المقالات

شيعة العراق بين احتلالين ج3

1459 20:28:00 2009-10-05

هشام حيدر-

رغم إن مواقف المرجعية كانت صلبة وتمتاز بالحنكة والدراية فمن يتصور إن المرجعية آنذاك تخاطب عصبة الأمم مطالبة باستقلال العراق وتخاطب الرئيس الأمريكي مذكرة إياه بإعلان الاستقلال ..؟؟؟ بل لقد ذهبوا إلى أعظم وأدق من ذلك فقد اعتاد المراجع والعلماء على تذييل خطاباتهم بكلمة (الاحقر) التي تسبق اسم احدهم من باب التواضع وهذا مافعله كاتب إحدى الرسائل الموجهة إلى جهات دولية فإذا بالمرجع ينبهه ان هذا التواضع والتذلل بيننا فحسب ويوجه إلى إخوتنا في الدين أما ونحن نخاطب آخرين فدونك كلمات التفخيم والتعظيم فنحن لانتذلل ولا نتواضع أمامهم ونحن نطالب بنيل حقوقنا !!

أقول رغم ذلك إلا إن هناك أسرتين من الأسر العلمائية برزت وتركت بصماتها على التاريخ العراقي بصفة عامة والشيعي بصفة خاصة !

أول هذه الأسر هي أسرة آل الصدر !

فقد تقدم السيد إسماعيل الصدر كوكبة العلماء المتوجهين للجهاد في كربلاء في مسيرتهم إلى صحن الإمام الحسين ع وقلد القائد التركي نور الدين بك سيفا مرصعا لازال محفوظا في القبة المباركة إلى اليوم !

ورغم إن آية الله السيد حسن الصدر كان قد عارض إعلان الجهاد إلا أن ذلك جاء من باب تقويمه للقدرة العسكرية للانكليز وانعدام التكافوء بينها وبين قدرة وإمكانات المجاهدين فعد ذلك من باب إلقاء النفس في التهلكة !

ولاحقا حين حاول الانكليز بث الفتنة الطائفية , سلاح المحتل أينما حل , كان من جملة المشاريع الساعية لوأد هذه الفتنة حفلات تقام في الكاظمية تجمع بين أبناء وعلماء الطائفتين ثم يخرجون في مسيرة يتقدمها السيد محمد الصدر والشيخ الداوود من علماء الاعظمية !

وفي محرم كانت مواكب أهل السنة تخرج في بغداد كما يخرج الشيعة ولأول مرة في التاريخ هاتفين

ابو بكر وعثمان على السبط حزينان

ابو بكر وعثمان على السبط ينوحان

وقد عين السيد الصدر لاحقا مبعوثا للمرجع الأعلى السيد الشيرازي إبان ثورة العشرين إلى لواء الدليم وسامراء وديالى وقاد بنفسه الهجوم على الحامية البريطانية في سامراء وتعرض لاحقا لمطاردة الانكليز بعد فشل الثورة في تحقيق أغراضها العسكرية ثم لجأ إلى الحجاز وطلب من الشريف حسين تولي احد أنجاله ملك العراق ولاحقا قدم الى العراق بصحبة الملك فيصل وقام باعداد مذكرة البيعة له !

لكن ذلك لم يمنع السيد الصدر من الانتقال الى صفوف المعارضة لاحقا للوقوف بوجه وثيقة الانتداب الأمر الذي أدى به لاحقا للنفي الى ايران برفقة الشيخ الخالصي !

وفي فترةالحكم الملكي اخذ يبرز نجم آخر لهذه الأسرة الكريمة في الكاظمية على يد العلامة العسكري الا وهو السيد الشهيد محمد باقر الصدر ليتحول لاحقا الى النجف وحوزتها ويطوي المراحل ويصل رتبة الاجتهاد وهو لما يزال في ريعان شبابه وليحضى بإعجاب وتقدير كبار علمائها ومراجعها !

بطلب من استاذه المرجع الاعلى الامام الحكيم كتب فلسفتنا ثم اقتصادنا للوقوف بوجه الحملة الشيوعية وشارك مع ثلة من العلماء في تاسيس عدد من الواجهات الاسلامية واصدار المطبوعات والمنشورات ورعاية الاحتفالات الدينية لبث الوعي الديني والسياسي بحذر بعد فترة الانحسار والعزلة التي فرضتها القوة العسكرية البريطانية محاولة شطب الوجود الديني الحوزوي من خلال النفي والمطاردة الامر الذي ادى بالحوزة انذاك حفاظا على كيانها ووجودها من المحو الى الموافقة على عدم التدخل بالشان السياسي !

ومن اهم تلك التحركات كان تاسيس حزب الدعوة الاسلامية الذي اريد لقيادته ان تكون سرية دون ادراك حقيقي لحجم التوجه الاستعماري وتكالبه على العراق ومن ثم تشخيص الحوزة العلمية والمرجعية كحجر عثرة في وجه مشروع تلك القوى ولابد من ازاحته وحشد كافة الجهود والامكانات لضربه بما وصلت اليه اجهزة تلك القوى الاستخبارية والعسكرية والمالية !

وكانت اول الرسائل والخطوات لواجهات المشروع الاستعماري ارسال حسين الصافي الى الامام الحكيم ليخبره ان السيد الصدر مع اخرين قد شكلوا حزبا (يدعو للوهابية) في النجف ! وفهم الامام الحكيم الرسالة !

من جملة العلماء المجاهدين الذين خرجوا للقاء الغازي الانكليزي كان السيد محمد سعيد الحبوبي رض ومعه مساعده وامين سره السيد محسن الحكيم زعيم الطائفة لاحقا ومرجعها الاعلى !

وكان تصديه للمرجعية قدس سره في نفس فترة الحكم الملكي فابلغ ان الملك يريد اللقاء به في الصحن الحيدري للنظر في طلباته بمرأى ومسمع الناس فحضر والتقى بالملك وعرض عليه بعض المطالب ثم عاد الملك للزيارة بعد عام وابلغوه برغبة الملك ثانية فرفض لقاء الملك قائلا ان الملك ياتي لتيفرج على زخرف الحضرة ولست جزءا منها ! وافقت على اللقاء به في المرة الاولى لاحتمال ان يكون صادقا في دعواه لكن مرت سنة على مطالبنا دون ان ينظربها احد !

ثم اصطدم رض بعبد الكريم قاسم وتقلباته والحزب الشيوعي الذي سلطه قاسم على رقاب الناس فترة من الزمن ففعل مافعل لاسيما مجازر كركوك وكانت فتواه الشهيرة ( الشيوعية كفر والحاد) بعد ان مارس الشيوعيون اقذر واخس اساليب الخداع مع البسطاء من الناس لكسبهم للحزب قائلين ان الشيوعية اسم حديث للشيعة وان مثل الشيوعيين الاعلى هوعلي ابن ابي طالب ! حتى قال الشاعر

قيل للفلاح هل انت شيوعي وملحد ؟

قال أي والله انا شيعي كقومي وموحد

انا لاانكر اصلي وعلي الله يشهد

نحن بعد الله اشياع علي ومحمد !

لقد شن الشيوعيون على المرجعية بصورة عامة وعلى شخص الامام الحكيم حملة تشهير وتسقيط لم يتعرض لها أي مرجع شيعي حتى الان !

كما حاولوا اغتياله! واخذ الصراع والصدام مع الشيوعيين اشكالا مختلفة لايسعنا التطرق اليها في هذا الموضوع !

وكانت اعلى مراحل صدام الامام الحكيم قد مع قاسم بعد قانونه للاحوال الشخصية سيء الصيت !

لقد كان بالامكان ان يكون قاسم زعيما يمكن ان يقال بحق انه باني العراق العظيم كماوصفو اصدام زورا ! كان يمكن ان يكون كغاندي او ماو او بوتو لولا بعض التصرفات الفردية اللامسؤولة واللامعقولة ولولا انه عادى الجميع وفتح على نفسه عدة جبهات كان اخطرها واغربها هو الاصطدام بالدين !

ثم جاء الطائفي عبد السلام عارف ووقف الامام الحكيم نفس المواقف معه ولم تعش الحكومات فترة هدنة الا في عهد عبد الرحمن وقد حاول الامام الحكيم نصحه لاخذ الحيطة من انقلاب البعثيين وهم حوله فلم يصدق لبلاهته !

الى ان جاء البعثيون ثانية ولم يكونوا غرباءومجهولين عند الامام الحكيم فقد خبرهم وخبروه وهم صنيعة الاستخبارات البريطانية التي يحتوي ارشيفها على اشد الملفات ايلاما في التاريخ البريطاني حول المرجعية الشيعية !

لقد كان انقلاب 17 تموزفي حقيقته امريكيا وقد قال السعدي وزير داخلية الانقلابيين لقد جئنا بقطار امريكي ! لكن الاستخبارات البريطانية اخذت بزمام المبادرة في 30 تموز لكن ماجرى خلف الكواليس من تبادل للادوار ومناطق النفوذ جعل بريطانيا تنسحب من المنطقة لصالح العم سام وتسلمه مقاليد الامور لتعمل معه في الضل على قدر الحجم الجديد للامبراطورية التي قصت اجنحتها وظلت محتفظة بخبرتها وكفائتها!

ولم يضيع البعثيون الوقت مع المرجعية ولم تستغرق فترة الاستراحة طويلا حتى بدأت المواجهة باتهام ساعده الايمن ومحور مرحعيته السيد مهدي الحكيم بالعمالة للمخابرات الامريكية !

كانت تهم الرجعية والطائفية وسرقة اموال الخمس وتنفيذ وصية المندوب السامي بالعمالة لايران تهما جاهزة لكل الانظمة المتلاحقة تقريبا باستثناء قاسم !

واذا كان البعثيون قد سكتوا عن الامام الحكيم بعد وفاته الا انهم اوغلوا في دماء ابنائه واحفاده فسجنوا واعدموا واغتالوا العشرات منهم وشنوا عليهم اشنع حملات التشهير والتي لازالت مستمرة حتى يومنا هذا !

ان كل قارىء لتاريخ العراق الحديث يجد ان مايتناقله البعض اليوم ترديدا لما تبثه بعض القنوات الفضائية معروفة الانتماء ماهو الا تكرار لمشاهد قديمة انتجت في منتصف القرن الماضي والسنوات اللاحقة !

ورغم ان حملات التصفية طالت كل البيوتات العلمائية الشيعية وكل طبقات الشيعة تقريبا كما شملت كل هؤلاء حملات تشهير محدودة لعل الاشهر منها كان موجها ضد الامام الخوئي قد ثم السيد السيستاني دام ظله .... الا ان حصة ال الحكيم كانت الاعلى والاطول مدة منها !

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك