حامد جعفر
انتهينا من العصر العثماني حيث كان يسعى كل غني او صاحب منصب مهم لنيل لقب بيك وبعدها باشا حتى لو ضحى بما يمتلك من اموال واطيان في سبيل السلطان وذلك لانه بعد حصوله على اللقب سيزداد نفوذا على نفوذه وتملأ خزائنه باضعاف ما كان يمتلك من المال ويصبح وجيها مرعبا رغم جهله اوغبائه او سوء سمعته بين اهلة وناسه. وحتى يومنا هذا نرى المصريين في مسلسلاتهم التلفزيونية يطلقون لقب بيه على صاحب السلطة والنفوذ والمال.
كان لي صديق مهندس قد جندوه ومديره حامل الشهادة العليا في هندسة الكهرباء في الجيش الشعبي في ايام الحرب في الثمانينات..جاءني ذات يوم دهشا مستغربا وأخبرني أن العريف, ذلك الانسان البسيط, تجرأ ونادى مديره حامل الشهادة العليا باسمه الحاف بدون لقب كما تعودنا ان نسمية..!! وهذا ما لم يستسغه صديقي المهندس الذي اعتاد ومن معه من موظفين على تسمية ذلك المدير بلقبه الاكاديمي والخوف منه ومن جبروته والارتباك والشعور بالضعة امامه رغم ان شهادته العليا لم تضف لثقافته الاجتماعية اي شئ ولم تغير من نفسيته شيئا ان لم تسئ اليها ولم يتعلم في حياته شيئا سوى المزيد في علم الكهرباء , الذي سينساه مع الزمن بعد الدراسه لانشغاله بالمناصب الادارية وتركه العمل في اختصاصه..
ولما كان مدير قسم تافه في شركة تافهة له مثل هذه المكانة والقدرة المرعبة والامتيازات لمجرد انه حاصل على شهادة عليا مما مكنه من ايذاء من يترأس عليهم واستغلالهم حتى في بناء قصر له , فلماذا اذن لا يتقاتل المتقاتلون ويدسون الدسائس لبعضهم البعض للحصول على هذا اللقب السعيد حتى لو كان الحصول على هذا اللقب بدفع رزم الدولار او في اختصاصات تافهة لا تسمن ولا تغني عن جوع..المهم يا قوم هلموا الى لقب ( دكتور) لتفتح لكم ابواب خزائن قارون ..!!
ولفد قرأت في ما مضى رواية لكاتب عراقي مبدع عنوانها (الدكتور ابراهيم) ان لم تخني الذاكرة..ملخصها أن أحد الطلاب البسطاء واسمه ابراهيم حصل على بعثة دراسية الى بريطانيا العظمى في ايام العهد الملكي في العراق. ولما التحق بالبعثة هناك تزوج من فتاة انكليزية ذلك لان اباها غني وملاك كبير. ويصفه الكاتب بالخسة والنفاق والمصلحية حيث لا يردعه دين ولا حياء. ولما حصل على لقب دكتور عاد الى العراق ليعين مديرا في وزارة الزراعة . وهناك استغل منصبة اسوأ استغلال , وكان رأس المفسدين وكبير الحرامية الملاعين.. وأخذ يحارب الخريجين الفقراء الذين يريدون التعيين عنده ونسي انه ذات يوم كان مثلهم قبل بعثته الميمونة..ولما كثرت فضائحه وبان معدنه الردي تصدى له الوطنيون المخلصون وكادون ان يوقعوه في مصيدة القضاء لولا انه هرب للخارج محملا بما سرق لا يلوي على شئ..
وما اشبه اليوم بالبارحة .. فقد زخرت ايامنا بعد سقوط العفالقة بالدكتورجية الذين جلسوا على سنام الوزارات والادارات الحساسة منتفخة انوفهم بلقب الدكتور وكانت النتيجة انهم كانوا حرامية, الا القليلين من الشرفاء. وبعد ان اوغلوا في سرقة الشعب العراقي المسكين وسرقوا المليارات وليس الملايين وانكشف أمرهم هربوا كالجرذان والغريب ان الحكومة لم تلاحقهم وأكتفت بهروبهم..!!
أما علماء صدام الدكاترة الذين يتباكى اليوم عليهم العربان ويسمونهم بالعلماء , فقد كانوا من الفاشلين في الدراسة ولم يحصل احسنهم على أكثر من معدل ستين في البكلوريا ولكن لكونهم او افراد من عوائلهم ينتسبون للامن او المخابرات ولتأكد العفالقة من أنهم من معدومي الضمير والمروءة , فقد بعث بهم الى جامعات اوربا وغير اوربا ليحصلوا على الدكتوراه في اختصاصات تفيد السلطة العفلقية وخصوصا الكيمياء ليستغلهم في الاسلحة الكيمياوية ولم تعبأ الحكومة العفلقية بعدد السنين التي يقضيها هؤلاء للحصول على اللقب حتى ان أكثرهم أستغرق اكثر من عشر سنين على حساب العراقيين..!! أما اليوم فكثير منهم لاجئون بالدول الغربية واستراليا ونيوزيلاندا حيث يعمل بعضهم سائق تاكسي والاخر الذي سرق مالا كثيرا يعمل صاحب محطة بانزين واخر يعمل في كندا في متجر لبيع الملابس وهلم جرا..!! ذلك لان هؤلاء يعتبرون على المقياس العلمي الغربي متخلفين جهلة .. علما أن الغربيين لا يهتمون بالشهادات العليا بل بالمهارات والعقول .. الشركات الغربية الرأسمالية تهتم بخريج الجامعة او المعهد وتزج به بشكل مستمر في دورات تقنية متطورة حتى يصبح بعد سنين عالما متخصصا لا يشق له غبار ويصبح أكبر دكتور تلميذا صغيرا بين يديه.
ولذلك فنحن نطالب المالكي الذي وعد ببعث عشرة الاف طالب لجامعات العالم ليعودوا حاملين لقب دكتوراه ان يغير رأيه ويبعث بعشرة ألاف من المهندسين والفنيين بالوزارات المهمة كالكهرباء والزراعة والبناء في دورات تدريبية علمية لدى افضل الشركات ليعودوا مهرة ومتخصصين فينتفع منهم العراقيون ..
حامد جعفرصوت الحرية
https://telegram.me/buratha