اسد الاسدي
علم السياسة بشكل عام لا يخضع لمعادلات وحسابات ثابتة كما هو علم الرياضيات او علم الكيمياء بل هو عبارة عن رؤى استنتاجية في اغلب الاحيان وافكار منتزعة من الواقع ومعادلات نسبية تخضع للمتغيرات السريعة فقد تكون الرؤية السياسية للحدث مختلفة من شخص لاخر بخلاف الحسابات الرياضية التي لا يختلف فيها اثنان في بديهياتها كالواحد نصف الاثنين او الكل اكبر من الجزء. لكن هذا لا يعني بالضرورة ان يتخلى السياسيون عن ثوابتهم ومبادئهم واخلاقياتهم وصولاً للمكسب السياسي وهذا ما يضع السياسيين امام اختبارات صعبة ومخاضات عسيرة.وقد يتصور بعض المراقبين ان السياسية خاضعة للارباح والمكاسب الانية وليس للاخلاق والمبادىء دور في حراكها ومسارها وهذه مغالطة وقع في افخاخها ومزالقها الكثير من السياسيين وتوهموا ان المعيار الحقيقي للاداء السياسي هو الارباح والمصالح مجردة عن المبادىء والقيم والاخلاق.
وهنا ينبغي الانتباه الى هذا التوجه الخطير وهو المبدأ الميكافيلي الذي يؤكد بان الغاية تبرر الوسيلة والوصول الى الغاية بكل السبل الحسنة والسيئة وليس مهماً ان تكون الوسيلة حسنة مادامت الغاية تعبر عن امنيات واحلام كبيرة.هذا الكلام قد يصح في اداءات الاحزاب العلمانية التي لا تأخذ المفاهيم الدينية معياراً لصحة مسارها وخيارها ولكن هذا لا يصح مطلقاً عندما يصدر من الاحزاب الاسلامية التي تتخذ من الاسلام والشريعة دستوراً لفكرها ونظرياتها في العمل واذا تخلت عن ذلك فان تسميتها بالاسلامية يصبح عبثاً ولغواً ولابد ان تعيد النظر من جديد في اقحام الاسلامية في تسمية احزابها من جهة وان تعتذر لجماهيرها من تثقيفها السابقة وتوريط الالاف من الشهداء والسجناء في معركة مع انظمة فاسدة بحجة التغيير الاسلامي للمجتمع والدولة. وقد يتخلى حزب الدعوة وامينه العام عن اسلاميته تماشياً مع التوجه المعادي والايحاء بانهم علمانيون لا صلة له بالدين والشريعة.
انحناء المالكي وحزبه امام العاصفة الهوجاء التي تستهدف الحالة الاسلامية في العراق تعكس هزيمة هذا الحزب وتفكيره البراغماتي في السلطة ولو على حساب مبادئه وقيمه وتأريخه وشهدائه. يتحمل المالكي مسؤولية التوجه العلماني لحزبه باعتباره امينه العام وهو الذي المح الى احد عناصر حزبه صلاح عبد الزراق محافظ بغداد في انتخابات مجالس المحافظات بان يصرح بان المالكي علماني وان يقود حزباً اسلامياً في تصريح لصحيفة الشرق الاوسط في محاولة لمجاراة ومداراة الحملة المعادية ضد الاسلاميين.
لو كان المالكي وحزبه يتنصلون عن اسلاميتهم من اجل السلطة وهو خيار وهمي قد لا تصل السلطة اليهم من جديد في الانتخابات القادمة بينما صمد الدعاة الاسلاميون في غرف التعذيب ولن يتخلوا عن اسلاميتهم وتحملوا الوان التعذيب الحسدي والنفسي بل صعدوا على اعواد المشانق وهم يهتفون نعم نعم للاسلام.لا نريد ان يطبق حزب الدعوة النظام الاسلامي ولا يمكن ان يتخقق ذلك ولكن احترام الاسلام كدين الاغلبية وتثقيف الشعب اسلامياً واحترام مبادىء وثوابت الوطن قضية لا تعني بالضرورة المطالبة بالنظام الاسلامي واستنساخ النموذج الايراني.اذا سعى حزب الدعوة الى السلطة دون ان ينتبه الى الوسائل التي يسلكها فانه انما يضع اول قدم باتجاه الانحراف والزيع والزلل والتحلي عن كل الثوابت الاسلامية والوطنية والاخلاقية وسيكون مسؤولاً امام الالاف من الشهداء والضحايا في المرحلة السابقة.
https://telegram.me/buratha