المقالات

الحكومات العراقية المتعاقبة ومهمات التنمية المنشودة

805 02:54:00 2009-09-21

المحاسب القانوني – فلاح شفيع

تمهيد : نقصد بعملية التنمية مجموعة الخطط والبرامج التنفيذية بغرض تحقيق تطور نوعي وكمي في معدلات الانتاج السلعي والخدمي لمختلف الانشطة في المجالات ( السياسية ، الاجتماعية ، الاقتصادية والثقافية ... الخ ) ضمن معدلات تكاليف معيارية مقبولة ضمن المقايس العالمية ، بغرض تحقيق زيادات مهمة في الناتج القومي الاجمالي وحصول تحسين واضح في مستويات معيشة ورفاهية افراد المجتمع العراقي .يتفق الجميع بأن الدولة العراقية تمر في الوقت الحالي بمأزق خطير ، تتحدد اهم مظاهره حالة عدم الاستقرار في الجانب الامني والسياسي ووجود صعوبات كثيرة يعاني منها المواطن العراقي في جوانب عديدة في معيشته اليومية ، والى تحديات كبيرة تعترض مسيرة البناء التنموي في البلد في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ... الخ ، وفي تنفيذ مشاريع تنموية ناجحة تحقق زيادة مهمة في معدلات الناتج القومي الاجمالي وتحسين واضح في مستويات معيشة ورفاهية افراد المجتمع . ويرجع ذلك لاسباب عديدة ( داخلية وخارجية متوارثة ومستحدثة ) اشتركت في مجموعها وشكلت الصعوبات المشار اليها اعلاه .لسنا هنا بصدد بحث تفاصيل هذه الصعوبات او في تعليل اسبابها ، او في بحث افضل الوسائل والاستراتيجيات الواجب اعتمادها للخروج من هذا المأزق الخطير ، بل سوف نركز على تحديد مواصفات الجهة المسؤولة على معالجة هذه التحديات . ولكننا نشير الى أن تنفيذ مشاريع تنموية حيوية للمجتمع العراقي في كافة المجالات يعتبر ضرورة ملحة تفرضها وقائع الحال وطبقاّ للظروف الصعبة التي يعيشها المواطن العراقي .

المهمات الاساسية لاجراء عمليات التنمية :يمكن تحديد اهم المهمات الاساسية بغرض اجراء عملية تنمية حقيقية في البلد ضمن عناوين رئيسية لها ، بمايلي : 1 - اعداد الاستراتيجات لمختلف الانشطة للمدى المنظور والبعيد ، وفق منهاج فكري واضح ومحدد الاهداف ، وملائم للمتغيرات الداخلية والخارجية .2 - اعداد منهاج عمل يتضمن مضامين تلك الاستراتيجيات مع تحديد واضح للوسائل والادوات التي تعتمدها في تنفيذ مهماتها ضمن مدة زمنية محددة ، وبموجب هذا المنهاج تحصل تشكيلة الوزارة على موافقة البرلمان لمزاولة عملها .3 - تطبيق وسائل فاعلة لتحقيق الشفافية عند انجاز الاعمال ، بموجبها تخضع الوزارة لمراقبة الاجهزة الاعلامية ومؤسسات المجتمع المدني المختصة والى رقابة البرلمان الدورية بغرض التأكد من حسن وسلامة تنفيذها للمهمات التي التزمت بها ، وتقوم رئاسة مجلس الوزراء بمسؤولية المتابعة الدورية والمستمرة للوزارات المختصة للتاكد من تنفيذها للخطط والبرامج ضمن المعدلات والمدد التي التزمت بها عند حصول موافقة البرلمان لمنهاج عملها ، وعند حصول اي متغيرات يجب مناقشتها ضمن تشكيلة المجلس بغرض ايجاد الحلول المناسبة لها ، واذا كانت الانحرافات كبيرة يجب الرجوع الى البرلمان لاخذ الموافقات الازمة لها ، طبقا للدستور والنظام الداخلي للبرلمان . يعتمد لتنفيذ ذلك تطبيق انظمة عمل متطورة وفاعلة .4 - العمل على ايجاد التنسيق الضروري بين الانشطة والسياسات المختلفة ( الاقتصادية ، المالية ، الاجتماعية والنقدية ... وغيرها ) ، وعليها وضع السياسات وايجاد الوسائل والصيغ الفعالة للتأكد من حصول هذا التنسيق بين مختلف المؤوسسات والاجهزة الحكومية ومع قوى السوق الفاعلة ، يتم ذلك بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بهذا الشأن .5 - اتخاذ الوسائل والمحفزات الضرورية لتهيئة الظروف الضرورية لتطبيق مبادىء وافكار اقتصاد السوق الملائمة لظروف العراق الحالية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ، والعمل على اتخاذ الوسائل الضرورية لتأهيل قوى السوق لاداء عملها وفق المعايير المهنية وطبقا للمصلحة الوطنية العليا .6 - اعتماد الوسائل والاليات المناسبة والفعالة لتحقيق استقرار في الموازنات العامة في البلد ، وتشمل الموازنات ( اسعار صرف العملة الوطنية ، اسعار الفائدة ، مستويات الاسعار ، معدلات البطالة ، معدلات التضخم ، ومستويات اجور العاملين ... وغيرها ) واتخاذ الوسائل الضرورية للمحافظة على معدلاتها المقبولة وفق الاهداف الواردة في الاستراتيجيات التي اعتمدتها سابقا .7 - تطبيق الخطط والبرامج التي من شأنها تحقق تقدم في مستوى الخدمات العامة التي تقدمها الى المواطنيين وفق الاهداف الواردة في الاستراتيجيات المعتمدة لمختلف الانشطة بما يحقق تحسين واضح لمستوى رفاهية المجتمع . 8 - اعتماد مبادىء العدالة ومعايير الجدوى الاقتصادية والاجتماعية عند تخصيص الاعتمادات المالية وتنفيذ المشاريع بين محافظات واقاليم جمهورية العراق .9 - اعتماد منهاج عمل للتربية والتعليم والتدريب من شأنها تحقيق الاهداف التالية : ا- رفع معدلات الاداء العام وزيادة تأهيل العاملين لمختلف المستويات والانشطة .ب - تعزيز مبادىء المواطنة من خلال رفع مستويات الوعي الوطني لدى المواطنيين ، وتعزيز مفاهيم القيم الفاضلة في المجتمع لتعميم افضل السلوكيات الاخلاقية المستمدة من مفاهيم وافكار العقيدة الدينية والعرفية للمجتمع العراقي .يتم تنفيذ ذلك ضمن خطة علمية مدروسة يجري تطبيقها في مختلف مستويات التعليم ومؤسسات التدريب الموجودة في البلد ، بالاشتراك الفاعل مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية .( يقصد بمؤسسات المجتمع المدني جميع المؤسسات التي تمارس عملها خارج نطاق سلطات الحكومة ، ويكون طبيعة عملها مكمل او متقاطع مع النشاط الحكومي حسب واقع الحال وحسب الظروف السائدة ، وهي تشمل المرجعيات الدينية والمؤسسات الاجتماعية ، الفكرية والثقافية والمعنية بالحقوق والبيئة وغيرها ، وجميع التنظيمات المهنية ) .

نطرح هنا عدد من الاسئلة المهمة والاساسية تمثل الاجابة عليها غاية هذا البحث ، سيتم تناول هذه الاسئلة والاجابة عليها بشكل مختصر واجمالي ، كما يلي : السؤال الاول :ماهي الجهة المعنية من الناحية القانونية والوظيفية لتنفيذ هذه المهمة الكبيرة والخطيرة ؟ ؟ ؟الجواب : تتحدد الاجابة عن هذا السؤال بشكل مباشر وسريع بان الجهة المسؤولة قانونيا ووظيفياّ عن تنفيذ هذه المهمات هي الحكومة العراقية متمثلة برئيس واعضاء مجلس الوزارء والمؤسسات التابعة لها ، حيث يقع على كاهلها بشكل اساسي مسؤوليات على درجة كبيرة جداّ من الاهمية في تنفيذ المهمات المشاراليها اعلاه ، بالاشتراك مع مؤسسات المجتمع المدني .

السؤال الثاني :ماهو التقييم العلمي والموضوعي لاداء الحكومات العراقية المتعاقبة على مدى العقود الخمسة الاخيرة في تنفيذها للمهمات سابقة الذكر ؟؟؟ .وما هو مستوى اداء وفاعلية مؤسسات المجتمع المدني والاجهزة الرقابية والصحافية في البلد في اداء عملهم وفق ما سبق ؟ ؟ ؟ .الجواب :ا - تنفيذ الخطط التنموية :يتفق اغلب المختصين في مجال التنمية على مايلي : ( 1 ) - فشل الحكومات المتعاقبة على تحقيق معدلات مهمة في اهداف خططها الاستثمارية وبالتالي فشلها في تحقيق زيادات مهمة في معدلات الناتج الاجمالي القومي في البلد ، وذلك طبقا للمعايير والمؤشرات الاقتصادية العلمية المعتمدة عالميا.( 2 ) - عدم تمكنها من تحقيق تحسن واضح في مستويات المعيشة الواردة في اهداف خطط التنمية الاعمارية المنفذة في العقود السابقة عدا بعض الفترات المحددة ، وذلك طبقا لظروف الحال الواقعية حيث التردي الواضح في مستوى الخدمات العامة لاغلب الانشطة الخدمية والانتاجية في البلد . ( 3 ) - حصول تراجع واضح في مستوى اداء العاملين لمختلف الانشطة ، طبقا للمعايير العالمية ، وحصول تردي في مستوى القيم والمفاهيم الوطنية والسلوكيات الاخلاقية لقسم مهم من افراد المجتمع العراقي ، وانتشار ظاهرة الفساد الاداري والمالي في مختلف الانشطة .

ب - مؤسسات المجتمع المدني والاجهزة الرقابية والاعلامية : اتبعت الحكومات المتعاقبة سياسات ادت الى اضعاف دور هذه المؤسسات ، وجعل اغلبها ( تابعة او مكملة ) لانشطة السلطات الحكومية عند تأدية وظائفها ، كما واعتمدت هذه المؤسسات في تنفيذ اعمالها على تطبيق انظمة عمل وافكار قديمة وغير متطورة .وبعد عملية التغيير القسري للنظام السياسي في العراق حصلت تغيرات مهمة حصلت بموجبها هذه المؤسسات على هامش معين من الحرية في اداء عملها ، حصل بموجبها نمو واسع في عدد ونشاط هذه المؤسسات والاجهزة ، ولكن الملاحظ ان اغلبها لايزال يعتمد وسائل وانظمة عمل غير متطورة ، وانحصرت اغلب انشطتها في مجالات تمثل واجهات للانشطة السياسية ، واعتمدت في تنفيذ عملها على التقليد الحرفي لعمل المؤسسات الشبيه لها في الدول الاخرى التي تختلف ظروفها وطبيعة مفاهيمها القيمية عن ظروف ومفاهيم المجتمع العراقي .

السؤال الثالث :ماهي الاسباب الحقيقية لحصول هذا التراجع في تنفيذ الخطط والاهداف ؟؟؟ .الجواب : هناك اسباب عديدة لحصول هذا التراجع ( داخلية وخارجية ) ، ولكن يمكن تحديدها اهم سبب اساسي ومركزي لهذا التراجع يتمثل بعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على وضع الاستراتيجيات السليمة والفاعلة والملائمة للمتغيرات المحلية والعالمية وعدم قدرتها على اختيار افضل الوسائل والايات في تنفيذ الاهداف التنموية لمختلف الانشطة ، بسبب افتقادها للاعتبارات العلمية والمهنية عند تخطيط وتنفيذ الاهداف الموضوعة . فتنفيذ مشاريع التنمية في البلد يتم في الغالب وفق الاعتبارات السياسية ووفق نشاط التعبئة الحزبية للجماهير لاهدافها الايدلوجية ، دون اعطاء اهتمام جدي للجوانب العلمية والموضوعية ، فكان اغلب سياساتها ومشاريعها التنموية تدور ضمن هذا الفلك بالدرجة الاولى نتج عنها خصوصا خلال العقود الثلاث الاخيرة تنفيذ سياسات فاشلة في مختلف الجوانب والانشطة ، كما وانها قادت البلد الى مغامرات مدمرة على الكيان العراقي كمجتمع ودولة ، واورثت كثير من سلبياتها للفترة الحالية .وبعد عملية التغير القسري للنظام السابق ، حصلت متغيرات داخلية حصلت بموجبها القوى السياسية والاقتصادية على جانب مهم من الحرية وفق منظور مفاهيم جديدة تنسب الى نظرية الفوضى الخلاقة التي اعتمد تطبيقها في العراق . ففي الجانب السياسي منحت الحريات بشكل غير منظبط ، وفي الجانب الاقتصادي تم تطبيق افكار نظرية اقتصاد السوق دون ان يتم تهيئة سليمة للسوق وللقوى العاملة فيه ، لانريد بحث الجانب التنظيري لافكار وتطبيقات هذه النظرية ومدى صلاحيتها من الناحية العلمية او الاكاديمية ، ولكن مايهمنا هنا تقيم مدى صلاحية تطبيقها في المجتمع العراقي ضمن ظروف العراق الحالية .ان تطبيق افكار هذه النظرية دون ان يتم وضع ظوابط وتوفير مناخات ملائمة لعملية الانتقال سوءاّ من الناحية القانونية او في تعزيز مفاهيمها الضابطة لحسن تنفيذ افكارها في المجتمع العراقي ، ودون ان يتم تأهيل المؤسسات الناظمة لعملها . لذلك فقد افرزت الفترة الحالية مظاهر سلبية في مختلف المجالات والانشطة في البلد عرضت مصالح الدولة العراقية الى منعطفات خطيرة شكلت مع السلبيات المورثة للنظام السابق الناتجة من تطبيق سلوكيات تثقيفية منحرفة وسياسات خاطئة لتشكل في مجموعها تحديات حقيقية امام تحقيق تقدم حقيقي في عمليات التنمية المنشودة ولتشكيل في مجموعها مأزق خطير يمر فيه المجتمع والدولة العراقية .

مظاهر تطبيقات مفاهيم نظرية الفوضى الخلاقة :لا نستطيع تحديد غايات اعتماد تطبيق هذه النظرية دون ان يتم تهيئة ظروف مناسبة لتطبيقها ، ولكن نستطيع القول ان تطبيق افكارها بهذا الشكل افرزت سلوكيات وتطبيقات مشوهة حصلت بموجبها انحرافات خطيرة استنزافت امكانيات البلد المادية والمعنوية ، وذلك كما يلي :ا - الجانب السياسي :بدءت العملية السياسية في العراق بتشكيل مجلس الحكم الذي تشكل على اساس المحاصصة الطائفية والعرقية لمكونات المجتمع العراقي ، برزت على اثرها احزاب وكتل سياسية اشتركت في العملية السياسية تشكلت وفق نفس الاسس السابقة ضمن برامج خاصة بها وعلى اساسها خاضعة الانتخابات البرلمانية نتج عنها تشكيل برلمان وحكومة وحدة وطنية ( انتقالية ومؤقته ودائمية ) معتمدة في تشكيلها نفس الاسس السابقة ، مارست هذه الحكومات والبرلمان اعمالهما ضمن اجواء غير سليمة تسود علاقاتها البينية اجواء عدم الثقة لعدم تمكنها من توحيد خطابها السياسي بسبب خلفية مخيالها السياسي الموروث وبسبب سلبيات التدخلات الخارجية والى نشاط القوى التكفيرية والمتضررة من الوضع الجديد ولاسباب عديدة اخرى ، ساهمت جميع هذه العوامل بتعميق التخندقات الفئوية والصراعات السياسية البينية ونزفت بسببها دماء برئية وزكية ودمرت البنى التحتية للخدمات العامة والقاعدة الهيكلية للاقتصاد العراقي . بسبب هذه العوامل حصل ضعف وتشتت في القرارات الحكومية وعدم قدرة رئاسة الحكومة على المراقبة الحازمة والفعالة لعمل الوزارات والدوائر الحكومية ، وعدم قدرتها في اتخاذ القرارات الحازمة والملزمة في مختلف المجالات والانشطة لادارة الدولة ، مما ضعف من هيبة وقوة الحكومة امام الجماهير والعاملين .لذلك فان اجواء ونتائج تطبيق الاسلوب الديمقراطي في العراق جاءت بشكل مشوه ومرتبك ، تعمقت بموجبه حجم التخندقات الفئوية وابتعدت خطط تنفيذ المشاريع التنموية عن الموضوعية والمهنية ، ولم تستطع الحكومات المشكلة على خلفية المحاصصة من تنفيذ الخطط والبرامج التنموية .ان عدم تهيئة الظروف والمناخ المناسب للتطبيق الديمقراطي نتيجة تطبيق افكار الفوضى الخلاقة تعمقت بموجبها السلبيات الموروثة كما نشاهده حاليا .ان هذه الحالة سوف تبقى سارية في سلوكيات ومفاهيم الاحزاب السياسية حتى لو ادعت انتقادها الشديد للتجربة السابقة ، وعملت على وضع برامج تنموية تكون سليمة من الناحية النظرية ، لان نفس العقليات والسلوكيات الفئوية ستظل حاكمة لمشاريعها السياسية مستقبلا ما لم تتخذ معالجات حقيقية لهذا الوضع وهو ما نشير اليه لاحقا .

ب - الجانب الاقتصادي :كما اشرنا انفا فقد افرزت المتغيرات الجديدة حصول تغيرات في توجه الحكومة باعتماد تطبيق افكار نظرية اقتصاد السوق بدلا من التوجه الشمولي الذي كان مطبقا في السابق ، حصلت بموجبه قوى السوق على حرية في ممارست نشاطها الاقتصادي ، ولكن بسبب عدم تهيئة مؤسسات قوى السوق لكي تمارس نشاطها بفعالية وبسبب عدم تهيئة الظروف والمناخ المناسب لهذا الانتقال حصل ارتباك وتخبط في السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية للبلد وفي مجمل التنمية الاقتصادية في البلد .لقد افرز هذا الانتقال الغير مدروس بالاشتراك مع التطبيق السيء للمحاصصة السياسية ولاسباب اخرى الى انتشار حالات كثيرة وكبيرة من ( الفساد المالي والاداري ) في جميع الاجهزة الادارية وشيوع تطبيقاتها في جميع الانشطة والقطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، نتج عنها حصول سلبيات واثار مدمرة على الدولة والمجتمع العراقي وعلى مجمل السلوكيات الاخلاقية وعلاقات العمل ومستوى الاداء العام في المجتمع ( لامجال لبيان تفاصيل اثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لان ذلك يتطلب بحث خاص بها ) .كما وافرزت المحاصصة السياسية المعتمدة حاليا الى تقوقع الكيانات السياسية على نفسها وتسليم الافراد المنتمين لها او المحسوبين عليها المناصب المهمة والحساسة في الدولة وهم في الغالب يفتقدون للخبرات والمهارات المطلوبة لادارة الدولة ، وقسم منهم متهم بعمليات فساد مالي واداري جرى حمايتهم من قبل الكيانات السياسية التي ينتموا اليها وفق مفاهيم المحاصصة المطبقة حاليا .لكل تلك الاسباب ولاسباب اخرى لا مجال لتوضيحها لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تنفيذ المتطلبات الضرورية لاجراء عمليات التنمية كما اوردناها سابقا .

السؤال الرابع :ماهي الخطوات الضرورية للخروج من هذا المأزق ، وتحقيق تنمية حقيقية في البلد ؟؟؟الجواب :وفق ما بينا انفا يتضح لدينا ان ( اساس المشكلة يتحدد بعدم وجود حكومة مهنية وقوية وحازمة تستطيع تنفيذ المهمات الاساسية لعملية التنمية بكفاءة عالية ) ، وفق متطلبات التنمية التي تم تحديدها اعلاه .لان الاجهزة الحكومية هي الجهة المسؤولة عن تنفيذ عملية تخطيط وتنفيذ المشاريع الخدمية في البلد ، وفي اعتماد السياسات والبرامج الضرورية لتأهيل وتنشيط القطاع الخاص ليأخذ دوره الاساسي بالاشتراك مع الدولة في تنفيذ المشاريع التنموية في البلد .استنادا لذاك نقترح ان تتبع الخطوات التالية في اختيار الحكومة وفي طبيعة المواصفات التي يجب ان تتمتع بها ، كما يلي : ا - يجري انتخاب رئيس مجلس الوزراء بشكل مباشر من قبل الناخبين ، واذا تعذر ذلك يقوم اعضاء البرلمان المنتخب باختيار شخص من خارج البرلمان لهذا المنصب ، ويقوم رئيس الوزراء المنتخب باختيار مجلس وزراءه بعيدا عن المحاصصة المعتمدة حاليا ، ونقترح ان يكون رئيس واعضاء الوزارة من خارج الكيانات السياسية ، لكي تستطيع الوزارة من ممارسة عملها دون ان تحتسب على جهة سياسية معينة وهذا يعطيها مرونة وفعالية كبيرة في انجاز اعمالها .ب - يتم اختيار اعضاء الوزارة من الاشخاص الكفوئين ممن يتصفوا بالكفاءة والنزاهة اللازمة ، وممن ليس لهم تاريخ منحرف او مواقف في التعصب الطائفي والعنصري بكل اشكاله .ضمن هذا النسق تتمكن الوزارة في ممارسة نشاطها كفريق عمل موحد ، وتتمكن من تحديد توجهاتها واهدافها على اسس مهنية وموضوعية ، وتتمكن من اصدار القرارات وتنفيذها بصورة حازمة وكفؤة ، مما يمنحها الهيبة والقوة . ج - قدرتها على اجراء الاصلاحات الضرورية في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والادارية ... ، وفي بناء استرتيجيات واضحة لجميع الانشطة المراد تنميتها ، وتضمين ذلك في برنامج عملها المقدم للبرلمان لحصول الثقة بها ، وخضوعها بشكل مستمر لمراقبة البرلمان للتاكد من سلامة التنفيذ طبقا لما التزمت به في برنامجها الحكومي .د - قدرتها على ادارة انشطتها باسلوب علمي ومهني بعيدا عن التجاذبات السياسية ، والعمل على تطبيق افضل انظمة العمل المتطورة ، يتم بموجبها تحديد واضح لمسار سير الاوامر ، وتحديد واضح للواجبات والمسؤليات ومركز المسؤولية ليتم بموجبها تحديد سليم وواضح للانحرافات والانجازات لاتخاذ ما يلزم لمعالجتها بالوقت المناسب ، وفي اجراء تقييم عادل لاعمال العاملين لمكافأة المبدع ومعاقبة المقصر ، وتؤدي هذه الحالة الى اتجاه العاملين للالتزام باعملهم وانجازها بشكل سليم .تساهم هذه الخطوات بالحد بشكل كبير من حالات الفساد الاداري والمالي وترفع من كفاءة الانجاز بشكل واضح ، وتؤدي لتحقيق افضل النتائج .

ان قدرة الوزارة على اجاز اعمالها وفق ما مبين اعلاه سيمنح الحكومة قدرة كبيرة في تنشيط العمليات التنموية في كافة المجالات وسوف يزيد من هيبة الدولة ويجعلها قريبة من افراد الشعب وترفع من معنوياتهم وبالتالي تتعزز الثقة المتبادلة بين الحكومة وافراد الشعب ، تحقق هذه الحالة فرص مناسبة جدا لتحقيق الاصلاحات المطلوبة ، وتحقيق استقرار في الملف السياسي والامني لتمثل مناخ مناسب لتنفيذ المشاريع التنموية ، وحصول استقرار افضل في الموازنات العامة للبلد .

ويجب ان لا نهمل دور عمل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية التي يتطلب رعايتها وتأهيلها لتتمكن من تأدية دورها الوظيفي بالتنسيق او التقاطع مع عمل دوائر الدولة ومع مؤسسات قوى السوق لتحقيق فرص اكبر للتنمية والحفاظ على مصالح مختلف طبقات المجتمع العراقي وفي تعزيز المفاهيم الايجابية وبناء نموذج اخلاقي سليم في المجتمع العراقي .

والله ولي التوفيق ))

لندن في 16 - 9 - 2009المحاسب القانوني - فلاح شفيع

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك