ناصر الصرامي
دعوى قضائية مرفوعة ضد الشيخ عبدالله بن جبرين الذي يرقد في أحد المستشفيات الألمانية، شفاه الله، تتضمن اتهامه بالتحريض على الإرهاب وإبادة الجنس البشري على خلفية فتاوى وخطب سابقة.قائمة الدعوى التي تقف خلفها "لجنة انتفاضة المهجر في أوروبا"، العراقية، شملت سلسلة من الفتاوى والأفلام والتسجيلات الصوتية التي يقال إنها حرضت على قتل العراقيين الشيعة إلى جانب الدعوات لتدمير المراقد الإسلامية المقدسة والكنائس المسيحية في العراق، إضافة إلى إشادات بزعيم القاعدة أسامة بن لادن.الجماعة واصلت المضي قدماً في الدعوى، وكونت فريقا مكلفا بمتابعة القضية يتألف من محامين ومترجمين مكلفين بترجمة الأدلة والوثائق الخاصة بفتاوى وصفت بالمتطرفة، بينها ماهو مكتوب ومسجل، بالإضافة إلى اعترافات لمنفذي عمليات إرهابية، وتوعدت بمطاردة كل المحرضين للإرهاب، الذين اسمتهم "مرجعيات القتل والتفجير"، والملفت هو حجم المطالب في هذه القضية.
تدخل سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية والنائب الثاني، نتج عنه ضمانات ألمانية بعدم المساس بالشيخ وتوفير الحماية له من أي ملاحقة قانونية داخل أراضيها، ليؤكد مجددا حرص القيادة على أبنائها في كل حالاتهم.
طبعا القضية والموقف لم يكن متخيلا خلال سنوات ماضية، لكنه العالم يتغير ويصبح أكثر تشابكا، وهو أيضا يرصد لكل الاجتهادات البسيطة والمعقدة. إلا أن الدعوى تقدم للحالة التي أصبح عليها العالم اليوم، فافي عصر النت المعرفي والاتصال، كل الأشياء العامة وحتى ما نعتقد أنها خاصة أو تطلق في مكان ضيق أو مساحة مسجد متواضع، أصبحت تصل بصورة وأخرى إلى العالم، وتبقى مسجلة ومكتوبة وموثقة.وهو ما يعني أن الاجتهادات الغير موفقة، و قصور الرؤية والإدراك للعالم لم تعد حجة كافية، أو مقبولة من شيخ أو طالب علم أو مفتي على المستوى الشخصي والقانوني، كما أنها أيضا تشكل إحراجا للبلاد ودفعها لمواقف سياسية مقابل اجتهادات مضرة بأمن بلاد الحرمين، وقيادتها المعتدله للعالم الإسلامي، هذا الواقع يؤكد أن الاجتهادات الضيقة والغير محسوبة أصبحت مضرة وخطرا يجب مواجهته داخليا قبل أن يتطور خارجيا.
هذا الدرس القانوني أدركه عدد من مشائخ الصحوة الذين أصبحوا أكثر انفتاحا وقبولا في طرحهم الفكري والشرعي، وعليهم واجب تقديم التوضيح والنصح لمشائخهم السابقين اللذين لايزالون يعيشون في العصر القديم وخيالاته بعيدا عن أدواته وأبعاده الجديدة التي رفضوها مقدما. من بينهم الداعية الواعظ عائض القرني والداعية الإعلامي سليمان العودة وغيرهم كثيرون.
https://telegram.me/buratha