د. كاظم الجنابي
الجوع والفقر والجهل والحروب هي اضلاع مربع العنف والجريمة الذي يجتاح العالم وخصوصا تلك البلدان التي لم تر نور الحضارة ولم تتلمس طريقها نحو بناء مؤسساتها المدنية الحديثة، وعلى راس تلك المؤسسات القضاء الذي يتربع على قمة هرم الدولة المدنية الحديثة. واذا كانت الاحكام القضائية التي تصدر بحق الخارجين عن القانون وعليه تمثل عقابا جزائيا عليهم فانها في الوقت نفسه تمثل رادعا لفئات المجتمع الاخرى.
وفي الوقت الذي تعمل المجتمعات المتقدمة جاهدة على الحد من الجريمة باشكالها المختلفة وفي المنحيين "وقاية وعلاج" بطرق شتى تاتي في مقدمتها احترام القضاء وتمكينه من اداء واجبه بافضل صورة، نرى في مجتمعات اخرى ان المجرم غالبا مايحظى بفرصة كبيرة في القفز على العقاب والافلات منه، وقد ابتلي بلدنا بهكذا آفة حتى اضحت ظاهرة عامة تسود شرائح المجتمع وقطاعاته المختلفة. وموضوع الافلات من العقاب ياتي في مجتمعنا لاسباب مختلفة منها:
1. عدم تمكن وتمكين الدولة وسلطاتها من النيل من المتهم واحالته الى القضاء.2. نظام الادارة اللامركزية والصلاحيات الواسعة التي تعطى الى الادارات المحلية مع بداية تكوين الدولة العراقية الحديثة. 3. ثغرات عديدة في جسم القضاء العراقي.4. سيادة الاعراف العشائرية التي غالبا ما تدافع عن افرادها في الحق والباطل.5. الفساد والمفسدين والفاسدين.6. النفوذ والسلطة والمال.7. الفساد السياسي والصراعات السياسية وتوظيف الامور لصالح جهات سياسية على حساب العدل والقضاء.8. ضعف مرافق الدولة وعلى الخصوص الامنية منها والتي غالبا ما تؤدي الى هروب او تهريب المجرمين والمتهمين.9. ضعف وضبابية الكثير من القوانين والتشريعات والحقوق والواجبات والمسؤوليات يشجع الاجرام ويساعد على الافلات من القضاء، وما ظاهرة شيوع الفساد المالي والاداري الا مثالا على ذلك.10. كما وعانت الدولة العراقية من الكثير من قوانين "العفو العام والخاص" والتي غالبا ما تاتي بديباجة ظاهرها حق وباطنها باطل الغرض منها تحقيق مكاسب.11. جوار للعراق لايريدون له خيرا اما لضعف مؤسساتها او العمل بمبدا التآمر مما يسهل افلات المجرمين وتامين الملاذات الامنة لهم.
ان ظاهرة الافلات من العقاب الذي يعاني منها شعبنا ومجتمعنا كما باقي الشعوب النامية والمتخلفة تشجع وبشكل كيير على العنف وارتكاب الجريمة، فما الرادع والمانع من ارتكاب المخالفات والاجرام مادام مرتكبه مطمئنا بان يد العدالة اقصر واضعف من ان تطاله؟ وبالتالي يجب على الجميع دولة وافراد العمل في مجالين مهمين للحد من هذه الظاهرة:
1. تحقيق العدالة2. وقاية المواطن والمجتمع
وياتي في المقدمة دور ومسؤولية رجال الدين والاعلام والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية المختلفة والاحزاب والتنظيمات وغيرها في دعم الدولة في محاربة ظاهرة الافلات من العقاب والقضاء عليها لبناء مجتمع مدني آمن. كما وانه لمن الجدير بالذكر ان ياخذ القضاء تشريعاته وقوانينه من الشريعة الاسلامية لسببين اولهما احتواءها على التشريعات الرادعة وثانيهما "ولاء" او "ادعاء" الكثير من الاحزاب والتكتلات والشخصيات بتبنيها العقيدة الاسلامية كمنهج حياة.
https://telegram.me/buratha