احمد عبد الرحمن
ستكون وصية فقيد العراق سماحة السيد عبد العزيز الحكيم (قدس سره) الشريف، والتي تليت على مسامع الحشود الجماهيرية المشيعة له في مدينة النجف الاشرف يوم السبت الماضي، وحدة من ابرز الوثائق التأريخية في حقبة زمنية حساسة ومفصل مهم من تأريخ العراقي السياسي المعاصر. وفي تلك الوصية نجد جملة من المباديء والتوصيات والتوجيهات السياسية والاجتماعية والاخلاقية والسلوكية، المرتبطة بمعطيات وحقائق الواقع المعاش للمجتمع العراقي.وتعكس الوصية بنقاطها الاربع عشرة قراءة واعية ودقيقة لحزمة من المشكلات والتحديات والقضايا المختلفة، التي ينبغي الالتفات اليها وايلائها اقصى قدر من الاهتمام، والتوصل الى حلول ومعالجات ورؤى وتصورات واقعية وعملية لها.فعلى سبيل المثال لا الحصر فأن الالتزام بالقيم والمباديء الدينية، والمحافظة على الوحدة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب العراقي، والحرص على احياء الشعائر الحسينية، والتمسك بنهج ال البيت عليهم السلام، والمحافظة على المنجزات السياسية المتحققة بفضل الكثير من الجهود والتضحيات، والاهتمام بالمضحين والايتام والارامل والمحرومين والمعوزين، كلها تشكل عناوين رئيسية وجوهرية في وصية فقيد العراق، في ذات الوقت تعد عناوين اساسية لقضايا راهنة تتصدر الاولويات السياسية والاجتماعية بأطارها العام والشامل.
وهي منذ وقت طويل مثلت عناصر ومقومات وجوهر الخطاب والمنهج والبرنامج السياسي العام للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي ولزعيمه الراحل سماحة السيد الحكيم وقبله شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سرهما). لذلك ليس غريبا ان نكتشف ان الفقيد الراحل وفي اصعب الظروف الصحية التي كان يمر بها، كان الهم العام يستغرقه بصورة كاملة، على حساب الهم الخاص بكل اعبائه الصحية والنفسية الثقيلة. ولعل تشخيص فقيد العراق للواقع واشكالياته وعقده الحساسة كان دقيقا وصائبا الى اقصى الحدود، وهو في كل الاحوال لم يأت من فراغ، وانما كان نتاج تراكم كثير من الخبرة والتجربة الطويلة في ميادين الجهاد والتضحية والعمل السياسي في ظل ظروف واوضاع مختلفة اتسمت بالصعوبة والتعقيد والخطورة في اغلب الاحيان.
وحينما يقول سماحة السيد عمار الحكيم في مراسيم خطبة الجمعة بمسجد براثا "ان الفقيد الراحل ورث لابنائه مشروعا رساليا.." فهو بذلك يكون ق اصاب كبد الحقيقة، وحينما قال الفقيد في وصيته "ان السيد عمار الحكيم وصيي بعد مماتي"، لانه من الثقاة العدول وله القدرة عل التصدي المفيد والناجح في المجالات الدينية والسياسية والاجتماعية، فأنما اتخذ القرار الصائب والصحيح، للحفاظ على سلامة مسيرة تيار شهيد المحراب، ومواصلة سيرها وتقدمها الى الامام لاداء رسالة ذلك التيار، صاحب التأريخ المشرف والتضحيات الجسام من اجل العراق والعراقيين على مدى ثلاثة عقود من الزمن.
https://telegram.me/buratha