سالم كمال الطائي
علماء و وجهاء وأخيار أهل السنة في العراق .. حكمة وعقل ورحمة, أراد صدام حسين أن يفسد طبعهم ويلوث تاريخهم ويلطخ أيديهم بدماء إخوانهم "الشيعة" أو يطوق رقابهم بأذيتهم ومحاربتهم ليكونوا له عوناً وسنداً في محاربتهم وإبادتهم أو تشريدهم وتهجيرهم واستبدالهم بأقوام وشعوب أخرى كانت متأهبة لغزو العراق ومحاربة وإذلال شريحة واسعة من مواطنيه أهل العراق العريق وتاريخه الخالد المجيد.
إلا أن صدام حسين ومن يعاونه في هذا النهج لم يستطع أن يفسد العلاقة الأخوية الحميمة بين الطائفتين ومن خلال علمائها ووجهائها الكبار المعروفين بالعقل والتوازن في تصرفاتهم ونشاطهم الديني الإسلامي المتسامح والعادل. ولكن نظام المافيا الصدامية استطاع أن يربي ويهيأ جيل من "رجال الدين"! المطعمين بالأفكار المتطرفة والحاقدة على الطائفة الشيعية وتشويه مبادئها وتكفير علمائها بمساعدة رجال دين السعودية والكويت والأردن وغيرهم (عملاء المخابرات الأجنبية وتربيتهم)؛ وأرسلوا إلى تلك الدول ليلقنوهم مبادئ الحقد والكراهية والتعصب الأعمى ومبادئ أخرى لا علاقة لها بالدين الإسلامي الحنيف النظيف المتسامح.
طفحت على الساحة العراقية مجاميع من أولئك وهؤلاء وأسسوا هيئات وجمعيات خطيرة تحض على الكره والحقد وتكفير الآخر حتى أنهم كفروا جماعات من أهل السنة نفسها على أنها منحرفة أو محرِّفة أو خارجة عن أوامر القرآن وأصول السنة. وراح ضحية هذا التطرف الكثير من الضحايا من خيرة علماء أهل السنة, وقد هدد البقية بإنهاء حياتهم إن هم لم يؤازروهم أو يتعاونوا معهم وحتى بعد سقوط صنم بغداد. ولكن بعد أن تم القضاء على تلك المجاميع والذين يحتضنوهم خفت الوطأة عن أولئك الشرفاء من أهل السنة في العراق.
الذي نريد قوله أن أهل السنة في العراق هم أعقل وأحكم وأرحم ممَّن أو من مَنْ يتبنى سنة رسول الله (ص) في السعودية أو الأردن أو مصر أو الكويت أولئك الذين تربوا على الحقد والتعصب والكراهية للمذاهب الأخرى باعتبارها كافرة أو مارقة أو خارجة عن الدين ومبادئه وهم وحدهم أصحاب السنة الصحيحة ويجب أن يتبع كافة المسلمين طريقتهم أو اجتهادهم وما ينشرون ويعلنون من الفتاوى والأحكام فهي الصحيحة والصائبة أما البقية فلا حكم لهم ولا فتوى لهم. كما أن أهل السنة في العراق هم من أفضل من يعرف السنة الشريفة وأحسن مَنْ يطبقها وأخلص مَنْ يؤمن ويبشر بحرص و إخلاص وأمانة وصدق.
لقد أثبت رجال أهل السنة في العراق بأنهم الأعقل والأرحم بإظهارهم مواقف التسامح والمحبة والتصالح مع المذاهب الأخرى وخاصة أهل المذهب الشيعي, وإنهم يقدرون حق التقديرمن ينطق بالشهادتين أياً كان فقد حرم دمه وعرضه وماله (و يحترمون الآخر أيضا) أما التصرفات الأخرى التي لا تتلاءم مع الشريعة ومبادئ الدين الحنيف فلها أحكام وعقوبات مناسبة عادلة رحيمة وما عدا ذلك فإنهم "إخوانا على سُرُرٍ متقابلين" ولقد رأينا مظاهر التصالح والتسامح من علماء ووجهاء الطائفتين في مواقف كثيرة تبشر بالخير والصفاء والعمل لخدمة هذا البلد الجريح المظلوم وشعبه الذي عانى ما يكفي من الأذى والحرمان والكبت والنسيان! وكذلك فإن رجال دين أهل "الشيعة" المتجاوب مع هذه النوايا الصافية الصادقة قد أضرم نار الحقد والحسرة في نفوس الأعداء المريضة وردت سهامهم المسمومة إلى نحورهم والتي تحمل التحريض والتفرقة والكيد والفتنة والإغراء كل تلك الخباثة الملعونة لم تجد نفعاً ولم تعيق تلاقي الأخوة والمصافحة والمعانقة والعهد على الوحدة والإخلاص في العمل لخدمة العراق وأهله بما يرضي الله ورسوله والمؤمنين, لأنهم أدركوا أنهم مستهدفون جميعاً بتحريض بعضهم على بعض وسوف يرصون صفوف بعضهم إلى بعض حتى يصبحوا بنياناً واحداً لا تخترقه محاولات الأعداء.. كل الأعداء.
خلاصة القول أن أهل السنة في العراق.. أحسن وأشرف ممن يدعون بأنهم أهل السنة الحقيقية خاصة في السعودية والأردن والكويت وحتى في سوريا! من الجهلة والمتخلفين المسيرين!! الذين تختزن قلوبهم الحقد والكراهية لكل أهل العراق سنة وشيعة لسبب واحد - كما أعتقد - لأن أهل العراق سنة وشيعة قد ساهموا بإنهاء حكم الطاغية صدام حسين الذي كان يمدهم بكل وسائل الدعم والمساعدات المالية التي كان يوزعها على قادة هؤلاء الأشرار, ظناً منهم أن صدام حسين "بطل الأمة" و "ناصر الدين" وينسوا أنه وأولاده ومن يحف بهم من أفسد الناس وأشر الخلق وأجبن الرجال!! قاتلهم الله وجمعهم مع صنمهم صدام وأزلامه يوم القيامة في الدرك الأسفل من النار وبئس مثوى الظالمين.
ألف تحية وسلام إلى شيوخ ورجال دين أهل السنة في العراق على مواقفهم الأخيرة ومد يدهم الشريفة إلى إخوانهم أبناء طائفة "الشيعة" .. ودعاءنا لهم جميعاً بالتوفيق والمحبة التي سوف تشمل أبناء الشعب العراق بكافة طوائفه ومذاهبه وقومياته وتستمد من هذه المواقف سلامة الطريق نحو التحرر والتقدم والرفاهية والإيمان الصادق والسلام عليكم.
سالم كمال الطائي
https://telegram.me/buratha