احمد عبد الرحمن
بعد وقوع العملية الارهابية في ناحية البطحاء التابعة لمحافظة ذي قار كتبنا "ان جريمة استهداف الابرياء في ذي قار لاتختلف بشيء عن عشرات او مئات الجرائم الاخرى السابقة التي استهدفت الابرياء ايضا على امتداد الاعوام الستة الماضية في بغداد ونينوى والنجف وكربلاء واربيل وكركوك والانبار وصلاح الدين وديالى والبصرة وبابل ومدن العراق الاخرى".ولم يمر وقت طويل حتى سقط الشهيد السعيد الدكتور حارث العبيدي رئيس كتلة جبهة التوافق العراقية في مجلس النواب مضرجا بدمائه في واحد من بيوت الله التي كان يؤم المصلين ويلقي خطبة الجمعة فيها، وتحديدا في جامع الشواف بمنطقة اليرموك في كرخ بغداد.واذا كان ميدان جريمة البطحاء مختلفا عن ميدان جريمة جامع الشواف في بعض جوانبه الشكلية، فأن اوجه التشابه بين الجريمتين من حيث الجوهر والمضمون والاهداف والنوايا والاجندات كثيرة، ولايحتاج المرء الى بذل جهد كبير لاستجلائها وتشخيصها.
واذا كانت جريمة البطحاء التي تسببت بسفك دماء طاهرة وارواح عزيزة، جزء من مسلسل الارهاب الهمجي التكفيري والصدامي ضد ابناء شعبنا العراقي بمختلف انتماءاته وتوجهاته وعناوينه، فأن جريمة جامع الشواف التي ادت الى خسارة شخصية وطنية تميزت بالاعتدال والمرونة والانفتاح والعقلانية، في طرحها وسلوكها وتعاملها، لم تخرج عن سياق استهداف مبرمج ومتواصل للرموز والشخصيات السياسية والدينية الوطنية صاحبة التأريخ المشرف والمواقف الوطنية الشجاعة، والنهج العقلاني المتزن، ولعل شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم(قدس سره الشريف) كان من ابرز الشخصيات التي طالها الارهاب التكفيري والصدامي، اذ شكل فقدانه خسارة كبرى للدولة العراقية، في مرحلة حساسة وخطيرة وحرجة للغاية.ان استهداف ابناء شعبنا العراقي، واستهداف رموزنا الدينية والسياسية والفكرية لن يتوقف، مادام لدى الجماعات الارهابية بعناوينها ومسمياتها المختلفة قدرة على التحرك، ومادام هناك من يمول ويدعم ويشجع، ومادام هناك من لاينسجم مع مصالحه استقرار العراق وازدهاره.
وهذا يعني انه لابد من شل قدرة الجماعات الارهابية بالكامل وانهاء وجودها، لانه من خلال ذلك فقط يتوقف نزيف الدماء وازهاق الارواح، ومن خلال ذلك نضمن نجاح المشروع والتجربة السياسية في العراق الجديد.ولعل استشهاد الشيح حارث العبيدي مثل رسالة اخرى واضحة في دلالاتها ومعانيها ومكنوناتها، هذه الرسالة التي قرأها الجميع قراءة واحدة، هي التي تحتم ان تكون هناك وقفة حقيقية واحدة بوجه اعداء العراق من التكفيريين والصداميين، الذين لم يعد بأمكانهم خلط الاوراق، وبث الفرقة بين ابناء الوطن الواحد، فالحقائق باتت جلية وواضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار؟ .
https://telegram.me/buratha