المقالات

الشأن الإقتصادي فــي الإنتخابات القادمة...

620 15:21:00 2009-10-16

علي بابان وزير التخطيط العراقي

عبثاً نحاول أو نسعى لعزل أو تحييد الأثر السياسي على عملية البناء الإقتصادي في العراق فهما متلازمان ومتداخلان إلى الدرجة التي يتعذر فيها فصلهما, والأمر في العراق يختلف عما هو عليه الحال فيما يتعلق بهذه القضية بالدول المتقدمة فعندهم السياسة تدور حول الإقتصاد والكلمة العليا للأخير اما عندنا فالسياسة تقحم نفسها في كل شىء فتعرقل وتعطل, ونظرة واحدة إلى تجربة الأعوام المنصرمة في العراق تثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن القرار الإقتصادي كان أسيراً للقرار السياسي وانحشر في شرنقته ولم يستطع التحرر من حساباته وتجاذباته.

العراق اليوم على أبواب إنتخابات نيابية قد تعيد تشكيل المعادلة السياسية القائمة أو تدخل عليها تعديلات جوهرية والمتأمل في اجواء هذه الإنتخابات وما يصدر عن السياسيين والمرشحين من مواقف وتصريحات يكتشف أن الشأن الإقتصادي يأتي في مرتبة لاحقة وينزوي في حيز ضيق وأن الصوت الأعلى هو للسياسة وشؤونها وشجونها وحتى ما يرد حول الشأن الإقتصادي فانه عبارة عن شعارات عامة ومقولات تتسم بالتبسيط الشديد الذي لا يمكن إستنتاج أي شىء ذي جدوى فالكل يتحدث عن رفع مستوى معيشة المواطن وتحسين دخله وتخفيف معاناته وإصلاح الخدمات وتوفير فرص العمل لكن لا احد يتطرق إلى الأسلوب أو المنهجية التي سيعتمدها لتحقيق تلك العموميات السائدة والشعارات الفضفاضة هي الأكثر تداولاً وبالقطع فإن مثل هذا الوضع لا يمكن أن يقنع المواطن ولا أن يشكل رأياً عاماً بأتجاه سياسة إقتصادية محددة أو خيار دون غيره.

في دول العالم المتحضر ذات الأداء الإقتصادي الرفيع تكون الإنتخابات العامة مناسبة هامة لتثقيف الجمهور حول المسائل الإقتصادية وينقسم السياسيون فيتناظرون ويتناقشون في وسائل الإعلام ويسعى كل منهم لكسب الناخب إلى صفه اما بإغرائه بأن هذه السياسة الإقتصادية ستحقق مصالحه أو بإقناعه بأنها الأفضل لمستقبل البلد وازدهاره ويترتب على هذه المناظرة الوطنية العامة إرتقاءٌ في مستوى وعي المواطن وإدراكٌ أفضل للمسائل الإقتصادية ولكننا لا نجد في بلدنا مع الأسف مثل هذه الممارسات فكل السياسيين يتحدثون عن قضايا الإقتصاد بلغة واحدة هي لغة العموميات ويتجنبون الخوض في التفاصيل إما لانهم يجهلونها أو لانهم لا يريدون أن يلزموا أنفسهم بسياسات محددة.في ظل الإنقسام السياسي الحاد الذي يعيشه المجتمع العراقي يصعب علينا أن نتصور ولادة وصفة ناجحة لعلل الإقتصاد الوطني وأن يصبح أمر الإقتصاد متقدماً على أمر السياسة, المعاناة وبلوغ الأزمة حداً خطيراً في العراق قد يضغط على السياسيين لتعديل اولوياتهم وإعطاء الإقتصاد الإهتمام الذي يستحقه وهنا يصبح الإنسجام الوطني مطلوباً ويغدو من يعرقل القرار الإقتصادي في دائرة الإدانة والإتهام.

في كثير من الأحيان يحدث تناقض بين حيازة الشعبية ( وهو ما يحرص عليه جميع السياسيين بلا إستثناء ) وبين الدعوة إلى تبني السياسات الإقتصادية السليمة ويحدث هذا عندما تؤدي تلك السياسات إلى المساس المؤقت بالمصالح الظرفية لبعض الشرائح في المجتمع, وعند ذلك يجد السياسي الملتزم نفسه أمام موقف حرج فهو إما أنْ يضحي بشعبيته أو يضحي بالموقف المبدئي السليم وغالباً ما يختار السياسيون التضحية بالإعتبار الأخير, في هذا الموضع بالذات يطالب السياسي بأن يمارس ?ملية توعية جماهيرية حقيقية فيشرح للناس بأن التضحية ببعض المكاسب المؤقته او التخلي عن بعض المصالح الظرفية هو الأفضل لعموم المجتمع وللمسيرة الإقتصادية وقد لا تكون النتيجة لصالح السياسي دائماً وقد يخسر الكثير من شعبيته لبعض الوقت لكن حركة المجتمع وتنامي الوعي قد يعيد للسياسي تلك الشعبية وينصفه ولو بعد حين.مشاكل الإقتصاد العراقي معقدة والطريق إلى حلها لن يكون أمراً سهلاً ومنهجية العلاج تتطلب قراراً سياسياً حاسماً مسنوداً بإدارة سياسية قوية لا تردد فيها ولا نكوص.

ما الذي نريده من الإنتخابات النيابية القادمة ونحن نعيش أجواءها وإستعدادات الأطراف السياسية لها...؟نريد في البداية منهجية إقتصادية معتمدة تحظى بأغلبية في الوسط السياسي والذي ستسفر عنه الإنتخابات المقبلة, ونريد معادلة سياسية جديدة لا تعيق خلافاتها وتنافساتها إتخاذ القرار في ميدان الإصلاح الإقتصادي المنشود, ونتمنى أن لا تحدث مفاجآت غير سارة في الحقلين السياسي أو الأمني تعيدنا إلى الصفر وعند ذلك يتلاشى الإهتمام بالإقتصاد ومعاناة المواطن...لا تبدو هذه المطالب مستحيلة أو صعبة التحقق وعلينا أن ننتظر ما سوف ينجلي عنه غبار المعركة الإنتخابية وفي ظل معظم الإحتمالات لا يبدو الشأن الإقتصادي وما يتصل به محور هذا التنافس القائم ولا قضيته الأساسية مع الأسف الشديد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حميد عبد الحميد
2009-10-17
طالما الايرادات النفطية موجودة فالتفكير الجيد بالتطور الاقتصادي لايجاد الصناعة المناسبة او حتى الزراعة بل وحتى الرعي لم يتواجد من قبل حوالي اكثر من 30 عام في عراقنا المحروم من التطور الاقتصادي؟!!!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك