المقالات

التصحر السياسي

1301 12:55:00 2009-02-25

( بقلم : علاء الموسوي )

تكاد سمة التصحر السمة البارزة للمناخ الطبيعي والسياسي في العراق، اذ تستيقظ صباحا وتجد نفسك متعبة نتيجة صعوبة التنفس من الغبار المنتشر بين ليلة وضحاها، والامر ينعكس تماما على التغييرات المفاجئة التي تحدث في المشهد السياسي من دون ان تكون هناك اي سابقة توحي بوجود خلافات جوهرية بين الكتل السياسية. نسمع بين الفينة والاخرى عن وجود اجتماعات مكثفة وقمم سياسية مبرمجة زمانيا ومكانيا من اجل الوصول الى حلول معينة تجاه الخلافات الواقعة بين الحكومة واقليم كردستان.. او بين قائمة معينة وكتلة اخرى.... او بين المكون السياسي الواحد.. وهكذا هلم جرا من الاختلافات بحق ابسط القوانين والاجراءات السياسية والقانونية التي يتم طرحها في المحافل السياسية.

المتابع للمشهد العراقي يلمس ان الاختلاف والتناحر هو الاساس وراء التشكيلة السياسية ، حتى وصل الحال الى ان يكون الاختلاف من اجل الاختلاف فقط لاغير. صحيح ان سمة الاختلاف (وليس الخلاف) نعمة الهية اريد بها اثراء البشرية بالتنوع والتعدد في الخيارات السليمة والصحيحة، وهذا بحد ذاته مبدأ اشارت اليه الادلة العقلية والنقلية في الاستفادة من تلك السمة البشرية.

الا ان يصل الحال الى تعطيل الحالة السياسية في البلاد بسبب وجود هذه الاختلافات التي وصلت وبطبيعة الاستمرارية فيها الى خلاف جوهري يهدد اطر الوحدة السياسية في القرارات المصيرية للبلاد، هذا ما لا يرضى عليه احدا لا في دين ولا قانون. في النصف الثاني من العام الماضي، وصلت ذروة الاختلاف السياسي للقوانين والتشريعات الى حد التناحر والتهديد بالانسحابات والانقلابات العسكرية، بينما تجد السمة الظاهرة للمشهد السياسي متنعم بجو عزائم المودة، وموائد الطعام لما لذ وطاب. الا ان مافي الباطن السياسي كشف من خلال الاحتكاك في اطر الخلاف، ماوراء المستور لطبيعة الاختلافات بين الاحزاب والمكونات السياسية. ولعل هذا الاحتكاك السياسي وصل اليوم الى مراحل الذروة وقبيل اعادة الهيكلية البرلمانية والحكومية من جديد، لاسيما في ما يتعلق بانتخاب رئيس مجلس النواب واقرار الموازنة المالية المميزة لمحافظات اقليم كردستان على حساب المحافظات الجنوبية (غير المنتظمة باقليم).

وما يزيد الطين بلة اطلاق الدعوات المعارضة للمحاصصة الطائفية، وجعلها كوسيلة للاستهلاك الجماهيري، من دون تطبيقها على ارض الواقع. حيث نجد تصريح يسند لشخصية سياسية، تكون كتلته من اشد المحتكرين للمنصب تحت يافطة مايسمى بـ(الاستحقاق الطائفي). لهذا لايمكن تخيل عراق ديمقراطي فدرالي اتحادي ينعم فيه الشعب ويعوض فيه عن آلام الماضي واهاته المريرة، وسمة التصحر السياسي طاغية على المشهد المتقلب يوميا ومن دون سابق انذار، وكأنما التغيرات المناخية (الاقليمية) لها من الصلة الوثيقة في طبيعة ذلك التصحر ،الذي لايخدم غير الباحثين عن افراغ العراق من معطيات وحدة الكلمة والقرار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك