المقالات

الحكومة العراقية والدوائر المفرغة

1012 16:54:00 2009-09-06

المهندس بهاء صبيح الفيلي

قبل أن ادخل فيما ارمي إليه أود أن أوضح موضوع مهم لكل الإخوة الذين يكتبون في الصحف الالكترونية أو الورقية عن موضوع اللاجئين العراقيين في البلدان المجاورة, إن هذه الدول لا تقوم بشيء سيئ في إيواء العراقيين , وهذه الدول المجاورة فتحت أبوابها أمام اللاجئين والمهاجرين والمهجرين العراقيين, ولكن مفهوم اللجوء في دول الشرق يختلف على ما عليه في الغرب ولذلك لا يحصل اللاجئ على امتيازات المواطن الأصلي للبلد , ولكن هناك ضغط ومن نوع آخر على الدولة المستضيفة وهو تقاسم اللاجئين أو المقيمين الخدمات والدعم للسلع التي توفرها الدولة لمواطنيها , فسورية ذات الموارد المحدودة تساهم في دعم السلع الأساسية لمواطنيها وبذلك يستفاد اللاجئ من هذا الدعم , وكذلك إيران تقوم بالشيء نفسه وطبقا لتقرير بلوميبيرغ الصادر في أغسطس (آب) 2006، أنفقت الحكومة الإيرانية مبلغ 25 مليار دولار لدعم السلع الاستهلاكية، أي أكثر من نصف قيمة عائدات النفط الخام (44.6 مليار دولار) فمن المؤكد استفادة اللاجئين العراقيين من هذا الدعم للسلع الاستهلاكية. إذن لا نستطيع أن ندعي بان هذه الدول تربح من وجود هذا الكم الهائل من اللاجئين عندها, وعلى كل حال ألان عرفنا إن هذه الدول لها الفضل على الذين يلجئون لها من المواطنين وارجوا أن تكون هذه النقطة واضحة.

الحكومة العراقية وقعت في حيص بيص من أمرها بعد الهرج والمرج الذي دار بعد تفجيرات الأربعاء المؤلمة والحرب التصريحاتية والإعلامية, وما عادت الحكومة تستطيع إخفاء خيبتها في الفشل على الحفاظ على الأمن والأمان للمواطنين , وفشلت دولة القانون التي كلنا استبشرنا بها خيراً, ما الخطأ وأين ومن السبب لم نعد نستطيع الحصول على جواب أو بالأحرى ليس هناك جواب صحيح, فالاختبار كان قاسياً وفقد الجميع الحس الإدراكي.

لا نستطيع أن ننكر إن طابع الجريمة الوحشي وهول البشاعة تحمل بصمات حزب البعث, ولكن نحن لم نمسك خيوط الجريمة, وكل الذي جرى أن الحكومة عرضت شخصاً يقدم اعترافات على انه المدبر للعملية الإرهابية وبتوجيهات وتخطيط من القيادة البعثية في سورية وان هناك تساهل من قبل بعض الأفراد من القوات الأمنية التي لم تفتش المركبات المحملة بالمتفجرات, إلى هنا أوقفت الحكومة إعطاء معلومات أكثر, لأن ليس لديها أكثر من ذلك لتقدمه, إن الذي حدث هو مطالبة الحكومة العراقية لسورية بتسليم الإرهابيين إليها, وبدئت مناوشات كلامية ( عنتريات ), وهناك حقيقة ثابتة وهي لو كانت في نية سورية تسليم هؤلاء المجرمين ما كانت آوتهم بالأصل, ومع الأسف الرواية العراقية غير محبوكة فيمكن أن يكتشف زيفها بسهولة أو على إنها تظهر مزيفة بصورة ما, فهذه الرواية لا يمكن أن تكون دليلاً قاطعاً ضد المجرمين في سورية, ولا اعتقد إن سورية ستنصاع لمطالب الحكومة العراقية في ذلك.

هل الرواية التي لم تفلح الجهات الأمنية في حبكها صحيحة أم إنها فقط لإنقاذ ماء وجه الحكومة؟؟ لا تستغربوا لطرح مثل هذا السؤال واعتقد إن السؤال وجيه إذا أردنا أن نعرف الحقيقة, ولذلك سنفرض إن الرواية صحيحة أي إن المجرم الذي عرض أمام الإعلام هو المرتكب الحقيقي لجريمة الأربعاء, وان القوات الأمنية قد توصلت إلى خيوط الجريمة, وتراكمت عندها الأدلة بهذه السرعة, وقد تكون تراكم الأدلة قبل أو بعد ارتكاب الجريمة النكراء, فإذا كانت قبل العملية أي إنها كانت لها علم مسبق بتنفيذ الجريمة,

ولذلك نستطيع تبرير إخلاء مركز التفتيش بقرب وزارة الخارجية على انه تواطؤ واشتراك بالجريمة وكل الذين كانوا يعلمون بقرب حدوث الجريمة أيضاً متواطئين أو مهملين أو متسيبين والذي كشف عن خيوط الجريمة أيضاً متهماً بعد أخذه معلومات عن الحادث من أشخاص متواطئين, وهنا يكون حديثاً أخراً, ولو إننا نفترض إن الأدلة تراكمت بعد الحادث فهذا يعني إن الجهات الأمنية أمسكت بخيوط الجريمة, وكانت هناك أدلة دامغة لا تقبل الشك بتورط المتهم الذي عرض أمام الرأي العام ووجود أدلة دامغة أيضاً في تورط النظام السوري في تلك العملية, ولكن الحكومة العراقية والقوات الأمنية لا تمتلك مع الأسف أي دليل مادي سوى اعتراف متهم دون تفسير كيفية الوصول للمتهم من خلال الأدلة الجنائية, فهنا عملية الاعتراف تكون مفبركة إذا لم تقدم الأدلة على تورط المتهم, وقد يتساءل البعض أليس اعتراف متهم بالجريمة دليلاً كافياً؟؟ طبعاً ليس كافياً لسبب بسيط هو أي شخص يستطيع أن يقول ما يشاء ولكن الأدلة المادية هي الحاسمة في موضوع كبير كالذي حدث في الأربعاء الدامي, واعتقد كما قرأت الخطاب السوري إن السوريين يريدون هذه الأدلة والتي لا تستطيع الحكومة العراقية تقديمه, ولكن هذا لا يعني براءة حزب البعث من التفجيرات الأخيرة ولكن ليست بالصورة التي قدمتها الحكومة العراقية, وأما المحكمة الدولية التي يدعوا لها الحكومة العراقية لتشكيله في البحث عن الجناة ليست سوى فرقعة انتخابية تريد أن تظهر الحكومة العراقية حرصها على سلامة المواطنين والوطن, لسبب بسيط هو إن إنشاء المحكمة الدولية ليس بالأمر السهل أي بما معناه إن إنشائها تحتاج إلى وقت طويل لكي تبدأ إجراءاتها وبحثها في القضية وهذه المحكمة تحتاج إلى سنين طويلة لكي تبت في الجريمة, وكذلك تداخل مصالح الدول فيها, ولذلك أنا أرى إن فرقعة الحكومة هو نوع من الاستهزاء بالغضب العارم الذي اجتاح المواطنين على الضعف في الأجهزة الأمنية, وتهربها من تحمل المسؤولية الأخلاقية للجريمة.

إن القوات الأمنية العراقية تأسست على أساسين, أساس بناء جديد وأساس البناء القديم, البناء الجديد بني على مصالح حزبية وطائفية وقومية, وهذا ليس عيباً بحد ذاته, ولكن العيب في عدم تمسك البعض من هؤلاء بالأخلاق الوطنية وانجرارهم نحو المصالح الفئوية والطائفية والقومية, وكذلك فقدان البعض إلى حتى الأخلاق الاجتماعية وتساهلهم وتواطئهم مع المجرمين لأغراض نفعية ووصولية, وأما الأساس القديم الذي كان جزئاً من النظام السابق فكان له دور كبير في قمع وتكميم المواطنين, والكثير منهم كان له دور سيء على الشعب العراقي بسلوكهم أو بصمتهم, وانخراط الأساسين معاً كان له مردود عكسي وهذا ما لمسناه من خلال كم ونوعية العمليات التي حدثت بعد الانسحاب الأمريكي من المدن, دولة القانون بني على أساس من رمل وبدأت هذه الدولة بالاهتزاز نتيجة ضربات الإرهابيين, والخلل في الجهاز الأمني, وزير الداخلية يصلي خلف حارث الضاري وهذا الأخير غني عن التعريف في عالم الإرهاب بحق العراقيين وعن دوره في قتل العراقيين, فكيف نأتمن لهذا الوزير!! المالكي الذي بدئت القوات الأمنية برفع صور كبيرة له في المهرجانات والاحتفالات, حول الدولة العراقية إلى دولة المكرمات يوزع الإكراميات والمنح للناس باسمه دون الحفاظ على كرامة المواطنين, ودون سن قانون لتوزيع المساعدات على المتضررين والمنكوبين, الحكومة العراقية سارت في حلقات مفرغة بخصوص الأمن وكذلك الحال للفساد المستشري والخدمات فكل هذه الحلقات التي سارت به عادت نحو الصفر أو إنها حققت انجازات وهمية.

وأود أن أقول كلمة: الوطن ليس ارض نعيش عليها كيفما اتفق, ولكن الوطن ما نكون فيه امنين ونعيش بكرامة فيه, والوطنية لا تقاس بادعاء المرء حبه للوطن ولكن تقاس بما يقدمه المرء للوطن والمواطنين, والحكومة التي تدور في حلقات مفرغة, ولا توفر الأمن والخدمات حتماً لها أهداف تسلطية وأنانية وانتهازية.

المهندس بهاء صبيح الفيلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك