منى البغدادي
نعترف بكل مرارة ان ثمة مفارقات وثنائيات كرسها الواقع الاقليمي الجديد بشقيه العربي والاسلامي في التعاطي مع التغيير العراقي في التاسع من نيسان سنة 2003.ومن تلك المفارقات هي ان المحيط العربي مازال متوجساً من هذا التغيير الذي تمخض عن مشروع ديمقراطي في العراق بعد عقود الاستبداد والديكتاتورية.وحاول الجوار العربي دفع هواجسه ومخاوفه من تداعيات التغيير واحتمالات العدو الديمقراطية بفعل واقعي على الارض تجسد بدعم الجماعات الارهابية بالامكانات المادية والاعلامية بالاضافة الى تصدير الفتاوى التكفيرية الى جنب الانتحاريين التكفيريين الذين يتسابقون الى الجنة على اشلاء ضحايانا الابرياء لتناول الغداء مع الرسول الاكرم في الجنة.وقد احدث تغيير النظام عسكرياً عبر التدخل الخارجي تداعيات سلبية في مرتكزات الوعي العربي الرسمي واوجد تصدعاً في البنية السياسية التي تشكل النظام السياسي للانظمة العربية بينما كان الموقف الاقليمي في العهد السابق داعماً ومسانداً للنظام البائد في حروبه الداخلية والخارجية وغير مكترث بما يحصل من كوارث وجرائم ابادة بحق الشعب العراقي بل اعتبر تلك الجرائم في حلبجة والانفال والاهوار "شأناً" داخلياً.والمفارقة الاسوء في هذا السياق هي ان هذه التدخلات في الشأن العراقي كانت مدعومة اعلامياً وسياسياً من بعض القوى السياسية العراقية بدوافع طائفية وقناعتها بان هذه التدخلات تهدف الى اعادة المعادلة السابقة الى الحكم في العراق.وفي هذا السياق لابد من الاشارة العابرة الى بلورة رؤية معمقة للفهم والتحليل بعيداً عن الخلط والتعميم.ان حل هذه الاشكالية وتشابكاتها يحتاج الى وعي سياسي قادر على تفكيك هذه التشابكات وتحديد الاولويات وتشخيص حقيقة التدخلات والتعامل بوطنية ومهنية بعيداً عن التوجه الطائفي او مؤثرات سياسة المحاور الدولية والاقليمية التي تقود المعادلات السياسية في المنطقة.ليس من الصحيح الخلط والتعميم في تناول موضوعة التدخلات الاقليمية واتهام الجوار بطريقة جماعية ومزاجية قضية لا تسهم في حل الازمات بل تزيدها توتراً وتدهوراً.هناك دولة كانت ومازالت ضد ارادة الشعب العراقي وساندت نظام صدام طيلة حربه الظالمة ضد ايران واغلقت حدودها بوجه النازحين العراقين بل سلمت المعارضين العراقيين الى نظام صدام ليلقوا مصيرهم المحتوم.وهناك دول فتحت حدودها للعراقيين الهاربين من بطش نظام صدام وسمحت للمعارضة العراقية من فتح معسكرات للتدريب والاعداء وواصلت دعمها للعراقيين ولم تغلق سفارتها في بغداد.فهل يستوى الذي ظلموا الشعب العراقي ودعموا نظام صدام والذين وقفوا مع العراقيين وفتحوا حدودهم وصدورهم لاستيعاب العراقيين في العهد البائد.علينا التمييز بين من ساند النظام ووقف ضدنا وبين من وقف معنا وعارض النظام لكي لا يتساوى عندنا المحسن والمسيىء او لا يكون عند الضحية والجلاد على درجة سواء.والمؤسف ان المالكي اخذ يتعامل مع الجوار بطريقة انانية وحزبية خاطئة تؤدي في نهاية المطاف الى الحاق الاذى بالشعب العراقي.وقفز على الواقع الاقليمي لكي يوجه النار على اكثر من طرف دون تفكير بمصالح العراق وهو ما ادى الى اعادة العلاقات السعودية السورية لتشكيل تحالف ضد العراق بسبب اخطاء المالكي القاتلة وانفعالاته غير المبررة.
https://telegram.me/buratha