المقالات

المشروع الوطني والمشروع الأمريكي والمصالحة في العراق

892 14:26:00 2009-10-01

عبد الله الجيزاني

المتابع المنصف لمجريات أحداث العملية السياسية في العراق يلحظ بسهولة وجود صراع بين مشروعين هما المشروع الوطني والذي اتفقت عليه معظم قوى المعارضة من خلال مؤتمر لندن ومؤتمر صلاح الدين وفي جميع اللقاءات بيت أقطاب هذه المعارضة،حيث تضمن هذا المشروع على تشكيل حكومة تدير أمور البلد بعد سقوط النظام مباشرة ومن ثم إجراء انتخابات لتشكيل مجلس تشريعي يتولى كتابة دستور دائم للبلد،وأكد هذا المشروع على ضرورة مشاركة جميع أطياف الشعب العراقي في إدارة أمور البلد وتقرير مصيره،وأيضا عالج هذا المشروع جميع مخلفات النظام السابق وفق اطر قانونية بعيدة عن التسييس ليحصل كل ذي حق على حقه،ويمكن أن نؤشر بسهولة أقطاب هذا المشروع الأساسيين ومن التحق معهم من الأحزاب والتيارات التي شكلت بعد سقوط النظام،أما المشروع الأمريكي والذي كان يظهر للمعارضة العراقية تأييده لمشروعها ألا انه كان يبطن مشروعه الخاص به والذي يتضمن إزالة بعض رموز النظام السابق بما لايتجاوز أل(55)وهم عدد الأشخاص المطلوبين ومن الممكن استثناء بعضهم وهذا ما اتفقت عليه الإدارة الأمريكية مع أذنابها في المنطقة،هناك قوى تعاملت مع الواقع أي أن مشروع سينتصر تكون جزء منه وتدافع عليه أكثر من أصحابه، واختارت الصوت الخافت من المشروعين وهي مع المنتصر رغم أن بعضها كان ضمن اتفاق المعارضة آنذاك وأسمت نفسها قوى واقعية وأصبحت الآن في أقصى مراحل الفراق مع المشروع الوطني من خلال الشعارات التي يطلقها قادتها وهم يعلموا أنها مجرد شعارات كالمصالحة،وإعادة ألاف البعثيين إلى السلطة وتعطيل قانون اجتثاث البعث أو المسائلة والعدالة تحت هذا الشعار الذي تريد أمريكا النفاذ من خلاله لتحقيق مشروعها الذي وئد أو في طريقه أن يوأد، وهناك أحزاب شكلت بعد سقوط النظام فلا يمكن إدراجها مع أي مشروع فهي تتصرف مع المشروع ونقيضه وهناك شخصيات سياسية أخرى انتهجت الأسلوب نفسه ،وفي الحقيقة أن كل ما جرى ويجري في العراق هو صراع بين المشروعين حيث يضغط احدهما على الأخر كي يحصل على تنازل لمشروعه،وقد اتبع أصحاب المشروع الأمريكي نهج العنف والتسقيط أي كل شي من اجل الهدف أما الطرف الأخر فقد انتهج أسلوب توعية الشعب والتعويل على هذا الوعي كثيرا،مع الإخلاص التام للمشروع والتضحية من اجله بالكثير من الاستحقاقات، وعلى خلاف ذلك تمسكت أطراف المشروع الأمريكي بمسئوليها الفاشلين لأبل والفاسدين وحتى الإرهابيين،من كل هذا نعتقد أن على الشارع العراقي أن يميز ملامح كلا المشروعين ويساند مشروعه الوطني ويتمسك به ويدعوا إليه،ولا يغفل عن ذلك لان النتائج ستكون وخيمة ووخيمة جدا،والتاريخ خير معين لإدراك هذه النتائج وتشخيص خطورتها،لذا الحذر كل الحذر من الشعارات التي لاتغني ولاتسمن كالوطنية على الطريقة الصدامية والمصالحة التي لاغاية لها إلا الانقضاض على منجزات المشروع الوطني وإعادة البعث من الشباك ولو بشكل جديد،وهذا الاستنتاج لا يحتاج إلى جهد وتفكير كبير وذلك من خلال التدقيق بمصطلح المصالحة ومعانيه،فهي تعني أن هناك خلاف بين طرفين مما يستدعي أن يتم الإصلاح فيما بينهم،فمن الطرفان اللذان يراد لهما أن يتصالحا في العراق وما خلافهما؟الحال في العراق أن هناك ضحايا بكل ماتعني الكلمة من معنى وهناك جلادين أيضا بكل ما تعني الكلمة من معنى،وهؤلاء الضحايا صفحوا عن جلاديهم ورضوا بالقانون حكما بينهم،وعندما تخلى حتى القانون عن النظر في مظلوميتهم،فوضوا أمرهم إلى الله،ولم يطلبوا من الجلاد إلا أن يتركهم ليعيشوا بسلام وأبى أن يمنحهم ذلك ،وتنازل البعض ممن يملئوا الدنيا ضجيجا بشعارات الدفاع عن المظلومين وحقوقهم إلى هؤلاء الجلادين،وأصبحت رواتبهم ترسل إليهم في سوريا واليمن ومصر وبعضهم حصل على راتب بدرجة وزير كيونس الأحمد وجليل حبوش وغيرهم ولازال أبناء الضحايا والسجناء يفترشوا الطرقات علهم يحصلوا على مايسد رمقهم،أذا ماذا بقى سوى أن يعود هؤلاء إلى سدة الحكم من جديد ليحاكموا الضحايا لا لشي إلا لأنهم ضحايا كما فعلوا بالأمس وهكذا تحقق أمريكا مشروعها،عندها ماذا سيقول من يتبنى هذا المشروع كشعار وهو يعلم حقيقته،لكن سوف لن يلحق أن يقول! فهل للشعب العراقي أن يتحمل مسؤوليته ويفكر جيدا قبل فوات الأوان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك