حميد الشاكر
أقرأ الكثير عندما تكتب وتتغنى الاقلام العراقية بالخصوص وهي تبكي على الاطلال وتنوح قرب مقابر الاحلام (( دللوي يالولد يبني دللوي ..)) على تلك اللُّحمة الاجتماعية العراقية التي فقدت بين ليلة ليست فيها قمر وضحاها الذي لم تخرج له شمس نهار بازغة حتى هذه اللحظة !!.والحقيقة انني كلما قرأت او سمعت مثل هذه الكتابات الباكية او المحاضرات الشاجية .....على فقدان لحُمة المجتمع العراقي بالخصوص بسبب الحروب او بسبب حكم طغاة الصدامية الارهابية او بسبب الحصار وغلاء المعيشة او بسبب تغير الانسان العراقي والناس عن ماسبق من زمان جميل او ......الخ ولحمة الاجتماع العربي بالعموم ينتابني شعور غريب وعجيب يدّر من ثم بعض الافرازات الفسلجية التي تؤدي لحركة في العقل والتأمل تتسائل ولكن بصوت خفي وهامس ..... وتحت طيّ ضمير يخشى البوح بالحقيقة بكلام جهوري ومسموع مفاده : منذ متى اساسا في التاريخ وحتى اليوم كانت هناك لحمة اجتماعية عراقية نفسية اختيارية وطبيعية واخلاقية وانسانية حرّة حقيقية وبدون ارهاب الدولة والسلطة القائمة ليتباكى المتباكون على ذهابها هذه الايام ؟.بمعنى أعمّ واشمل : هو منذ متى في التاريخ ايضا وحتى اليوم كانت هناك لحمة اجتماعية عربية اصلا في هذه المنطقة العربية من العالم بدون قوّة وسيف وجلاّد وسلطان يحكم العالم بالحديد والنار ويجمّع المتفرّق بالتفرعن والارهاب ليخلق وحدة ولحُمة اجتماعية تحت ابتزاز تطاير الرؤوس ليصنع فيما بعد لحمة القوّة والبطش والاستبداد ؟.وفي اي زمان في التاريخ العراقي القديم والحديث عندما تزول القوّة والبطش والتفرعن والسلطان ...من على كاهله لاتتمرد جميع طوائف وطبقات واديان وايدلوجيات ..المجتمع العراقي على الوضع القائم السياسي ومن ثم على بعضها والبعض الاخر لتشكل حلقات كلّ حزب بما لديهم فرحون لتمارس ابشع انواع التصفيات لبعضها والبعض الاخر حتى تستقر الامور من جديد بحكم قوّة قهر سياسية جديدة تعيد اللحمة الاجتماعية تحت قبضة ارهاب السلطة ؟.وأليس اسطورة لحُمة الاجتماع العراقي او لنقل الاجتماع العربي بصورة عامة والاجتماع العراقي بصفة خاصة خرافة يخلقها العقل الاسطوري والخيال الشعري لاغير ليعيش على يتوبيا حالمة بالمدينة والمجتمع العراقي الفاضل فحسب ؟.وعلى هذا حول اي لحمة يتغنى الشعراء العراقيون ويتباكون الذين يتبعهم الغاوون والذين هم في كل وادي يهيمون ويقولون مالايفعلون واعذب الشعر اكذبه ؟.وفي مضمار اي سبق تكتب الاقلام العراقية نائحة على وهم لحمة اجتماعية عراقية ليس في يوم من الايام جمعت الا في تنور القهر والسلطة والطغيان ؟.وهل حقا في التاريخ وحتى اليوم مارس الاجتماع العراقي او العربي حب اللحمة الاجتماعية التي تتسامى على مصالح الافراد والجماعات العراقية السياسية باختياره وبدون اي ضغط وارهاب سياسي وسلطان عنفي ليقال ليّ ولغيري عليك باعادة لحمة الاجتماع العراقي من جديد ولاتكن ممن يمزق هذه اللحمة الاجتماعية الاصيلة والطيبة ؟.أم ان هذه اللحمة الاجتماعية العراقية وهم لاوجود له على الحقيقة الا في مخيلة السطحيين، وانها لم تكن موجودة في يوم من الايام ليُقال :لولا عبث العابثين (الذين هم في الاساس لاوجود لهم على خريطة التناشز الاجتماعي العراقية الطبيعية الموجودة بذاتها والتي لاتحتاج اصلا الى من يخلقها بسبب انها مخلوقة بفطرة الاجتماع العراقي منذ الاف السنين )... لولا عبث هؤلاء العابثين لبقت لحُمة الشعب العراقي المتنوعة صافية وانسانية واخلاقية ومعنوية وملائكية الى ابد الابدين ؟؟.هل ان خرافة اللُّحمة الاجتماعية العراقية تخلقها السياسة والدولة كشعار لقمع مطالب التجمعات المتنوعة لهذا الشعب عندما تطالب بممارسة حرياتها الواقعية المتناشزة في حقيقتها والمتنافرة في المضامين والمؤدية بطبيعة الحال لتفتت وحدة المجتمع ؟.أم ان هذه اللحمة الاجتماعية بالفعل موجودة وما كاتب هذه السطور الا انسان يعيش خارج الطبيعة البشرية لشخصية الفرد العراقي ، وانها تتسامى بفضيلتها على جميع مصالح الافراد والاجتماعات العراقية ، وانها قادرة وبالفعل حتى عندما تسقط القوّة ويرفع سيف السلطان على الاستمرار بوظيفة تماسك الاجتماع ، وحب بعضه والبعض الاخر ، وفي سبيلها تصنع المعجزات في تنازل الكل للكل في كل شيئ ؟.طبعا هناك اسألة أعمق وأجرأ وابعد بكثير مما ذكرنا حول خرافة اللحمة الاجتماعية في المجتمعات العربية بالعموم والعراق بالخصوص اعرضنا عن طرحها ، ولكن بما ان الموضوع اجتماعيا في جوهره ، واثارته فيها الكثير من الايجابية لرؤية سير المجتمع على ماهو عليه وليس على مايتمنى كل انسان او مرء منّا كان لزاما وضع الاصبع على عوامل لملمة مايسمى باللُحمة الاجتماعية التي هي في الحقيقة حلقات اجتماعية مغلقة على دوائرها ، والاجابة فيما بعد على تلك الاسألة بالاتي :نعم سلطة الدولة وقهر السلطان وتنفيذ القانون بالقوّة وحدها هذه العوامل التي تخلق حلم اللُحمة وتدفع اي مجتمع في هذا العالم بغض النظر عن العراق للاجتماع القسري تحت وطن معطاء وعلم موحد وحكومة عادلة وقانون يساوي بين جميع ابنائه في التطبيق !.أما كون الاجتماع وهو يعيش ويتنفس اديان وايدلوجيات ومصالح ومنافع وطبقيات وتوجهات متعددة يميل الى الانصهار في يتوبيا اللُحمة الاجتماعية اختياريا وبكامل ارادته ، وبحيث انه يضحي بجميع خصائصه الذاتية والفكرية والمصلحية وبدون اي ضغوط تمارس عليه في سبيل الحفاظ على هذه اللحمة فمثل هذه الخيالات قريبة لحياة الرومانسية منها لخلق مجتمعات وقيادة شعوب وتحقيق انجازات كبيرة كفيلة فيما بعد لاقناع اي انسان منّا بضرورة ان نحافظ على اللُحمة التي تصنع المنجزات والمكاسب المصلحية الواقعية وليس الحفاظ عليها من اجل تغني الشعراء بها وبكاء اقلامنا على اطلالها الاسطورية التي لم توجد في يوم من الايام !!.وهكذا فالحديث عن خشية على لُحمة الاجتماع العراقي من التفتت ، والخوف عليها من التدمير ، او التفكير بكيفية اعادتها الى الحياة او الحديث عن كيفية خلقها وصنعها داخل هذا الاجتماع او ذاك ...، كل هذا وغيره من اساطير الاولين ماهو الا مورفين مخدر لازمات مجتمع تقوده (المصالح ) اكثر من قيادة الغيبيات والمعنويات والكليشات والشعراء له ، وعلى من يريد ان يبني وطنا موحدا وشعبا متماسكا ، وامة قوية ومقتدرة ، فعليه ان يؤسس لبناء اجتماعي تشعر داخله جميع طوائف وتوجهات ومصالح واتجاهات هذا الشعب بانهم وحدات محترمة وفاعلة وكاسبة من هذا الوضع السياسي القائم ، والا بغير ذالك لامناص من العودة الى سياسة القوّة والبطش لتوحيد الصفّ وصناعة الوحدة ، وخلق وهم اللُحمة الاجتماعية من جديد ليزيف كل حقيقة التفكك القابعة في قلب المجتمع المقهور بالقوّة والمفروض عليه التجمّع من خلال ارهاب السلطة والدولة !.ملاحظة :(( في مجتمع لاترتكز علائقه الاجتماعية على صلات الايمان ، ولاشبكة إتصاله البينية الانسانية على مفاهيم الاسلام الحق التي تصنع روح الالفة والتعاطف والتراحم والتكاتف الاجتماعي المعنوية من الصعب قيام اي مجتمع مادي علماني بغير علائق المصالح وكمية الكسب الذي يقدمها هذا المجتمع لمواطنيه ، وعلى هذا دعونا لاقامة بنية الاجتماع العراقي على مبدأ المصالح وقوّة الدولة ونسيان مصطلحات لُحمة الاجتماع الاخلاقية والمعنوية الى حين ميسرة )) !!.
https://telegram.me/buratha