، ولكن الظروف لم تخدم هذا النمط من العلاقة، على رغم أن موجات من بدو القبائل قد جرى تذويبها في المجتمع الحضري على مرّ العصور. http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1099152761.jpgمن قلاع وحصون القطيف

وما وقعة الشربة إلاّ واحدة من الوقعات الكثيرة التي طواها التاريخ، والتي أصبحت جزءً من تاريخ هذه المنطقة التي تخلّصت بعدئذ من غائلة البادية بنشوء السلطة المركزية التي أقامها مؤسس المملكة الراحل عبد العزيز ال سعود.

كيف بدأت الوقعة، وكيف انتهت؟.

http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1099107346.jpgسوق القطيف عام 1934معن البداية يحدثنا الشيخ المرحوم فرج العمران، فيقول أنها وقعت في سوق القطيف في يوم الخميس الثامن عشر من جمادى الأولى عام 1326هـ [يوافق التاريخ 18 يونيو 1908]. وأصلها كما يقول المرحوم الشيخ (أن صبيّاً إسمه مكي بن الحاج ابراهيم الدبوس، من أهالي الدبابية كانت بيده شربة كبيرة (جرّة ماء) متخذة من الطين، ومملوءة ماءً للبيع. ووقعت من يده على الأرض فانكسرت، فرمى بها في الشارع فوقعت قريباً من أحد البداة، فظنّ أنّه رماها عليه متعمّداً، فجاء اليه البدوي فلزم حلقه ليخنقه، ووضع خنجره في خاصرته ليقتله، فاجتمعت عليه الناس فخلصوه. فكثر القال والقيل، وفشا السبّ والشتم، وتوفّر الضرب والجرح، فكانت الحادثة العظيمة بين الشيعة وعشائر السنّة من الصبيح ومطير والعجمان والعوازم والمهاشير وغيرهم، واستمرت الحادثة سبعين يوماً تقريباً [أواخر أغسطس 1908، أو أواخر رجب 1326هـ] وقتلت من الشيعة والسنّة رجال أبطال وذوو شخصيات، وممّن قتل فيها من الشيعة الشجاع الباسل جعفر بن الحاج حسن علي الخنيزي، وكان مقتله في 18/7/1326هـ، ودُفن في القلعة في المقبرة المجاورة لبيت آل أبي السعود) (انظر: الأزهار الأرجية في الاثار الفرجية، المرحوم الشيخ فرج العمران، المجلد 13، طبعة النجف ص 330 . http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1082562041.jpg

أمّا كيف انتهت المعارك، فالبعض يعتقد أنها جاءت بالصلح بعد نكسة عسكريّة تعرّضت لها القبائل بعد أن كانت متفوّقة طيلة مدّة حصار القطيف وقراها، في حين يرى البعض أن البدو تراجعوا بمجرد أن استقدمت القوات التركية المحاصرة قوات إضافية محمّلة بحراً من البصرة، حينها تراجع البدو، وبدا أن حصارهم للقرى لن يؤدي الى نتيجة، اللهم سوى شدّة انتقام العثمانيين، فسعوا الى مصالحة، كان الجميع راغباً فيها: السلطة المحليّة، والسكان المحليين، وقبائل البادية، وحتى الإنجليز أنفسهم، الذين خشوا من انعكاسات الإضطرابات على البحرين.

الأستاذ عبد العلي السيف، يذكر أن نهاية وقعة الشربة قد تمّت بانتصار الأهالي بعد معاناة أسابيع دمويّة. ويقول أن البدو جاؤوا بجمع كثيف وعسكروا في الجهة الغربية من القطيف وفي النخيل المجاورة للدبابيّة، ثم واصلوا الزحف الى القطيف للإنتقام، وكانت المدينة (القطيف) تتكون يومئذ من الشويكة والدبابية والكويكب والشريعة وميّاس والمدارس وباب الشمال والجراري والقعلة التي كانت أكثر تحصيناً ومنعة، فأُدخل فيها النساء والأطفال والعجزة والشيوخ.http://www.qatifoasis.com/images/shader/shade_up.gifhttp://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1129244586.jpgتوفي هذا العالم العليم والطبيب الماهر الحاذق يوم الاثنين 9/10/1348هـ بعد ما خّلف وراءه ثروة أدبية وعلمية تدل على عبقرية فذة، ودفن في مقبرة بلده العوامية وترك فراغاً كبيراً بعد رحيله لم يُسَّد لحد الآن.

وحينها خطط الشيخ محمد النمر، وهو رجل دين ضرير، بأن يجعلوا الرجال على طول محيط السور وفي البرج، وأوصاهم بأن لا يرموا النار، بل عليهم الإنتظار حتى تنقص ذخيرة المهاجمين، ثم ليبدؤوا بالرمي بصورة متقطعة، فإذا اشتدت رماية المهاجمين.. تُرمى قلال التمر والرماد والتراب المعدّ مسبقاً من جهتي الغرب والشمال من أعلى السور، وحين طبّق ذلك، ظنّ البدو أن الحاجز الأمامي انهار، فتقدّموا بأجمعهم فكانت خسائرهم كبيرة، وانتهت بهزيمة البادية عن القطيف (انظر: عبد العلي السيف، القطيف وأضواء على شعرها المعاصر، ص 44، 45، نقلاً عن مجلة المنهل السعودية الصادرة في 21 ربيع الثاني سنة 1388هـ، إجابة من قبل الأستاذ مهدي السويدان على سؤال حول حادثة الشربة). وإذا كان توثيق الحدث، يتطلّب البحث بين الأحياء ممّن لديهم معرفة بما حدث، فإنّ تفاصيل الواقعة وتداعياتها الإقليمية كانت أكبر من أن تستوعب من قبل الأهالي، بل ومن قبل قياداتهم المحليّة.

وللحق، فإنّ أكثرية المجتمع الحضري في القطيف والأحساء، كان يومئذ ضعيف الفاعليّة، وكانت القيادات المحليّة شبه مشلولة، وكان الإعتماد على العثمانيين في صدّ هجمات البادية قد نكبهم آخر الأمر.

ولربما كان الضعف القيادي يومئذ في القطيف كما في الأحساء، سبباً مباشراً في وقوع الأضرار الفادحة، لأنّه مهما كانت نتيجة (وقعة الشربة) فإن خسائرها للحضر، بشرياً واقتصادياً، أكبر بكثير ممّا تعرّض له المهاجمون.

كان الوضع الإجتماعي مفككاً، وكانت القيادة منحصرة في صنفين من الناس: رجال الدين، والملاك: إقطاعيين وتجار، وفي كثير من الأحيان إن لم يكن أغلب الأحيان نرى تحالفاً غير مكتوب بين الطرفين، وكانت المهام متداخلة، ولكن وجد من يقول بأن التجار هم الذين يسيطرون على الوضع.

والحقيقة فإن المجتمع الحضري يومئذ لا يختلف عن المجتمعات الإسلامية الأخرى، إذ قلّما تبرز قيادة محليّة من خارج الوسط الديني والتجاري، وربما بقي الحال الى هذا الوقت رغم التغييرات العاصفة التي شهدتها المجتمعات تلك، بسبب الفورة التعليمية، وشياع الثقافة وتطلّع شرائح إجتماعية من خارج هذين الصنفين (التجار ورجال الدين) لتتبوأ موقعها.

وقد أثبت كلا الصنفين، تاريخياً، فشلهما النسبي على الأقل، لضعفهما الذاتي، وقصور فهمهما السياسي، وللهامش الضيّق من حريّة الحركة المتاح داخلياً في العهد العثماني.

كانت القيادة الموجودة حين وقعت الإضطرابات قلّما تعاطت الشأن السياسي، مع أن بعض (وجهاء تلك الفترة) كان لديهم تأهيلاً أولياً لأن يلعبوا دوراً سياسياً ضمن المحيط المحلي. أما على صعيد التجار والإقطاعيين، فقد حُكموا على الدوام بمعادلتين أضعفتهما: أولاها، إن الإعتراف بشرعيتهم وتمثيلهم المنفرد للمجتمع أمرٌ شبه مستحيل، فقد كانوا دوماً بحاجة الى الإنضواء تحت مظلّة رجال الدين. وثانيها، هي أن أكثرهم في تلك الحقبة المريرة التي مرّت بالمنطقة، كانوا يرجحون مصالحهم في الغالب، على مصالح مواطنيهم، ولم يتوصّلوا الى معادلة او الى فهم من نوع ما يجعل مصلحتهم متماشية مع مصلحة من يمثلونهم. على العكس من ذلك، فقد أذاق إقطاعيو وتجار (الشيعة) في القطيف أهليهم الويلات، لعقود طويلة، بالضرائب وبالتواطؤ والمؤامرات مع القائمقام التركي ورجاله.

لهذا، كانت قيادات المجتمع الحضري في القطيف وغيرها، تمارس دوراً هامشياً، وكانت متجاهلة حتى من قبل الأتراك الحاكمين الخائفين من تمدد سلطة الملك عبد العزيز الى الشرق، ورغم أنها كانت قادرة على سوئها وضعفها على حشد الشارع من أجل توفير الأمن الذاتي، فإنها لم تجرّب ذلك مرّة واحدة، ولم تكن داخلة في اللعبة المحلية إلا من وجهها السلبي، وهو أن لا تـشتـرك فيها.

من جهة أخرى، لم تتعدّ سلطة (الواجهات) أو القيادات المحلية خارج أسوار المدن والقرى، فلم تكن منافساً يخشى منه، ولا رقماً مفعّلاً يرجى خيره. كانت هناك قوة كامنة لم تستنهض، لم تكن لاعبة في الساحة، بل كانت متفرجة على لاعبين آخرين، على المتصارعين من القوى المحليّة والدولية.

لم تخرج القيادات الحضرية عن نطاق محليتها الى الإهتمام بالشأن العام للإقليم، أو أبعد من ذلك، اللهم إلاّ: أحمد بن مهدي بن نصر الله، ومنصور بن جمعة، وذلك أواخر القرن التاسع عشر، وقد شهدنا للأخير بعض الأدوار المتواضعة سياسياً وعسكرياً على صعيد الإقليم بمجمله، وكانت البداية طيّبة لم يخدمها الظرف السياسي المحلي والإقليمي.

وزيادة على (محليّة) الوجوه، فقد كانت الزعامات قليلة الفاعلية، ضعيفة منكمشة تفتقر الى المبادرة والخبرة والتجربة. كانت منعزلة عن الحياة العامة وشؤونها المختلفة. القلّة القليلة منها كانت قد نبغت في شيء ذي أهمية وذي قيمة فقهياً أو أدبياً أو حتى اقتصادياً. أما الشأن السياسي في فترة التحول التاريخي تلك (أواخر القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين الميلاديين) فلا أحد تبنّاه أو حتى فكّر فيه، إلا بعض الطموحين من العُمد، ولكن ضمن المحيط الداخلي للمدن والقرى.

وفوق هذا كلّه، كانت الأنانيّة والمصالح الشخصية قد عصفت بالقيادات الحضرية في القطيف، فأصبحت أشبه ما تكون بأحزاب متـنافرة يقودها العمد والشيوخ والإقطاعيون ورجال الدين، فتشرذم المجتمع، ولم يكن بإمكانه الصمود حتى وإن حُسب كلّ فردٍ فيه مقاتلاً، لأن القيادة في حقيقة الأمر كانت غائبة، ففوجئت بالتطورات من حولها، خصوصاً نشاط وحركة القبائل من حولها، والتي تصاعد عنفها ضد المناطق الحضرية، وأقصى ما كان يمكن لتلك القيادات أن تفعله هو: ردّ فعل الضعيف، وليس الفعل القائم على التخطيط المسبق، والمرتكز على المعرفة بما يدور في الساحة.

إن عدم الإطلاع على الشأن العام، كان كافياً لأن يجعل أيّ قيادة عاجزة عن الفعل من أساسه.

ولم تكن أزمة المواطنين الحضر منحصرة في وجود قيادة ذات مواصفات حسنة، تستطيع أن توفّر على الجمهور القليل من المعاناة أو كثيرها. بل أن الأزمة كانت حينئذ مضاعفة، فحتى لو وجدت القيادة التي تتصدّى، فإنها لا تلقَ الإلتفاف الصحيح، إذا ما كان المطلوب من الناس أمراً يخالف التوجّه العام. عكس هذا كان متوفراً لدى القبائل البدوية والقوى السياسية في الإمارات الخليجية. فقد كان الإلتفاف وراء الزعامة مصدر قوّة حقيقي، لا يشعر به إلاّ المجتمع المفكك المنعزل المقتول من التشرذم.

كانت مشكلة سكان القطيف تكمن في: وأد قياداتهم في المهد، وهي في معظم الأوقات تنتصب وكأنها قدر تاريخي لا يمكن الفكاك منه. لم تكن المشكلة في إنجاب الأكفاء، ولكن التعامل معهم خصوصاً في حاضرة القطيف كان الأسوأ، فإذا ما تصدّى أحدهم للمقعد الشاغر، ارتفعت الأصوات للنيل منه ولا يرتاح لهم بال إلا بتسقيطه.

لقد كشفت وقعة الشربة الكثير من مظاهر العجز في المجتمع الحضري القطيفي، ولربما لفتت النظر الى حقيقة أن السكان المتقاعسين الذين أصاب قسماً منهم شيءٌ من الترف، لم يكونوا قادرين على توفير الحماية لأنفسهم. لقد لعب الغنى النسبي دوراً سلبياً في الحواضر والأرياف، فباعتبار المنطقة من أغنى مناطق الجزيرة العربية، نشد السكان الذين كانوا ملاّكاً للأراضي والبساتين الممتدة من النخيل، والذين مارسوا شتى الحرف والمهن، نشدوا الإٍستقرار، وانشغلوا بتحسين سبل العيش، وتثاقلوا الى الأرض، فكان حالهم مغرياً.

قبل وقعة الشربة بقرنين، كان هناك انشغال واضح عن تهيئة القوة العسكرية، حتى بمستوياتها الدنيا لحماية المصالح الإقتصادية على الأرض، إذ لم تتهيّأ للقوة الإقتصادية، قوة عسكرية موازية تحميها.

لم يقم السكان الحضر، أفراداً وزعامات، بسدّ النقص وصناعة القوة العسكرية الخاصة، رغم أنه كان واضحاً لديهم بأنهم إنّما يتكئون على قوة عسكرية (تركية أو قبليّة) ليست قوتهم، وتلك القوة لا يمكن الوثوق بها، لأن حماستها في الدفاع عن الحاضرة ضعيفة.

وسنرى كم هي حماسة العثمانيين في الدفاع عن الأهالي أمام هجمات البدو في مطلع القرن العشرين، وأمامنا وقعة الشربة، التي كانت تمثّل أقسى أنواع الصراع الدموي.

مثل هذه التجارب يفترض أنها لم تغب عن نظر الزعامات المحلية، ولكنها لم تفعل شيئاً ذا بال لسدّ النقص الخطير، فإذا كان يمكن التساهل في الشؤون الأخرى، فإن أرواح الناس لا يمكن التساهل فيها، خاصة وأن الأخطار كانت محدقة بالمنطقة من كل جانب. http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1099107691.jpg

بين الحقول عام 1947م

http://www.qatifoasis.com/showimg.php?file=1085407649.jpgقافلة من الحمير تحمل أكياس الرز والطحين. هذا الشارع حاليا هو الشارع الممتد من الشرق الى الغرب في اتجاه مركز الإطفاء

كان المواطنون يومئذ، بحاجة الى قوّة محاربين، وليس لبضعة أفراد للحماية الشخصية، وليس الى قوة لا تزيد عن سبعين جندي تركي حريص على الحياة. وأدّى التغافل عن ذلك الى نتائج سلبيّة، أهمّها إغراء البوادي بهم، ومن هنا يمكننا ملاحظة اهتمام السكان بوسائل الدفاع أكثر من وسائل الهجوم، فما من قرية إلاّ وكانت محاطة بسور يحميها من الغزو. ولكن لأن الدفاع من عمل الضعيف عادة، ولأن قانون المجتمعات جارٍ على أنه: ما غزي قومٌ في عقر دارهم إلاّ ذلّوا، فإنّ تلك الأسوار لم تمنعها من السقوط، ولم تمنع السكان من تقديم الكثير من الضحايا في الدفاع، بل ولم تمنع تلك الأسوار المهاجمين من إقتحامها وتشريد أو فرار الكثير من السكان الى الخارج، الى البحرين، كما في وقعة الشربة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك