المقالات

الاستحقاق الانتخابي القادم في العراق خطوات نحو التكامل

1120 20:49:00 2009-10-01

بقلم: داود نادر نوشي

تبعدنا أسابيع قليلة عن الاستحقاق الانتخابي البرلماني القادم، والتي بدأت علامات ظهوره بادية منذ ألان ، من خلال الحراك السياسي الحامي الوطيس وتشكيل الائتلافات السياسية وتهيئة البرامج الانتخابية وتوفير الفضاء الواسع للتعبير عن أهداف وشعارات تلك الكيانات ،والشىّ المهم والايجابي في كل هذا الحراك السياسي التنافسي هو الخروج من ثوب الطائفية والقومية والدخول في عباءة الوطن والوطنية ،وهذا بحد ذاته انتصار كبير للمكونات السياسية الفاعلة والتي قدمت التضحيات في سبيل هذا الهدف ، والوصول إلى حالة التكامل في المشروع السياسي.

ومما لاشك فيه أن السنوات الستة الماضية من عمر العملية السياسية في العراق، بعد سقوط النظام البائد ، ليست بالمدة الكافية التي نستطيع من خلالها أن نحكم على نجاح أو فشل التجربة العراقية الجديدة، وذلك لأسباب ومبررات كثيرة قد تجعل من أي بلد في العالم يقف عاجزا عن الوصول إلى أي مرحلة يمكن من خلالها أن يطلق تعبير المصطلح أو التجربة السياسية الناجحة وفق هذه الظروف التي أحاطت بالعراق ، ولا يمكن لنا كعراقيين إن نضع تجربة السنوات الستة الماضية كمعيار حقيقي وواضح لقياس أدوات الفشل والنجاح أو نجعل منها الرؤية النهائية في مدى التكامل الذي نطمح من خلاله أن نصل بالعملية السياسية إلى بر الأمان، على الرغم من التجارب الكثيرة في ممارسة الديمقراطية ، من خلال الانتخابات البرلمانية والمحلية ، وكذلك التعددية السياسية وحرية التعبير والإعلام الحر ، إلى جانب وجود الأحزاب والكيانات السياسية العاملة في الساحة ، كل هذا لم يصل بنا إلى التكامل السياسي والاجتماعي ، ولن نستطيع اجتياز مرحلة الوعي السياسي الكامل أو حتى ولوج الثقافة السياسية التي ناضل من اجلها الكثير من المكونات السياسية العراقية منذ 35 سنة .

وهذا التباطى لم يكن وليد الصدفة أو نتيجة عجز السياسيين الوطنيين والمخلصين ، وإنما كان نتيجة ظروف وملابسات كثيرة إحاطة بالعملية السياسية وأرادت لها أن لاتتقدم ، ومنها الوضع الأمني والذي كان نتيجة تخطيط منظم ومبرمج قادته جهات دولية إقليمية ، تم تنفيذه بواسطة التحالف ألبعثي التكفيري مع عصابات القاعدة وفلول الإرهاب ، ووجد في داخل العراق الدعم والمساندة الكاملة والحاضنات السياسية والترويج بواسطة وسائل إعلام خانعة وتابعة لأعداء العراق ، يضاف لهذا الدعم والتخطيط مباركة بعض القوى المحسوبة على العراق من السياسيين

المفلسين الذين تربوا في أحضان النظام البائد، والحالمين بعودة البعث ، وقد توجهت جميع القوى المعادية للعراق في الداخل والخارج من اجل إسقاط العملية السياسية وما تفجيرات الأربعاء الدامي الإرهابية ألا حلقة من سلسلة التخطيط الموجهة للعراق ..

وكاد لهذا المخطط لو كتب له النجاح لاسامح الله أن يجعل من العراق واحة للقتل والتهجير والعودة إلى الوراء ، إلى زمن المعادلة السابقة ولكن بلون جديد ومسمى أخر .

ولا ننسى أيضا إن من أسباب عدم التكامل في العملية السياسية هي المحاصصة الطائفية أو الديمقراطية التوافقية والتي هي ضياع حق الناخب العراقي في ما اختار وهدم لمعنى ومحتوى الديمقراطية الحقيقية ، وكانت وما تزال عقبة رئيسية في تقدم ورقي البلد ، وإما المبررات التي وضعت لجعل المحاصصة هي المنقذ والوسيلة للخروج من النفق فقد أخطا أصحابها بحيث كانت وبالا على العراق والعراقيين ، وحتى الثقافة الانتخابية للناخب العراقي لم تكن بالمستوى الذي يؤهله لأن يختار الاختيار الصحيح بعيدا عن النعرة الطائفية والفئوية الضيقة ، وبالتالي كانت الضبابية في التوجه والعشوائية في اختيار الأصلح .

واليوم ونحن على أبواب الانتخابات البرلمانية لابد لنا من رسم الخارطة السياسية للعراق بما يتلاءم مع المكتسبات الجديدة التي تحققت ،لاسيما ونحن بحاجة إلى دولة عصرية تندرج تحت طياتها صيانة الحقوق والحريات في جو من الاستقرار السياسي والأمني ، وهذا لن يكون إذا ما رجعنا إلى المربع الأول في العملية السياسية ، وابتعدنا عن الأسس الصحيحة للديمقراطية وهي الرجوع إلى صناديق الاقتراع وهو الفيصل الرئيسي في فض جميع النزاعات ، والغلبة فيها لمن يحصد أكثر الأصوات وهو الضمان الأكيد لمبدأ الأكثرية السياسية هي الحاكمة ، وان نؤسس لمبدأ المعارضة السلمية في داخل البرلمان وحكومة الظل ، لا معارضة القتل والعنف والإرهاب .

ولا نجعل من فنادق الخمسة نجوم في العواصم العربية خنادق للهجوم والتحريض والتشهير ، وتنفيذ أجندات إقليمية الهدف منها القضاء على التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق ، واستمرار البعض من السياسيين على هذا المنوال لايمكن تفسيره ألا لهذا الغرض وأما شعارات المقاومة والاحتلال لا يعدوا كونه سيمفونية مشروخة مللنا سماعها ولا تنطلي ألا على السذج والسفهاء ، لاسيما ونحن في بلد ضمن للكل ومن خلال الدستور أن يمارس السياسة سواء كان في السلطة أم خارجها بكل حرية وشفافية وان يكون معارضا بالمعنى الحقيقي للمعارضة السياسية الحضارية ، وليست المعارضة التي يتبناها أصحاب الفكر الطائفي التكفيري .

والخطوة الأخرى التي ننتظرها في عملية التكامل هي عملية الاستقرار السياسي وهو الأساس في نمو وتقدم الدولة العراقية ، وشعور المواطن بالأمن وغياب القلق والترقب ، واستمرار التمنية في كل مجالاتها وهذه هي الشروط الموضوعية الواجب تنفيذها ، وان يغيب عن ذهن السياسي العراقي ذكر المصطلح الطائفي والعرقي في تناوله للأمور السياسية ، ونحن كعراقيين نفخر بكوننا ننتمي لهذه الطائفة أو تلك القومية ولكن هذه التسميات في المجال السياسي لاتأتي لنا بالتكامل الذي نبحث عنه وننشده بل إن التكامل هو الذي يأتي مع الاستقرار والنمو والبناء .

والانتخابات القادمة فرصة كبيرة ومناسبة لتحقيق ذلك الهدف وستكون الخطوة المهمة في بناء العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك