المقالات

في ذكرى عزيز السيد جاسم

1092 18:27:00 2009-04-15

علي الخياط

نحتفل اليوم - حزناً - بذكرى فقدنا لأحد الأعلام في تاريخ الفكر و الأبداع العراقي .الا وهو الراحل الكبير عزيز السيد جاسم والمحتفى به دائماً عبر السنوات التي كان يسيرُ - فيها - حياً في شوارع بغداد المنكوبة بأصنام السلطة البعثية , لكنه أحتفاء من نوع أخر .. فأزلام السلطة كانوا يحتفلون بطريقة خاصة . كانوا يترصدون , و يسجلون تحركات و أشارات و نظرات أبن السيد لأنه يمثل أرقاً مستديماً لصدام وعصابته منذ اللحظة التي أعلن فيها أنه متمرد و رافض لسلوك السلطة و عنجهيتها .. فهو رجل أحب وطنه .. وهو مثقف أحب عالمه الساحر , وهو صحفي يحب مهنته ،وفوق كل ذلك يجب الشعب الذي ينتمي اليه ..هذا الرجل من طراز خاص لايمكن ان يقبل بدور كومبارس ،او عنصر امن يقف على رأس الدكتاتور يهشُ عنه الذباب المتقافز هنا وهناك ..كان مفكرا واعيا .يفهم ان المسؤولية شرف ،وليست سلطة غاشمة تتحكم برقاب الناس،وعندها كان دوره كمفكر يحتم عليه ان يرفض ذلك ويتحداه ،واذا وجد انه لابد وان يضحي فعليه ان يفعل ذلك برحابة صدر ،وقد فعل.

اما النظام الحاكم في وقته فلم يكن مستعدا بقبول ذلك التحدي ،ولايفهم ان سلطة المثقف وسيلة للتهذيب وليس القمع ،وكان عليه ان يتخلص من عزيز السيد جاسم .لأنه يمثل خطرا ،ولأن اخرين قد يفكرون بالتمرد ماداموا يرون كبار المفكرين يهاجمون اوكار النظام.ولذلك لابد ان يسارع الجلادون الى الهجوم اولا ويدخلوا الى المساحة الهادئة التي يشغلها عزيز ،ويقيدوه بالسلاسل ويسحبونه الى القاع المجهول ليتخلصوا من الارق ولكي يرضى عنهم سيدهم المخبول بالسلطة والجبروت ولست اعلم ان كان رضي اولا..

فعزيز السيد جاسم غيّب عن محبيه ،وصدام ذهب الى الجحيم .. لكن الفرق ان صدام ذهب بعاره الشنيع الى يوم الدين واعداؤه يذكرونه بالويل والثبور وكذلك ضحاياه فأنهم يلعنونه ليل نهار بينما عزيز السيد جاسم يجد الكثير من الاحبة والاصدقاء والمحتفلين ،والفخورين بشخصيته الفذة. وهذا هو الفرق بين النظام البعثي ومناوئيه من الاحرار الوطنيين الذين تحدوا سلطته الغاشمة حتى ابيدت في نيسان 2003. وللفقيد عدة مؤلفات منها المفتون والتي كتب عنها ناشر الكتاب معلقا ((لذي يميز هذه الرواية هو ان حوارها يحتوي مجموعة من اللغات، التي يتقاطع بعضها مع بعضها الآخر، فينفرط الصوت في لغات متعددة تأخذ من الهضاب والاعالي والسهول والسجون والمستشفيات لغاتها الخاصة. وهكذا يكون صوت خلف الاعور، بجئيره، الوجه الآخر للطغيان، فهو مجنون يمارس سطوته من موقعه في تلة عالية تتيح ان يرى الاخرون نثاياه وحريمه. انه الوجه الدفين للمتسلط. لكنه محاصر بجنونه الذي يقصيه عن الاخرين، بينما يمده بمناعة خاصة وصوت رهيب. وعالمه، بعد ذلك، هو (الغروسك): عالم المتسلطين عندما يتمدد ويتضخم خارج حدود الواقع، فيبدو بمثل هذه الاوضاع المثيرة للضحك مرة وبتباعد الآخرين عنها مرة اخرى.

ويمثل هذه السعة، تقدم هذه الرواية بعدا اخر للكتابة السرية، تلك التي بمقدورها ان تقول الكثير في فسحة صغيرة نسبيا: و"المفتون"، بعد هذه التوطئة القصيرة، رواية ما بعد الاستعمار بامتياز. انها من بين النصوص الفريدة التي تستكمل ما كتبه فانون في "المعذبون في الارض" عن ولادات الدولة المريضة)) ومن الكتب الاخرى،متصوفة بغداد،علي بن ابي طالب –سلطة الحق،المناضل ،تأملات في الحضارة والاغتراب،مسائل مرحلية في النضال العربي،الاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي،الدليل في التنظيم،المجالسة في النظرية والتطبيق،ديالكتيك العلاقة المعقدة بين المادية والمثالية وعشرات من المقالات والبحوث التي كتبها المرحوم في حياته الادبية المتألقة والمليئة بالاجتهاد والمثابرة ،وبفقده فقدنا كاتب من طراز فريد يصعب تعويضه

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك