عامر هادي العيساوي
في البداية وإنصافا نقول إن العملية السياسية بالطريقة التي تدار بها في الساحة العراقية منذ عام 2003 جديدة وغير مألوفة من قبل جميع العراقيين وتختلف تماما في تقاليدها عما تعارفوا عليه طيلة عقود طويلة وقد تفاجؤوا بها جميعا سياسيين ومواطنين, فمن الطبيعي والحالة هذه أن تجد قصورا هنا او تقصيرا هناك وليس العبرة في وجود ذلك القصور او التقصير وإنما بالمراجعة المستمرة للذات بين الحين والآخر من اجل تصحيح المسارات الخاطئة إن وجدت. صحيح أن هناك في الساحة السياسية العراقية اليوم من عركته السنين وأنضجته التجارب ولكن الكثير منهم تفاجأ بما حصل ولم يكن ليحلم أن يكون شيئا ما في حلبة العمل العام الذي كان يزدريه فقذفته عوامل لم تكن بالحسبان كالمحسوبية والمحاصصة وغيرها في مواقع القيادة فشمر عن ذراعيه وتظاهر بأنه لها وانه من أهلها وهو في الواقع طارئ عليها.لقد اعتاد العراقيون في الماضي على التغيير من خلال الانقلابات العسكرية حيث تنقض مجموعة من الطامعين بعد منتصف الليل على مراكز السلطة ثم تذاع بيانات( الثورة) عن طريق المذياع وينصب هؤلاء أنفسهم حكاما ثوريين ويستحوذون على كل شيء ليصبح العراق بعد ذلك ملكا لهم ولأبنائهم من بعدهم. وإما اليوم فان الوضع مختلف تماما فالساحة العراقية تتحرك بسرعة عجيبة ومراكز القوى متعددة وكثيرة يراقب بعضها بعضا ووسائل الإعلام في كل مكان وهي تتمتع بدرجة عالية من حرية التعبير وترصد ما يدور حولها باستمرار ,لذلك فان الأداء السيئ قد يمر بسلام الى فترة قصيرة ولكنه لا بد أن ينقلب وبالا على صاحبه في يوم ما .ولو عدنا للفترة التي تسنم فيها السيد نوري المالكي لمنصب رئاسة الوزراء في العراق لوجدنا انها كانت من أحلك الفترات وأصعبها في تاريخ ما بعد التغيير وقد نجح السيد المالكي في مجالات كثيرة ولكن هناك إخفاقات يجب الوقوف عندها وإيجاد الحلول المناسبة لها وإلا فان السيد رئيس الوزراء سيجد نفسه مضطرا لدفع ثمنها أمام الشعب العراقي حتى وان لم يكن مسؤولا عنها بشكل مباشر. ومن تلك الإخفاقات المريرة الطريقة التي تم بها اختيار المستشارين وكبار المؤولين في مكتب رئاسة الوزراء حيث لم تكن على أساس النزاهة والكفاءة والماضي السياسي وإنما وفق ضوابط قد تكون مقبولة في العهود السابقة ولكنها اليوم خطرة ومدمرة ومكلفة جدا.إننا نناشد كافة سياسيينا النجباء وخاصة السيد رئيس الوزراء بضرورة الانتباه الى حقيقة مؤلمة قد لا تكون موجودة في غير العراق وهي أن المناصب الكبيرة والمسؤوليات المهمة لمن يريد استغلالها توفر من الامتيازات والمكاسب ما يضاهي امتيازات الفراعنة والأباطرة في العصور الوسيطة, ولو قارنا امتيازات مسؤول من الدرجة الثانية في العراق يستغل منصبه وما يوفر له هذا المنصب من خدم وحشم وأموال وقدرة على التجبر والتعسف والظلم وإلحاق الأذى بالناس وبين ما لدى ملكة بريطانيا مثلا لوجدنا ان الكفة تميل كثيرا لصالح ذلك المسؤول.وهذا ما يفسر التكالب العجيب في العراق على المناصب الحكومية من قبل من هب ودب.ولو أخذنا الحلقة القريبة من السيد رئيس الوزراء من مسؤولين ومستشارين لوجدنا أن بعضهم لا يختلف في سلوكه عن سلوك اعضاء القيادة في العهد المباد ولا يتردد عن استخدام منصبه والأموال العامة من اجل بناء زعامة خاصة به وبعائلته بعيدا عن المصا لح العامة ولا بهمه إلحاق الضرر بالجهة التي انعمت عليه بهذا المنصب.إن البعض يتصرف بلا وجل او خجل بعقلية(انأ ربكم الأعلى فاعبدون)وكأنه هو الذي حرر العراقيين من النظام السابق مع علمنا بمدى قربه من ذلك النظام.لقد لجا بعضهم مع الأسف الشديد الى الانتقام وإلحاق الأذى بعوائل قدمت الكثير من أبنائها شهداء متهمة بالانتماء الى حزب الدعوة الإسلامية لا لسبب إلا لأنه يختلف معها على رئاسة العشيرة التي ينتمي إليها.وأخيرا متى يعيد السيد نوري المالكي النظر في الكثير من مستشاريه؟؟؟ وهل بعد فوات الاوان؟
https://telegram.me/buratha