ميثم المبرقع
الانتماء الصميمي للاسلام والحركة الاسلامية افرز نمطين على طول المسيرة المخضبة بالدم نمط يدفع ثمن انتمائه واخر يربح ثمن هذا الانتماء.
ويبدو ان الذين يربحون ثمن هذا الانتماء يتمتعون بقدرات عالية من الانتهازية والوصولية والتقمص والرياء فهم متفننون في الاحتيال وفن البكاء والهتاف والتصفيق وهؤلاء يجدون حواضن تستنبت اساليبهم وتتفاعل مع الاعيبهم وتؤسس الى منهج خطير في بلورة هذه التوجهات الخطيرة التي تعيش على الاسلام ولا تعيش له.
والنمط الاخر هو الذي يدفع الثمن باستمرار وهؤلاء هم المخلصون الصادقون المضحون لا يهمهم ما يكسبون او يربحون وراء تكاليفهم الشرعية سوى وجه الله.
لم يضحوا من اجل حطام الدنيا او المكاسب الدنيوية التي يلهث وراءه هذه الايام بعض بقايا الحركة الاسلامية لانهم لم يعتقدوا يوماً ان يتحول العراق الى ما تحول اليه من جهة كما انهم ليس بهذه الدرجة من السذاجة والغباء حتى يضحوا بارواحهم من اجل مكاسب مستقبلية احتمالية.
هذه الاسرة لما قدمت القرابين للوطن والاسلام لم تضع في بالها وحسابها بانها ستقبض ثمن تضحياتها ومواقفها فهي لم تقف الا من اجل تكليفها الوطني والديني بل ان لا احد كان يتوقع سقوط طاغية العراق صدام المقبور بالطريقة التي جرت في التاسع من نيسان 2003 كما انها كانت تتاجر بتضحياتها مع الله ومرجعها السيد الشهيد محمد باقر الصدر.
وثمة من يقع عليه الموت اضطراراً ويتحول الى زنزنات البعث قسراً بغير ارادته ولكنه في نهاية المطاف يموت شهيداً مظلوماً ولكن ابناء هذه الاسرة من ال المبرقع المجاهدة هي التي وقعت على الموت اختياراً برغبتها وقناعتها بل توفر امامها اكثر من خيار استسلامي مقابل ان تركن الى القعود وتترك المواجهة والانتماء للحركة الاسلامية.
سجلت اسرة آل المبرقع رقما تضحوياً في المواجهة العنيدة مع النظام البائد وكان لها الحضور المشرف في ساحة المواجهة في الانطلاقة الاولى للحركة الاسلامية وكان السيد الشهيد قاسم المبرقع واهل بيته تمثل القافلة الاولى من قوافل ومشاعل الشهادة والبيعة والمواجهة ضد النظام الصدامي.
اول اطلالة جهادية لهذه الاسرة المباركة هي المظاهرات التي عمت العراق في انتفاضة رجب عقيب اعتقال السيد الشهيد محمد باقر الصدر وكانت اخطر المظاهرات تحدياً وعنفواناً هي المسيرة الجماهيرة المطالبة باطلاق سراح السيد الشهيد محمد باقر الصدر وقد انطلقت من جامع الامام محمد الباقر ( جامع سيد قاسم) وتم قمعها في منتصف الطريق بعد مواجهات دموية بين رجال الامن والمتظاهرين.
وبدأت احقاد النظام الصدامي ووحشيته تكيل الضربات الموجعة لهذه الاسرة واصبح مجرد الانتماء لهذه الاسرة تهمة جاهزة للاعتقال ولم يسلم منها الا من هاجر خارج العراق او اختفي في اهوار الوطن.
احد رجالات الحركة الاسلامية ممن حرضنا على المشاركة في المسيرة المنطلقة من جامع سيد قاسم المبرقع اختفى منذ انطلاقة المظاهرة ولم اره الا بعد يومين منها فسألته عن سبب غيابه عنها فأجابني بانه كان يحرص على سيارته التي اشتراها حديثاً وخشى على مصادرتها من قبل الامن فرجع الى المسجد وركب سياراته وانطلق الى بيته دون ان يشارك في المسيرة المذكورة وتذكرت حينها ان اكثر من عشر نسوة من بنات السيد قاسم وبنات اخيه قد شاركن في هذه التظاهرة وضربت احداهن المجرم البعثي عبد الرحمن عبيد موسى بفأس على رأسه وهو الذي تصدى لتفريق المتظاهرين واعتقالهم.
هذا الموقف يذكرني بحادثة الجمل لما رأى الامام علي بن ابي طالب عائشة على هودج وقد اخرجها طلحة والزبير فخاطبها بقوله: "ما أنصفوك إذ اخرجوك صانوا حلائلهم وابرزوك"
وابناء هذه الاسرة الذين عانوا في زنزنات البعث ممن اطلق سراحهم لم يتركوا جهادهم ولم يبرروا قعودهم ومراقبة النظام لهم فقد وصلوا الى مواقع الاهوار والجهاد والمقاومة ليؤدوا دورهم الجهادي ويقودوا المجاميع الجهادي.
ومشكلة آل المبرقع انهم لا يتقنون لعبة الملق والنفاق والمسح على الاكتاف ولا يفقهون ثقافة التسلق والوصولية والانتهازية ولم يتاجروا بتضحياتهم ومواقفهم لانهم يتاجرون بها مع الله وشهيدهم الصدر ولا يهمهم ان يتنكر لتضحياتهم المقتاتون على موائد السياسية الرخيصة ممن نسى كل هذه التضحيات الجليلة بمجرد ان ذاق حلاوة السلطة. أعمت الدولارات والمناصب الهزيلة بصيرة وبصر اولئك الذين كانوا قريبين من هذه الاسرة الشريفة.
آل المبرقع كانت رقابهم حمراء من جراحات التعذيب في زنزانات البعث واليوم ايديهم بيضاء كما كانت دائما ولم ولن تتلوث بالمال الحرام. وليطمئنوا ابناء المبرقع الاحياء بانهم الاعلون مكاناً ومكانة والافضلون عفة ونزاهة ومن يبخس حقوقهم او يجهل قدرهم فان الله وحده الذي يرفع عباده وهو الذي يعلم السر واخفى.
https://telegram.me/buratha