بقلم : سامي جواد كاظم
كلما نعيد قراءة القران تظهر لنا ايات وكأننا ما قرأناها قبل وهذا الاحساس ياتي للبعد الفكري لهذه الايات التي تعطي معان جديدة مع كل قراءة جديدة ، والاروع في اعجاز القران اننا عندما نقرأ قصة في القران لنبي من انبياء الله عز وجل قبل نبينا الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم نجد عبر ودلالات تفيدنا في حياتنا اليوم وكانها دليل اثبات ان خاتم الانبياء جاء ليكمل رسالات رب العالمين ويختمها.اول قصة في الكتاب تاريخيا هي قصة خلق ادم عليه وعلى نبينا محمد افضل الصلوات والتسليم وما رافقها من حوارات بين الله عز وجل والملائكة وادم عليه السلام ، والحقيقة تاملت كثيرا فيما يمكن لنا ان نستفاد من هذه القصة فوجدت فيها اكثر من درس يدخل في صميم حياتنا المعاش حاليا وهذه هي نزر يسيرة من فيض القران الاعجازي الذي لايمكن لعقولنا الناقصة ان تستوعب ما في القران من بحور العلوم حيث هذه المهمة موكلة للثقل الثاني للقران حسب حديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حيث قال ( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي ابدا) وهذه دلالة واضحة للعلاقة بين القران واهل البيت حيث يعتبرون القران الناطق .يبدأ حديث الله عز وجل مع الملائكة بالقول ان جاعل في الارض خليفة فقالت الملائكة اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال انا اعلم ما لاتعلمون ... هنا جواب الله عز وجل يدل على خصوصية بعض العلوم بالله عز وجل دون سائر خلقه ، ويستمر الحوار... وعلم ادم الاسماء كلها ...هنا الاسماء التي علمها لادم قصد منها حسب حديث الامام الصادق عليه السلام حيث قال هي اسماء الارضين والجبال والشعاب والاودية ثم نظر الى بساط تحته فقال وهذا البساط مما علّمه ، ودليل صحة هذا العلم هو قوله عز وجل : ثم عرضهم على الملائكة ....عرض ماذا ؟عرض الاشياء التي علم ادم اسمائها ، وقال للملائكة انبؤني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين فقالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا .....،طبيعة العلم الذي منحه الله عز وجل لادم عليه السلام هو ذات طبيعة تتفق والحالة التي عليها حياة ادم عليه السلام بحيث يجب ان يعلم ماهية الاشياء والمخلوقات التي حواليه اذا نصب خليفة عليها ، هنا اثبت الله عز وجل للملائكة عجزهم عن مجاراة الانسان في العلوم الممنوحة من الله عز وجل من هذه الحوارية نستفاد ان الخليفة يجب ان يتمتع بعلم لدني بالاضافة الى العلم الكسبي ، ولو تتبعنا احاديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بخصوص العلم الذي منحه له الله عز وجل وبدوره نقله لاهل بيته ومنها قوله انا مدينة العلم وعلي بابها ، ويقول علي عليه السلام لقد علمني رسول الله صلى الله عليه واله الف باب من العلم يفتح على كل باب الف باب اخرى وكذلك قوله زقني العلم زقا وقوله المشهور سلوني قبل ان تفقدوني ومن امير المؤمنين عليه السلام الى ولديه والائمة التسعة من الحسين عليهم السلام ينتقل هذا العلم الممنوح لهم من الله عز وجل فما من حدث او حديث في التاريخ يذكر ان الائمة المعصومين عليهم السلام تلقوا العلم من غير ابائهم وجدهم رسول الله صلى الله عليه واله هذا العلم هو الشرط الثابت من الله عزوجل الذي يجب توفره في الخليفة الا وهو العلم اللدني ، وتعلمون ونعلم كم من خليفة اقر بالاعلمية لال بيت المصطفى في كثر من المسائل المستعصية التي تعرض عليهم وخصوصا من اليهود والجاثليق .هذه الفائدة لو طبقناها على حكام الدول الاسلامية الذين حكموا المسلمين من بعد رسول الله صلى الله عليه واله الى اليوم فمن منهم يتمتع بعلم لدني ؟ فاذا كان الكسبي مفقود لاغلب الحكام فكيف باللدني ؟هنالك بحوث فلسفية في هذا المجال منها ان كان ادم خليفة على الارض فاين هي الجنة وهل الارض كانت هي الجنة ؟ والاسماء التي علمها الله عز وجل لادم عليه السلام ما هي ؟ هذه امور تخرجنا عن مبحثنا . نكمل الحديث وخلق ادم من تراب وقصة عصيان ابليس في السجود لادم معروفة والقياس الذي اعتمده ابليس في المفاضلة ورفض الله عز وجل لذلك والمهم هنا ان الله عز وجل لم يقتص من ابليس حال العصيان ولم يكفره ولم ينتقصه بكلمات جارحة كما تفعل الفرقة التكفيرية اليوم بل تعمد الحوار ومساءلة ابليس عن سبب تمنعه من السجود وكانت اجابة ابليس غير منطقية ونابعة عن جهل وبالرغم من ذلك وبعد طلب ابليس ان يجعله من المنظرين حكم بعدم هلاكه ولكن اخراجه من الجنة فقط وحذره من التقرب لعباده الصالحين ، واليوم نجد في اغلب البلدان الاسلامية كم من مظلوم او عاصي يحاكمون ويعاقبون من غير اتاحة الفرصة لهم في الحوار والدفاع والسجون العربية تحديدا تعم بهكذا حالات حتى ان الاصلاحيين السعوديين طالبوا ملكهم بوقف المحاكمات السرية .ونكمل ان الجنة التي هي العلامة البارزة والمكافأة الالهية الاخروية لكل انسان يطبق تعاليم الله عز وجل من عبادة واعمال تنفع البشرية في حدود شرع الله عز وجل نجد ان الله عز وجل منحها لادم من غير ان يكلفه بعبادة واعمال صالحة وغيرها من الاعمال التي تقرب البشر من ربهم حيث انه منح الحقوق قبل الواجبات واكمل الله عز وجل نعيمه على ادم بمنحه حواء شريكة لحياته وتؤنس وحدته وبعد هذا طلب من ادم ان لا يقرب شجرة معينة وهذا الطلب اشبه بعبادة ولكنها من نوع خاص يخص محاربة النفس ودنائتها ، أي ان الاختبار الاول هو امتحان ادم عليه السلام في صراعه مع النفس .كم حاكم او حكومة منحت رعيتها حقوقهم قبل المطالبة بواجباتهم ، نحن اليوم نرى القوانين التي تحكم وتعاقب المواطن الذي لا يمنح حقوق الحاكم هي قوانين تعسفية وتطبق بشدة وبحذافيرها وحتى بغلو في حين لو وجد هذا الحاكم شخص عاص لحكم الله عز وجل نجد التهاون او العقوبة المضاعفة وهذا ليس هو المطلوب والبعض يعمل على نشر المعاصي .فعندما تمنح الحكومة حقوق المواطنين تستطيع ان تطالبهم بالواجبات حيث ان المانح يكون الاعلى او الاكبر قبل المطالبة بالواجبات من الادنى ، فعلى الحكومة العراقية ان تمنح العراقيين حقوقهم قبل المطالبة بما يجب على المواطن وعندها تستطيع ان تاخذ من المواطن ما تريد وتحاسب ان تخلف احد عن اداء واجباته .بعد عصيان ادم وخروجه من الجنة فانه لم يلتفت الى النعيم الذي كان فيه قبل خروجه بل التفت الى عورته وطفق يبحث عن ما يسترها اذن هذا الستر الذي ننعم به بفضل الله عز وجل هو افضل نعمة انعم الله عز وجل بها على البشرية كما هو حال ادم عليه السلام الذي لم يلتفت الى فقدان نعم الجنة التي منحها الله عز وجل له بقدر التفاته الى كشف عورته .ومع الاسف هنالك الكثير من المسلمين ينتهكون سترهم بل حتى ستر غيرهم من المسلمين من غير مبالاة لما لهذا العمل من عواقب سلبية دنيوية واخروية ونسال الله عز وجل ان يغفر لنا ولهم ويقينا شر العذاب .ان شاء الله لنا عودة مع درس اخر وقصة اخرىاشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha