المقالات

دور أشباه المثقفين في دعم الأنظمة الديكتاتورية

946 19:12:00 2009-10-03

حسن الهاشمي

الأنظمة الاستبدادية تأتي إلى سدة الحكم إما بالوراثة أو بالانقلابات العسكرية، والوراثة غالبا ما تكون ملكية وتتخذ أشكالا مختلفة في المظهر لا في الجوهر كالسلطنة أو الإمارة أو الخلافة أو المملكة أو ما أشبه ذلك كما هو واقع في جملة من الدول اليوم، حيث أن الوراثة للسلطة قد تكون في الأولاد وقد تكون في العائلة وقد تكون في القبيلة، والغالب أن ترافق هذا النوع من الحكم حالة الاستبداد، بداهة أنها إما أن تلغي المواصفات الشرعية في قائمة الحكام أو المواصفات القانونية كما تلغي حق اختيار الأمة بالكامل، أو تحدد اختيارها في أحسن الفروض وتحصرها في العائلة الحاكمة.هذا وربما تكون الملوكية غير وراثية، كما إذا مات الملك انتخبوا ملكا آخر مكانه، وكان ملكا إلى آخر العمر، وبذلك يظهر أن الحكومات الأموية والعباسية والعثمانية وما أشبه ذلك مما تلبست بلباس الإسلام لم تكن إلا ملوكية وراثية، وتسميتها بالخلافة لم تكن على واقعها، وأنها في واقع الحال أشبه ما تكون بالملك العضوض، ومن هنا ظهر بطلانها وعدم مشروعيتها شرعا وعقلا، لأنها لم تستند إلى الانتخاب الإلهي أو الانتخاب البشري.والنظام الانقلابي تكون القدرة فيه بيد رئيس الدولة الذي يسيطر على مقاليد الحكم بالقوة والانقلاب العسكري وهو الذي يسمى بالجمهوري زورا وبهتانا، كما هو معهود في جملة كبيرة من دول العالم الثالث، ومن الواضح أن هذا النوع من الحكم غالبا ما يتسم بالاستبداد في أصل توليه للسلطة، لكونه يصل إليها بالقهر والغلبة، وفي ممارستها أيضا باستعماله العنف، وهذا ما أكدته التجارب المتكررة في أكثر من بلد، ولذا فإن مثل هذا النوع من التسلط ساقط عن الاعتبار شرعا وعقلا، بل إننا لم نر منذ الحرب العالمية الثانية انقلابا عسكريا في آسيا وأفريقيا إلا كان انقلابا استعماريا، ولذا نرى أن العالم الحر أبعد العسكر عن الحكم، واتخذ ضمانات عديدة للمنع من الانقلابات العسكرية، ولعل من أهمها هو وعي الشعب وتكثير مؤسسات المجتمع المدني وتحريرها، فإن الاستبداد غالبا يحدث بسبب غياب وعي الناس.ومن الطبيعي أن يدافع المستبد ومن يدور في فلكه من الإنتفاعيين والإنتهازيين عن حكمه وتصرفاته ويبرر جميع المظالم والمآثم التي تقع على أية شريحة من الأمة تشعر بالغبن والتعدي، بأنها خارجة عن ولاية الأمر ومارقة وباغية وغيرها من المسميات التي طالما يرددها المستبد لإخماد أية حركة تناهض حكمه الأوحد، ولا تزال تلك الأنظمة المستبدة تحكم بالحديد والنار معظم الدول العربية والإسلامية وأنها تعادي وتحارب أي تطلع للتحرر من هذا الواقع الفاسد الذي نعيشه، وهكذا نرى كيف أن الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة قد جيشت جيوش الإرهابيين وأغدقت عليهم بالسلاح والمال للانقضاض على تجربة العراق الديمقراطية لوئدها في مهدها وإراحة الأنظمة المستبدة من كابوس الديمقراطية الذي يؤرقهم ليل نهار حتى لو جاء ذلك الإجراء على حساب الأبرياء الذين تتمزق أشلاءهم بواسطة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة التي تفجرها تلك الأجساد النتنة من إرهابيي القاعدة والبعث الموتور، لا يهمهم ذلك بقدر ما يهمهم إبقاء الأوضاع على ما هي عليه قبل نيسان 2003 حيث تحكم الحزب الواحد ذو الاتجاه الطائفي البغيض.والذي يحز في النفوس ويلهب الضمائر الحرة الشريفة إن بعض المحسوبين على الثقافة وأشباه المثقفين يدوسون على ضمائرهم إن كانوا عندهم ضمائر ويدافعون عن انتهاكات الظالم كالمثقفين الذين يطلعون علينا في الفضائيات هذه الأيام من سوريا حيث يدافعون عن سياسة بشار الأسد من أن اتهام سوريا بدعم الإرهاب غير أخلاقي، ناسين أو متناسين أن قتل العراقيين أمر غير أخلاقي، أولئك الذين يقعون ضحية الإرهابيين الذين ينطلقون من معسكرات سوريا لضرب العراق وشعبه لغايات سياسية دنيئة، أو أشباه المثقفين الذين تثار عقيرتهم ضد الحوثيين وينعتوهم بشتى صنوف التمرد والإرهاب والخيانة متناسين إرهاب الدولة اليمنية التي تقصف شعبها بالأسلحة الثقيلة والطيران الحربي لا لشيء سوى أنه يريد أن يعيش حرا كريما من دون تمييز طائفي أو عرقي في بلده، وكذلك أنصاف المثقفين العراقيين الذين هم في تشكيلة الدولة العراقية الجديدة وهم ينخرون النظام الديمقراطي بأدوات إقليمية لإسقاطه، إذ لا غرابة من دفاع المستبد والمستفيد منه عن تصرفات الديكتاتور ولكن الغريب في الأمر أن الذي يدعي الثقافة يكون بوقا للسلطان الجائر ويدوس على الحق الظاهر للعيان ويبرر للحاكم المستبد أفعاله وجرائمه بحق الشعوب، هذه هي الطامة الكبرى والمصيبة العظمى التي ابتلينا نحن شعوب الشرق الأوسط بها وهي بحاجة إلى معالجة وترميم لوضع حد لتلك الجرائم التي ترتكب بحق الشعوب المغلوب على أمرها. ولهذا فإن العقل يحكم بقبح الاستبداد وحسن الشورى والانتخاب ويمكن التمييز بينهما بلحاظ نظام الحكم فيه، هل يقوم على حزب واحد أو أكثر؟ وهل الرئيس الذي بيده التنفيذ يتبدل في ضمن سقف زمني أم لا، فالحكم الديكتاتوري مهما كانت الشعارات المرفوعة، إذ لا اعتبار في مثل هذه الأنظمة لأنها متقاطعة مع رغبة الناس وإرادتهم، وإن كان في البلد حزبان أو أكثر والرئيس يبدل فالحكم فيه يمكن أن يسمى استشاري أو جمهوري، فالحرية الحقيقية للأمة لا تتحقق إلا إذا توفر أمران:الأول: وعي الأمة.الثاني: انعدام التضليل، ونريد به عدم وجود جهة مزيفة لإرادة الأمة، كالاقتصاد المنحرف والإعلام والتعليم وغيرهما، وذلك لوضوح أن عدم الوعي الكافي يوجب سيطرة أهل المكائد والحيل على الأمة حتى ولو كان النظام ذا أحزاب وانتخابات في ظاهرها حرة، نعم هكذا نظام بالقياس إلى الأنظمة الاستبدادية الصريحة هو أفضل وأقرب إلى روح الديمقراطية، لكن الكلام في الديمقراطية الحقيقية، كما أن منهاج المال لو كان منحرفا إلى الرأسمالية يستغل الأثرياء العمال والفلاحين والمعلمين والإعلاميين ومن إليهم، وبذلك يتجمع لدى الرأسماليين المال الزائد عن حقهم، وحيث لا يكون التوزيع على الأمة توزيعا عادلا فيستعمل فائض هذا المال في تحوير الانتخابات بحسب مصالح رأس المال، ولا يكون حينئذ بحسب مصالح الأمة، ويتحصل منه أن تكون السلطة بيد المال، وعلى قمتها بضعة من الرأسماليين، وليست بيد الأمة أو من يمثلها تمثيلا حقيقيا صادقا، ولعل هذا ما يشاهد في بعض البلاد الرأسمالية، وعلى رأسها أمريكا، حيث يتلاعب بحريتها وانتخاباتها جماعة من الرأسماليين عادة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك