ميثم المبرقع
ثمة ثقافة ترسخت في مرتكزات وعينا منذ سنوات المواجهة الفعلية مع النظام السابق سنة 1979 وهي ثقافة الاقدام على الشهادة والتحدي والمواجهة. وهذه الثقافة ساعدتنا كثيراً على الصمود في مواجهة اساليب النظام البعثي والاستمرار في هذه المواجهة العنيدة. ولكن ما يمكن ان نشير اليه وان كان خطيراً في هذه المرحلة هو اخطاء واختراقات وقعت بها الحركة الاسلامية في بدايات المواجهة اوقعت الكثير من الخسائر والضحايا في صفوفنا. واحدة من المخاطر الكبيرة في اداء الحركة المسلحة في داخل العراق في بدايات العقد الثمانيني هو الاختراق المخابراتي والامني لصفوف الخط المسلح المعارض دون محاسبة واقعية او مراجعة واعية لطبيعة هذه الاخطاء او التنبه لهذا الاختراق.
ففي سنة 1981 تم اعتقال اكثر من مائتي معارض وتم اعدام اغلبهم بسبب اختراق مخابراتي او وضع شخصيات غير كفوءة في الموقع المتقدم في المواجهة السرية مع ابشع نظام بوليسي في العالم وتم خلال هذه الاعتقالات ضرب قرية جيزان الجول في الخالص بالطائرات واعتقال نخبة مؤمنة في وزارة الدفاع والتوجيه السياسي وبعض الطيارين ولكن لم نفتح تحقيقاً عن اسباب هذا الاختراق الكبير وكشف مخطط كاد ان يقلب نظام البعث في ذلك الوقت ولم نحتاج الى 9 نيسان مدججة بالدبابات والقوات الامريكية والمزايدات! فلماذا نتغافل عن الاخطاء في نشوة التغني بالشهادة والمواجهة والجهاد؟
وهذا لا يعني بالضرورة اننا نعلن ندمنا عن مواقفنا وتضحياتنا لمجرد اننا لم نصل لاهدافنا المرسومة بالوقت المناسب فالشهداء أدّوا ما عليهم وصدقوا ما عاهدوا الله عليه ولكن اليس من حقنا ان نتساءل ولو بعد فوات الآوان عن الاخطاء التي سببت لنا كل هذه الكوارث والاخطاء القاتلة.الشهداء رحلوا الى ربهم شاهدين على ما لحق بهم من ظلم وحيف وتعسف وهم لم يتحملوا ادنى اخطاء الاختراقات الحاصلة في جسد الحركة الاسلامية ولكن من جاء لكي يستثمر هذه الدماء لاسباب سياسية عليه ان يراجع الاخطاء بدلاً ان يستثمر الدماء.
وما حصل في جريمة ابو غريب الاخيرة يشبه الى حد بعيد هذه الثقافة الخطيرة وهي اننا انشغلنا في تأبين الشهداء والتغني بالشهادة المقدسة ولكننا تغافلنا تماماً عمن أغفل بشاعة الارهابيين وتخطيطهم.كيف تم تجميع هذا العدد الكبير من الناس في منطقة كانت ومازلت ساخنة ومرشحة للانفجار في كل حين دون ان نضع في حساباتنا كل الاحترازات الامنية والاختراقات المحتملة لكي ننقذ ارواح الناس.وفي سياق ذلك قام الناطقون الامنيون بالتقليل عن فداحة الحادث وبشاعته واعتبروا ما جرى امراً طبيعياً في الاحداث اليومية بل مروا على الجريمة مرور الكرام وهذه مظلومية اخرى تضاف الى سجل الشهداء.
https://telegram.me/buratha