سالم كمال الطائي
أنه من سخريات القدر الظالم ومن مسخرة جهل أكثر ساستنا! اليوم - في عهد الاستعمار الجديد - وأطماعهم المادية المختلطة بالنزعة الطائفية والحرص على الدين والمذهب!! إضافة إلى التدخلات الخارجية.. أن يترحم الناس اليوم على "عهد صدام الهدام"؛ حيث سبق للناس المساكين المظلومين في كل العهود السابقة ما عدا "ربيع عبد الكريم قاسم" فقد كانت قصتهم مع الحكام والقادة عهود كلها خريف كئيب وشتاء مؤلم بلا غيث أو مطر! وليس لهم من السعادة والراحة نصيب, ولم يصيبهم من هذه الدنيا في ظل تلك الحكومات غير سفك الدماء وتناثر الأشلاء, فقد ترحموا على الأتراك بعد دخول الإنكليز المحتلين, وترحموا على "نوري السعيد" حتى بعد انقلاب عبد الكريم قاسم!! وترحموا حتى على عهد عبد الكريم قاسم بعد مأساة المؤامرة الكبرى عليه والتي قادتها المخابرات الأميركية والإنكليزية والعربية!! يا عيني على الحكام العرب والنخوة العربية فهم "أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامة"؛ حتى "جمال عبد الناصر" الذي وُصِفَ بأنه "أعْظَمُ زعيمٍ عربي.. حقَّقَ أكْبَرُ هزيمة لشعبه وأمَّتِهِ"!!؟ حتى هذا الجبان تآمرَ على الشعب العراقي وشارك في إسقاط عبد الكريم قاسم بمساعدة القومجية!! وحثالاتهم من "محلة الذهب"!! و "الميدان"!؟ وسماسرة شارع 52 ورواد الريسز وسياس الخيول هذه هي قواعدهم التي يتحركون بها -بالأمس واليوم - وفي العهد الجديد كان تمركزهم في شارع حيفا الذي شهد أحداث كثيرة وراح ضحيتها الكثير من أبناء الشعب الأبرياء, وكانت راية هؤلاء المنحطين ولافتاتهم هي الدفاع عن العروبة والإسلام!!؟
أما اليوم فإن واحد من الأسباب المهمة في ترحم الناس على أيام أبشع طاغية عرفه العراق "صدام الهدام" هو أولئك النواب والوزراء الذين كانوا يحلمون بأن يشتغلوا "جايجية" في دوائر الدولة أو بياعة "لنكه" و"خرده فروش" في الميدان وباب الشرقي وساحة الطيران! والذي جعل تلك النماذج تتسلم تلك المناصب والمهام هي القوائم المغلقة التي تمت بموجبها الانتخابات السابقة حيث لا تدري في هذه "السلة من البيض" في ذلك الصيف الحار!! أيهما الفاسد ومَنْ هو الصالح العابد!, وحتى لا نظلم الآخرين ولا نقع في مَطَب الإطلاق والتعميم فإن من بين هؤلاء وأولئك بعض المخلصين والجديرين بهذه المهام إلا أن وجودهم في ذلك الوسط وهذه البيئة كان كنقطة ماء نقية في بركة من الفساد والتسيب؛ لا صوت مسموع لهم ولا رأي معقول مقبول عند "الأكثرية" المتخلفة! في مجلس النواب خاصة, وفي دوائر الدولة يكاد صوتهم لا يذكر وهم ضائعون في "جوكة حِسِن"!!؟
ولا ندري هل سيترحم أبناء الشعب العراقي على المنْتَخَبِين القدامى - على علاتهم- بعد أن يبدأ المنتَخَبون الجُدد نشاطهم في مجال "اللفظ واللهف" والفساد والرشوة وسرقة أموال الشعب أم أن القدر سيرحمنا هذه المرة ونكتشف أن لدينا رجال أمناء مخلصين غيورين على البلد وأبناءه الذين هم منهم؛ بعد أن نرى أسماءهم وصورهم في الانتخابات القادمة حتى نختار الأفضل و الأشرف والأنظف!!؟ هذه الانتخابات القادمة والتي يبدو أن أبناء الشعب سوف لن يشاركوا فيها بحماس مثل سابقتها لأنهم أحبطوا ويئسوا من الوعود والعهود ثم بعد ذلك الجمود ولم يصبهم أي مردود ويشتغل اللطم على الخدود!! وهي ظاهرة ومقدمة للترحم على النواب والوزراء "السابقون"!, وعلى إخواننا القراء والكتاب أن يفيدوننا بالأسباب والدوافع وراء ترحم الناس على السَّلَف من الخَلَف!!؟ وإلى متى يستمر هذا الحال ونحن اليوم ومسئولينا نَدَّعِي أننا نعيش عهد امتلاك ثرواتنا؛ وعهد الحرية والديمقراطية.. أم أن كل ذلك حبرٌ على وَرَق وثرثرة لا نهاية لها ولا طائل منها.
ومن المحزن أن نسمع اليوم على كل لسان إنسان مظلوم ومسحوق ومعذب تلك العبارة المؤلمة حقاً وهي: "رحمة الله على أيام صدام"؛ لقد هلكنا في ظل حكومات "الأنعام" إلا قليلاً منهم!!؟
https://telegram.me/buratha