حسام الدين الخزعل
لا اعرف كيف يمكن تصديق الادعاءات والتقولات بوجود عراق جديد مبني على المشاركة والتعددية ورفع التهميش والاقصاء في تصريحات واحاديث الطبقة السياسية الحاكمة اليوم وهم اغلبهم كانوا - كما يدعون - ضحايا هذه السياسيات التي مارسها نظام الطاغية الدكتاتور المقبور الوحشي الى ما هنالك من قاموس شتائم الاحزاب الحاكمة وعلى رأسها حزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي في وقت يثبت كل هؤلاء انتهاجهم نفس النهج الذي جعلهم ضحايا - الى جانب بقية اطياف الشعب العراقي - طوال ثلاثة عقود من حكم البعث.اكتب هذه السطور وانا اعبر عن معاناة عميقة وألم جرح غائر في وجع الجنوب والجنوبيين فلم تكن عقود الظلم والحرمان التي مارسها طاغية العوجة المقبور اباد فيها الحرث والنسل وعاث في الارض فسادا ما بعده فساد ليأتي الدور لاولئك الذين تربوا في احضان هذه المدن المناضلة التي احتضنتهم طوال سني مطاردتهم من بطش اجهزة البعث البلويسية فشاركهم الجنوبيون الخبز والملح والتشرد حتى بعدما قدموا المدن والمنازل والثروات في سبيل المبادئ والقيم التي رفعوها احزاب السلطة من حزب الدعوة وليس انتهاءا بالحركات الصغيرة التي كانت تحلم يوما ان تصل اطراف الاهوار او ان تنعم بساعة من النوم الهانئ بعيدا عن مطاردة البعث وشماشمته .. اسوق كل هذا والجنوب يعاني اضعاف ما يعانيه العراق من جراح تراكمت عليه واختزلت في مدنه بعدما اصبح هم احزاب السلطة ارضاء محافظات بعينها على حساب اهاليهم المحرومين المضطهدين بل استطيع القول على حساب اصحاب الحق عليهم الذين اوصلوهم لكراسي وعروش جنة المنطقة الخضراء ...
اسوق كل هذه المقدمة وقد وصلتني - في غضون العشرة ايام الماضية - الكثير من استغاثات ابناء الجنوب الجريح بسبب الغبن الذي قد يلحق بهم جراء اقصائهم بشكل وباخر عن برنامج البعثات والزمالات الدراسية التي اعلنتها (اللجنة العليا لتطوير التعليم) والتابعة لمجلس الوزراء ورئيسه شخصيا السيد المالكي. فقد عمد المشرفون على اللجنة بابتداع (وليس ابداع) نظام خاص ما انزل الله به من سلطان قد يناسب - بحسب خبراء ومختصين - دولا متقدمة ككندا والمانيا واليابان وليس بلدا كالعراق الذي هو بامس الحاجة الى تطوير موارده البشرية بشتى الاحوال لتلافي التخلف الذي اصابه طوال النص قرن الاخير.اما خلاصة البرنامج فهو توفير اكثر من 600 زمالة وبعثة دراسية الى اوربا والولايات المتحدة الامريكية للبكالوريوس والماجستير والدكتوراه تم الاعلان عنها بشكل خجول وشبه سري - لا نعرف الاسباب - من خلال آلية صعبة ومعقدة اجزم بل اقطع ان 90% من ابنائنا واخواننا لا يستطيعون او لا يجيدون استخدامها مع تخلف وتردي خدمات شبكة الانترنت في عموم البلاد.... تصوروا موقع اللجنة لا يمكن الدخول له الا عند الساعة الرابعة صباحا في احسن الاحوال.وبعد انتهاء فترة التقديم والتي تستسهل بجانبها (حمل الصخور من قلل الجبال وتحمل منن الرجال) طلعت علينا اللجنة الموقرة - جدا - بنظام تنافسي عجيب غريب ومذهل ومحبط في نفس الوقت على اساس المفاضلة بعدد النقاط حسب توزيع المحافظات وعدد المتقدمين فيها للفوز بمنح زمالات الماجستير والدكتوراه اختصت المحافظات الجنوبية باصعب شروطها واجحفها .فالمتقدم من محافظة ذي قار مثلا يتطلب منه بحسب هذه التعليمات الحصول على 63.314 لكل من المتقدمين لنيل الماجستير البالغ عددهم 117 طالبا وهي نسبة تقترب نسيبيا مع المعدل التفاضلي المطلوب من المتقدمين لنيل نفس الشهادة من محافظة بغداد وهي 64.794 من اصل 1088 متقدم وبالقياس مع محافظة بابل التي يشترط فيها الحصول على 62.66 كحد اقل للمعدل المطلوب من اصل 180 متقدم لنيل الماجستير في وقت تحظى محافظات اقليم كردستان بتسهيلات كبيرة في هذا الشأن حيث اشترط على المتقدمين في محافظة كاربيل لنيل الماجستير الحصول على معدل 63.853 نقطة كاحد اقل من اصل 199 متقدم ولمن اراد الاطلاع على المزين من هذا التهافت والظلم والجور البينين عليه مراجعة موقع اللجنة عبر هذا الرابط:http://www.hcediraq.org/index_files/points.htm
ولا ينقضي العجب والضحب من كل هذه الشروط الجائرة التي يذوق ابناء الجنوب علقمها حيث وضعت اللجنة نصابا معينا من النقاط للخبرة التي يتمتع بها المتقدمون فافترضت ان المتقدم لنيل الماجستير - مثلا - من مواليد 1985 سيكون لديه خبرة (تعيين مثلا) بمعدل 4 سنوات (لكل سنة خبرة نقطتان) علما ان مواليد 1985 سيكونون من خريجي العام الدراسي 2007 - 2008 عندها سيكون من المستحيل حصولهم على 4 سنوات من الخبرة لانهم في احسن الاحوال - لو حصلوا على فرصة تعيين فور تخرجهم - سوف لا يكون لدي اكثر من سنتين او سنة خبرة فانظروا كيف تحكمون ....؟؟اعرف جيدا ان الحديث النظري صعب التصور على الكثيرين لانه يخضع لعملية معقدة تعمدها المشرفون على اللجنة من اجل التشويش على الرأي العام العراقي والجنوبي بشكل خاص والا فما الداعي لهذه السرية وانعدام الشفافية التي يتشدق بها المشرفون على اللجنة ..ختاما ادعو الامانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء بشخص امينه العام الاستاذ الدكتور علي العلاق المحترم وكافة الاخوة والسادة في مجلس الوزراء الموقرين بالاضافة الى المشرفين على اللجنة العليا لتطوير التعليم اعادة النظر وانصاف ابناء الجنوب والمقابر الجماعية وابناء الجفاف والعطش والاضطهاد الازلي ووضع الشروط على اساس عادل ومنصف لهؤلاء الذين همشهم البعث واخشى ان اقول يهمشهم ابنائهم الذين تناسوا اهلهم بحيث اصبحوا يتمثلون قول الشاعر العربي :
وظلم ذوي القرابة اشد مضاضة - على المرء من وقع الحسام المهند
https://telegram.me/buratha