زهراء الحسيني
الانتخابات ممارسة ديمقراطية وحضارية لا يمكن الوقوف ضدها او التراجع عنها او التباعد منها ويقابلها الديكتاتورية والاستبداد والفردية. يقاس تطور وتحضر الامم باحترامها للديمقراطية والحرية فهي المقياس الحقيقي لرقي الامم وتقدمها واستبعاد الديمقراطية ومفرداتها الفاعلة كالانتخابات يعني الدخول في مستنقع الاستبداد والانفراد.لا مجال لرفض الانتخابات مهما كانت المبررات والتحديات واذا افرزت الانتخابات نماذج خاطئة فهذا لا يعني بالضرورة فشل وخطل الرهان على الانتخابات واذا كان القادمون عن طريق الانتخابات لم يكونوا بالمستوى المطلوب فهذا لا يكون مبرراً لرفضها والوقوف ضدها.
رفض الخيار الانتخابي بسبب اخطاء المنتج عنه غباء مفرط وغاية في السذاجة ومهما كانت نتائج الانتخابات فلا يكون مبرراً مطلقاً للوقوف ضدها ولنضرب مثلاً بسيطاً وتساؤلاً وجيهاً وهو هل نترك السفر الجوي بسبب احداث الطيران؟ وهل نترك مراجعة الاطباء بسبب اخطاء بعض العمليات الجراحية وهل نتمنع من اجراء العمليات الجراحية بسبب بعض المضاعفات الجانبية التي تنتج عادة من العمليات الجراحية الكبرى؟الانتخابات خيار حضاري ومصيري لا يمكن تركه مهما كانت النتائج لاننا لا نمتلك الية اخرى للكشف عن الاصلح او الصالح في الحكم سوى الانتخابات.
قد يقال بان بعض الذين جلبتهم لنا الانتخابات فشلوا في تحقيق اهدافنا واحلامنا ولم يقدموا لنا ادنى مطالبنا بل صاروا وبالاً علينا ، اذا كان ذلك صحيحاً فالصحيح ايضاً ان الخيار الاخر لم يكن مقنعاً او مقبولاً فالقادمين عن طريق صناديق الاقتراع مهما كان اداؤهم فهو اشرف واعف من القادمين على ظهور الدبابات والانقلابات وبساطيل العسكر.لو فشل ممثلونا في تحقيق ما نصبو اليه وتنصلوا عن برامجهم الانتخابية فلنحسابهم مرة اخرى عن طريق صناديق الانتخابات وليس المكوث في بيوتنا ومقاطعة الانتخابات.مقاطعة الانتخابات هزيمة وفشل وانكسار وهي الخيار الاهم لدى المواطنين ولم يكن سلاح اخر سوى الانتخابات فهي التي تعزز حريتي وقناعتي وهويتي.عندما يشعر المواطن بانه هو الذين انتخب قادته وهو الذي يغيرهم فهذا شعور وطني وانتماء اصيل لا يمكن ان نعزل ونذل انفسنا بالمكوث في بيوتنا بحجة رفضنا للانتخابات.الانتخابات لا يمكن مقاطعتها تحت أي ذريعة بل بالانتخابات نقاطع ونحاسب المخطئين وسلاحنا الوحيد لاختيار حكامنا وممثلينا هو صناديق الانتخابات ولا نمتلك خياراً سواها.
وقد يقال ظلماً بان الشعب بكل سياقات وعيه لم يكن قادراً على تشخيص الاصلح او تحديد المصلحة بسبب مؤثرات العقل الجمعي واساليب الدعاية المضادة التي توجه الرأي العام وتشكل وعيه بالطريقة الخاطئة احياناً.واذا كانت هذه المقولة صحيحة - فرضاً- وفرض المحال ليس بمحال فان الاصح ايضاً هو ان رأي الشعب هو الصحيح حتى على فرض خطئه فان الشعب بمجموعه لا يخطأ في الغالب ولو اخطأ التشخيص فهو الذي يغير واما اذا فرض عليه حكامه بالقوة والاكراه والجبر فان ذلك خطأ قاتل وغير مبرر حتى لو كان المفروضين عليه من الصلحاء والاسوياء.
https://telegram.me/buratha