المقالات

حكومة وحدة وطنية... ام حكومة وطنية

1077 11:26:00 2009-09-26

باسم العلي

الانتخابات على الابواب وجميع الكتل السياسية تدخل في تحالفات جديدة من اجل ان تقدم نفسها للناخب العراقي على انها كتل وطنية غير طائفية او عرقية. كل هذا بسبب فشل التحالفات السابقة والمحاصصة القومية والطائفية في تحقيق طموحات الشعب العراقي من اجل حياة انية افضل ومستقبل اشرق.

لقد كان للمحاصصة دورا سلبيا وايجابيا في المرحلة السابقة وربما سلبياته كانت اكبر من ايجابياته ولقد ناقشنا هذا في مقالات سابقة. ففشل الكثير من الوزارت وعلى راسها وزارة الكهرباء ووزراة الموارد المائية في تحقيق التطور المطلوب في الخدمات, كل ذلك كان بسبب تلك المحاصصة التي اصبحت في كثير من الاحيان سيفا مسلطا على الشعب والحكومة وبالتالي اددت الى تعطيل الكثير من القوانين المهمة التي تخدم الوطن, فلقد كانت المساومات صريحة وواضحة الى درجة دفعت بعض الكتل ان تقول اعطني هذا... اعطك ذلك, اما المصلحة الوطنية فلقد كانت وكانها مركونة على الرف, غائبة ومنسية.

ان الدول الاقليمية سعت, ومنذ البداية, وتسعى وسوف تسعى من اجل تحطيم وانهاء التجربة الديمقراطية الفريدة من نوعها في المنطقة العربية. ان المؤامرة على العراق وشعب العراق كبيرة جدا مما يحمل المواطن العراقي مسؤلية كبرى في هذه الدورة الانتخابية بصورة خاصة اذ انها وبحكم الدستور والاتفاق الوطني ( وكما هو معمول في الدول المتطورة والمتقدمة اقتصادية وسياسا) تجعل الكتلة الاكبر في البرلمان مالكة الحق في تشكيل الوزارة وممارسة الحكم في البلد. تلك المسؤلية تعني الانتقال من حكومة الوحدة الوطنية الى حكومة كتلة سياسية واحدة قبلها وفوضها غالبية الشعب العراقي لكي تدير امره الى فترة زمنية معينة.

من اجل الحصول على اكبر عدد ممكن من الاصوات ومن اجل ان تبرز كل قائمة متنافسة نفسها على انها وطنية, دخلت اكثرية الاحزاب في تحالفات, ولاول وهلة, تعطي انطباع العراقية فكل الكتل تحاول ان تظم فيها اطياف عراقية مختلفة, ولكن اذا تعمقنا النظر في تلك التحالفات نجد ان هنالك احتمالية كبيرة في ان تعود المحاصصة (وفي هذه المرة سياسية) مرة اخرى الى الحكومة المنتخبة فبذلك (لاسامح الله) صراعات في داخل الكتلة الجديدة الواحدة.... وتكون بذلك "عادة حليمة الى عادتها القديمة".

في العالم المتقدم توجد تحالفات لاحزاب ذات اجندة متقاربة في تشكيل كتلة انتخابية واحدة وبالرغم من ذلك تبقى حتى بعد تشكيل الحكومة كجبهة واحدة متراصة. فعلى سبيل المثال هنا في استراليا حزب الاحرار والحزب الوطني متوحدين في كتلة واحدة, و كل حزب يقدم نفسه للناخب على انفراد لكي يعرف كل منهم مقدار شعبيته, ولكن في نهاية المطاف فالمناصب موزعة حسب اتفاق مسبق ولا نزاع عليها . الجميع يعمل وكانهم صوت واحد يصوتون على القوانين في البرلمان بنفس الصورة. لي حوالي الثلاثين سنة في استراليا لم اسمع ان هنالك خلاف بين الحزبين على اي تصويت الا ما ندر وتلك الندرة اتية من ان افراد من هذا الحزب او ذالك وبسبب ضغوط ناخبيهم عليهم يصوتوا في اتجاه معاكس لاتجاه الحكومة.

اما الوزراء فهم ورغم تمايزهم الحزبي يعملون من اجل هدف واحد الا وهو تمرير ما اتفقوا عليه في مجلس الوزراء والجميع بالتالي يعمل من اجل استراليا كل بطريقته الخاصة ورويته للمصلحة الوطنية ولكن من خلاال مجلس الوزراء والبرلمان.

ان ما هو مطلوب اليوم من الناخب العراقي ومن الكتل السياسية هو حزم الامر. بالنسبة للناخب المشاركة الفعالة من اجل ان ينتخب كتلة كبيرة قادرة على ان تخدم العراق ويجعلها قادرة لوحدها (وبدون الحاجة الى تحالفات ثانوية) من تشكيل حكومة وطنية ذو اتجاه سياسي وطني واحد وواضح واضعة المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار. وعلى كل كتلة سياسية جديدة ان توحد صفوها وترصها بحيث لاتسمح لاي خلل مستقبلي.

ان من غير المصلحة الوطنية ان تدخل احزاب سياسية في تحالفات لتخرج منها بعد فيترة من الزمن وخاصة بعد تشكيل الحكومة بسبب ان امرا ما لم يكن على مزاج هذا الحزب اوذاك. يجب القبول بالمبداء الديمقراطي الذي يحتم تمرير صوت الاغلبية وليس المبداء التوافقي والذي يحتم اتفاق الجميع, لان ذلك معطل للعمل وغير مجدي ولان حصوله صعب... والا لاتخذته الدول الديمقرطية المتقدمة منهاجا.

ان مبداء الاكثرية لن يكون بناء على امورا عفوية فللجميع الحق في ابداء الراي وتقديم الحجج والبراهين على القضية المطلوب اتخذ القرار فيها ومن تكن براهينه اقوى ربما يكون هو الفائز. وبالتالي فان النتائج المتمخضة عن تلك القررات سوف تسرع وتزيد من حجم الانجازات التي يمكن للحكومة انجازها وبالتالي تكون عاملا اساسيا في رجوع تلك الكتلة الى الحكم مرة اخرى وفي الدورة الانتخابية القادمة .

انا هنا اختتم مقالتي هذه وكما بداتها نريد حكومة وطنية تخدم المصلحة الوطنية العليا والتي تعمل من اجل عراق موحد مستقل ديمقراطي يعيش المواطن فيه عزيزا, محترما, متطورا, ومخدموما. واننا لانريد حكومة وحدة وطنية تعمل فقط من اجل مصالح شخصية, فئوية,طائفية او عرقية ويكون الوطن والشعب رهينة لمحاصصة لاتخدمه بل تعيق معظم الحلول لمشاكله... وما اكثرها.

ولتحقيق ذلك...هنالك مسؤلية كبرى على الناخب العراقي فمشاركته الفعالة في الانتخابات لانتخاب كتلة سياسية واحدة قادرة على تشكيل حكومة وطنية, مما يؤدي الى وضع حدا للمساومات التي تضطر الكتل الصغيرة ان تنجر اليها من اجل تشكيل كتلة اكبر تكلف بتشكيل الحكومة. وهنالك مسؤلية على الكتل السياسية لتمتين تحالفاتها على اسس ترضي وتجبر جميع المتحالفين على الانصياع والالتزام بمبداء الاكثرية في اتخاذ القررات, وتمنع الانسحابات في حالة الخلافات في اتخاذ القررات, واضعين نصب اعينهم ان هذا الامر هو مطلب وطني وشعبي وشرعي لايمكن الحياد عنه ما داموا في تلك الدورة الانتخابية من عمر الحكومة الوطنية المشكلة من كتلتهم.

باسم العلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك