المقالات

مجالس أعلى في البلاد ... لمصلحة مَن؟

955 09:23:00 2009-05-18

( بقلم : علاء الموسوي )

يبدو ان المشهد العراقي ما زال بعيدا عن التطبيق الديمقراطي لتجربته الجديدة في الحكم، فالنظام المؤسساتي ومفهوم الدولة الراعية وتوزيع الصلاحيات ما زالت غير حاضرة في ممارسات الساسة وارباب السلطة في العراق، فبدلا من أن تتجه الحكومة العراقية إلى تفعيل الهيئات والنقابات العامة ومؤسسات المجتمع المدني، لتساعد في بناء الدولة المدنية الحديثة، أخذت (الحكومة) في ممارستها التنفيذية بعدا مغايرا للتوجه المعلن عنه أمام الشعب، فحالة الاستفراد والهيمنة الشمولية لم يعد لها رواجا لدى المتلقي العراقي المفعم بأمل الحرية والانعتاق من شبح التسلط والاحتكار، بل ان الدعوة إلى التضمين الحكومي لكل شاردة وواردة باتت سلعة رخيصة يمقتها مجتمع عانى من كبرياء الحكام وتعنتهم للشخصنة السياسية على حساب البلد والشعب لأكثر من عقود مضت، إلا أنها ـ ومع الأسف ـ باتت مظهرا ملازما في العراق، على الرغم من انتهاء الحقبة المظلمة والمتمثلة بحكم حزب البعث الشمولي.

بالأمس كانت هناك دعوى قانونية وبرلمانية لإلغاء مستشارية الأمن القومي التي يرأسها النائب عن الائتلاف العراقي الموحد موفق الربيعي، وذلك لأنها مؤسسة غير قانونية، وليس لها سند دستوري يعزز بقاءها، فضلا عن أنها تشكل هدرا لأموال الدولة، عبر تخصيص اكثر من 23 مليار دولار كميزانية سنوية لها، والتي لا يحق لها تعيين اكثر من عشرين موظفا!. حسب ما هو مقرر في العقد المبرم مع الحاكم الامريكي السابق بول بريمر. وبدلا من ان تلغى تلك المستشارية على وفق الدستور، استغل تشكيلها السابق لتأسيس مجلس أعلى للأمن الوطني يرتبط بمكتب رئيس الوزراء، والذي سبقه أيضا الدعوة الى تأسيس مجلس أعلى للثقافة، ومجلس أعلى للإعلام يعمل على شرعنة القوانين، وتعزيز الروابط ما بين الحكومة والنخب الإعلامية والثقافية.بناء دولة المؤسسات وتطبيق الدستور المأمولة في العراق، لم يخطط لها ان تكون شمولية التحكم والاستفراد بالقرار، فالدولة التي تبتعد عن إطار التمدن الحضاري في تعزيز صلاحيات المؤسسات والمنظمات المدنية المختصة، تتجه بالتالي إلى الانصهار من اجل خدمة الشخص الحاكم، وليس الراعي لمصالح الشعب والأمة. وهذا ما يجعلنا نطرح السؤال الآتي: لماذا تتدخل الحكومة في كل صيغ وقوانين الثقافة والإعلام وحتى الأمن المرتبط بالمجلس السياسي الوطني في البلاد.. هل يحتاج واقعنا الإعلامي والثقافي إلى وصاية الحكومة واشراكها في كل التفاصيل، بقدر احتياجه إلى الفكر الراعي والداعم لخلق الإبداع وبناء مؤسسات صناعة الأفراد والكوادر المتقدمة.. لماذا لا ترعى الحكومة تأسيس كليات ومعاهد وإقامة فعاليات عالمية ودولية تشرك فيها مؤسسات مستقلة من اجل تفعيلها وليس تسييسها ؟.من المؤكد ان الدعوة الى توحيد الجهود لدى المؤسسات كافة يحتاج إلى فكرة تضمين تلك المجالس العليا في اختيار القرارات، وفك الاختناقات الحاصلة نتيجة الشخصنة الفردية، وإبعاد هيمنة الاحزاب عليها. ولكن ان ترتبط تلك المجالس بشكل مباشر بالسلطة وليس الدولة الراعية، والتي نفتقر إلى وجودها في العراق اصلا، ينذر بوجود حالة من الشمولية والاستفراد بمواطن القرار وتسييس النخبة لاصحاب السلطة، وليست الدولة التي لا تتغير بأمزجة الأحزاب والمسؤولين. لايوجد ما يدعو إلى الثقة بان في حسبان حكومتنا اليوم ان تعزز هيبة المؤسسات المدنية غير المرتبطة بها، ومنحها مقومات النهوض بنفسها ماليا ومعنويا عن طريق تسخير وزاراتها المعنية بذلك، بل أنها لم تكتف باستفرادها للقرارات السياسية التي اشعلت فتيل الفتن السياسية وحطمت قيود الشراكة الوطنية، لينسحب الأمر إلى تمييع تلك المؤسسات ـ وان كانت هي بحد ذاتها ضعيفة ـ وحصرها بممرات ضيقة، إما العيش الرغيد بالمنح والعطايا المشروطة، وإما الإلغاء والتضمين لهيئة عليا مرتبطة بشكل مباشر بمقاليد السلطة. ولعل ما حصل مع اتحاد الادباء ونقابة الصحفيين العراقيين من منحهم الوعود بالمكافآت وقطع الاراضي وتخصيص الرواتب، مع الغاء صلاحياتهم في شرعنة القوانين وتشخيص أخطاء الحكومة تجاه النخب دليل على ما نذهب اليه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك