المقالات

نحو تأسيس فهم للوطنية في برامج الإئتلافات السياسية

758 17:53:00 2009-10-01

قاسم العجرش

(تواطن) الناس على أمر بمعنى قبلوه وأشتركوا به، و لغة (تواطن) تعني كما يقول اللغويين: المطاوعة، وبذا فإن مفهومها الدلالي يتعدى الى القواسم المشتركة بين عناصر شعب أو أمة تقطن رقعة جغرافية محددة، وبذا أيضا فأنها تعني العوامل التي تضمن التعايش بين الوحدات الأجتماعية التي أساسها الفرد الذي يعتبر الوحدة الأجتماعية الأولى في سلسلة التكوين الأجتماعي، والمواطنة كمفهوم متكامل هي منظومة متكاملة من حقوق وواجبات، وهي ليست رغبة أختيارية، مثلما هي ليست مظهرا قسريا، وليس بيد الأنسان أن يرفض أن يكون مواطنا، مثلما ليس بالأمكان أجباره على أن يكون مواطنا، وهذه ليست أحجية أو لغز، فالمواطنة شعور عميق، قبل أن تكون عنوان رسمي، وعلى الأرض تتحول المواطنة من مشاعر الى وثائق، أنها عقد أنساني بين الفرد والوطن، عقد يشبه في الكثير من أوجهه تلك العلاقة التي يصعب تفسيرها بين الأم وطفلها، الوطن أم والطفل مواطن...

وللمواطن حقوق على الوطن، مثلما عليه تجاه الوطن التزامات، غير أن المشكل كان في كيفية إبرام هذه العلاقة التبادلية، في البدء كانت العلاقة بين المواطن والوطن علاقة مبهمة، لأن معنى الوطن كان مبهما، مثلما لم تكن للوطن حدود واضحة، وبعد نشوء الأنظمة السياسية وبناء أنظمة حكم، كان لابد من ترتيب العلاقة بين المواطن والوطن.والى عصر قريب أختصر الوطن بالنظام، وصار معنى الولاء للوطن ينحصر بالولاء للنظام، وأختلت بذلك العلاقة الحميمة بين الأنسان والأرض، وتحولت الى علاقة بين الأنسان المحكوم والأنسان الحاكم، وبالحقيقة فأن الحاكم صار هو الوطن، أما تتذكرون الشعار الذي رفع في عصر صدام(الله ـ الوطن ـ القائد)؟ فلم يكتف الحاكم أن يقرن نفسه بالوطن، بل تجاوز ذلك الى أن يقرن نفسه بالخالق جل في علاه، وهو إقتران جبروتي أفرغ المواطنة من محتواها تماما وحول الشعب الى عبيد..المواطنة علاقة تبادلية قوامها عطاء متبادل، المواطن يعطي (كل) ما بوسعه للوطن وبضمن ذلك دمه عند الإحتياج، والوطن يعطي للمواطن (كل) ما يستحقه ومايمكنه من أن يعيش عيشة كريمة...

وفي مفهوم الرعوية علينا ان نخرج من علاقة الأمومة آنفة الذكر الى علاقة الأبوة، ففي مفهوم الرعوية يصلح توصيف الوطن بأنه أشبه بالأب، وان المواطنين هم أبناؤه،ولم نقل أن الوطن أم، ترى هل هو غمط للأمومة حقها العظيم؟ أم أن الوصف لا ينطبق فعلا؟ ، الحق اقول أن لا غمط للأمومة فالوطن أب لأنه يرعى، والأم أم لأنها تربي، والرعاية شأن يختلف عن التربية، والرعاية مستلزماتها واداواتها غير مستلزمات وأدوات التربية، والمواطنين يوصفون دوما بأنهم رعايا الوطن الذي يتخذونه مقطنا، والرعوية بعض من حقوق المواطنة، هي الهوية التي يحملها المواطن فتميزه عن غيره من بني البشر، فنقول فلان عراقي مثلآ لأنه إبن العراق وآخر من بوركينا فاسو لأنهه من ذاك الوطن، والرعوية لا تعني أن الوطن مرعى فتسرح (قطعان) البشر ترتع في خيراته كما يحاول بعض من سياسيينا الإيحاء به، بل الرعوية رابط تعاهدي بين المواطن وموطنه الذي يغني له نشيد موطني سالما منعما !...

إن اختلاف الأطروحة وعدم العمل من قبل التيارات السياسية باتجاه تغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح، الحزبية كانت أو الفئوية أو الشخصية حتى، وعدم البحث عن مشتركات عملية وفكرية كان عاملا مهما يكمن دوما تحت السطح ليخرجه الراغبون بتازيم الوضع لتحقيق مآربهم على اختلاف مشاربهم، وخلافا لما يفترض أن يكون، فان عامل الزمن عمل يعمل بالاتجاه السلبي إذا لم يكون الوطن أولا هو السائد كشعار وكفعل، إذ بدلا من ان يعمل الزمن على تفكيك عوامل الخلاف ساهم بتكثيفها لان الذين يعملون بالشأن السياسي ومن كل المكونات، وان كان ذلك بدرجة متفاوتة لم يولوا الموضوع العناية المستحقة بل أنهم تجاهلوا ضرورة قبول اختلاف الأطروحة أساسا كمقدمة لقبول الآخر وتفهم رايه، ومن البديهي فان تجاهل الاختلافات يحولها بمرور الزمن إلى خلافات تحتاج عظيم جهد حتى يمكن تجاوزها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك