الحاج هادي فخرالدين
الثقافة كلمة ذات مدلول واسع فهي تشمل جميع نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية والعلمية والسياسية والاخلاقية والتربوية والجمالية والفنية واللغوية ولذا إختلف علماء الاجتماع في تعريفها اختلافا بينا لاحتوائها كل الانجازات المتميزة للجماعات الانسانية .... وقد يتصور البعض ان الثقافة جلباب يتقمصها من يدعيها او المثقف من امتلك احدث جوال او ركب سيارة فارهة او تمنطق بلبوس الثقافة او عاش في الغرب وتغرب وتذرع بمؤسسة ثقافية (إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون) الاعراف 139...الثقافة الحقيقية ممارسة واعية هادفه واسلوب قويم وخطاب ملكة نفسية يصقلها البحث والتحقيق وسعة الصدر وانفتاح الذهن وعمق التفكير وثراء التجربة والمحيط المعرفي واخوان الصفا وخلان الوفى
وكثيرا مايدعي الثقافة ومايزبر من اسطر ويخوض مع الخائضين .. لكن لا يعني ما يصدق عليهم مفهوم المثقف من خلال مدلول الخطاب الثقافي الموضوعى المتوازن الشفاف النابع من الصدق في معالجة القضايا والاحداث برسم خارطة طريق لها يتناسب ومدارك الانسان البسيط واحترام معتقداته في حمله على التزود بالمعرفة والاخلاق الفاضلة والتمسك بالاصالة والاستقامة في الطرح بعيدا عن ردود الفعل وهوس الانفعالات وتقلبات الاهواء والتلون وتغيير المواقف كالحرباء والعبودية للاطماع والهث وراء التلميع و القفز على الاكتاف والمتاجرت بالسفاسف ورذيل الاقوال لامراض نفسية او موغرات الاحقاد والخطاب الساذج للافكار الضحلة التي لاتغنى ولاتسمن من جوع والاجترار لمقولات السلف الضال..(خالف تعرف).وإن الفكر العقلائي والخطاب الثقافي الذي تعلمنا عليه من أئمتنا (ع) في إيجاد مناخات ثقافية مناسبة لتجديد الفكر والثقافة والابتعاد عن الخلافات الدينية والسياسية وتوجيه الناس حول الثقافات الأخرى المهملة من حياة الناس من الأدب والرواية والمسرح والفلسفة والفنون والاخلاق والعلوم الطبيعية وغيرها من العلوم والأفكار الإنسانية هو الطريق القويم لهذه المدرسة الجعفرية اللأصيلة ولاينبغي ان نحيد عنه.والمثقف الواعي من يعى دوره ويحدد هدفه ويعرف مكانته وحدود قدراته وخزين تجربته في سبل توضيفها خدمة لقضايا مجتمعه والارتفاع بها للمطالب الانسانية وبالخصوص الملحة منها بازالة غشاوة الجهل والضلال والعدوان والاخذ بمنظومة التسامح والنقد البناء والعطاء المبدع ..وثقافة المجتمع وديناميكيته وابداعه نابعة من التدعيم لاسس ثقافته مع التواصل الحضارى والانفتاح على الاخر في ضوء الاقلام الرائدة والريشة المبدعة في دعم مستوى الحياة الثقافية .. وخصوصا في مجالات النقد والفلسفة والعلوم الحديثة والتي من خلالها استطاع أن يشكل أبعادا كبيرة لثقافة المجتمع ولكن المجتمع العربي يقف ساكنا أمام هذه العلوم و هذه تمثل أزمة حقيقية يمر به العقل العربي بشكل عام للبحث عن دور له في ظل الثورة المعلوماتية والسماوات المفتوحة مع حالة من الإحباط والضياع وفقدان الروح المتحفزة للعمل وقتل الإبداع في نفسه ونسف طموحاته عبر سلسلة طويلة من التراكمات الثقافية وخزعبلات طوطمية سلفية موغلة في القدم وسرد لكل ما من شأن غث ومتخلف من قبل من يجعل من نفسه وصي وقيما على الثقافة وهو فارغ من ابسط شهادة او ادنى تخصص او اقل تجربة ما جعلته يفقد ادنى المقومات الثقافية أو يعيش توترا وتناقضا بين واقع علمي وآخر بدوي او بين رجال الجهل المتزمت، وبين رجال العقل الواقعي بين عقل يسترجع الماضي ويعيش من خلاله وبين عقل ينقد الماضي ويتجاوزه للمستقبل، وبين من يسأل ويبحث عن كل حدث لتفسيره وبين من يقف مذهولا ثم ينشغل بالاجترار والترهات والتصيد في المياه العكرة عله يحصل على شىء !! وفي هذا الصدد اذكر نموذج للانفجارالمدمر الذي هزكل عراقى شريف بما انطوت عليه مقالة الكاظمى من اختلاق جملة من الاكاذيب المفضوحة والتهم المزورة بحق اهالي النجف من وصمهم بالقتلة والصوص وفيالق الاجرام الصدامى ...الخ مما يؤشر وبوضوح الى النوايا القذرة والاحقاد الدفينة والخلجات النفسية المريضة حيال هذه المدينة الصابرة المجاهدة المضحية بكل شيء من اجل العراق وشعبه الابى من جراء مواقفها الرسالية فى الدفاع عن كل مكونات العراق الاجتماعية وبلا تمييز ومن دون عنصرية لتلك الاسباب وغيرها ليس فقط همشت النجف بل وحوربت بمختلف الاسلحة واعنف واخبث الاساليب ولازالت تلاقي الطعون والظربات القاسية من الشرق والغرب ومرتزقتهم ...
ورغم كل اجواء العاصفة المخربة وما تسببته من شروخ نفسية ومجتمعية عميقة فينا ولكن المسؤولية الوطنية العليا ومن افق اعماق ايماننا بنبذ الفرقة وجمع الكلمة وهدفنا بمحاربة الفتنة وقمعها والتاكيد على الايجابيات قمت بمفاتحت الكاتب الكاظمى شخصيا بالتخلي عن هذا الون من القذف العشوائى والتهم الكاذبة وكيل الطعون المسفهة وانها لاتتناسب والاقلام الحرة الموضوعية النظيفة ..فكان المفروض فيه يستفيق ويلين ويتعقل واكنت انتظر منه الاعتذار والشفافية في الرد لكن المؤسف ان كان جوابه مملوء بالحنق والعصبية والتهجم وعنتريات وتبجحات حتى وصلت جرأته مخاطبا لي بانه سوف ينزل مقال اخر ثاني ينشر فيه ما تجيش به نفسه من تلفيقات وتهجمات نارية وبلغت وقاحته ان استدار عني واعطاني ظهره وذهب....فلا ادرى اهكذا تكون العصبية والتطرف تفعل فعلتها بكاتب يدعى العلمانية واليبرالية ووو..الخ ..؟ فاين منطق العقل ؟واين دعوات الحوار ..؟واين زعيق الانفتاح ؟ واين صيحات احترام الاخر..؟ واين واين ..؟اذن كلها مجرد وهم وسراب في قاموس هؤلاء ...والانكى من هذا ان املنا خاب بالمواقع التي تدعى الموضوعية وبث الكلمة الطيبة ونشر الوعى بادرة وبسرعة بنشر تخريفات الكاظمى من غير ترو ٍ ولا وجل علما بان نظامها الداخلى يمنع نشر مقالات التهجم والطعن في الاخر ونحن في الوقت الذي نهيب بها ان تكون عند مسؤولياتها الثقافية والاسلامية ان تمنع نشر مقالات هذا الشخص حتى تكون عبرة للاخرين ان كانت حقا تسعى لاطفاء الفتنة وما تسببته من جروح عميقة و حتى على مستوى الملاعب الرياضية تتخذ اجراءات صارمة حيال من يستهين بالنظام فتمنعه من اللعب..كما ويتوجب على هذه المواقع الموقرة ان تفتح المجال على مصراعيه امام نشر الحقائق وتعرية الباطل ...لا ان تطوى الامور وتغلق الباب امام دحض التهم وتلفيقات الاباطيل كي لاتحمى المذنب وتشجعه على مواصلة نهجه التهجمى العدواني ويبدو عبر تلك الصور الثقافية لواقعنا العربي يستوجب علينا البحث عن حقيقة دور المثقف الحقيقي في المجتمع وعن رغبته الحقيقية وإيمانه الصادق في أهمية دور الثقافة في التغيير لتأصيل وتأسيس مفهوم الثقافة والمزاوجة بينها وبين الحداثة وهدفه الاخلاص وسبيله الاستقامة ..
المثقفون ينزعون دائما لأن تكون لغتهم نوعا من إبراز القدرات اللغوية وتكريس للغة غير مفهومة وبعيدا عن لغة المتلقي الثقافية والمعرفية وفهم السياق الثقافي والتاريخي الذي يعيشه الفرد في مجتمع لا يسمع إلا شعارات غوغائية وخطب عصماء نارية ويُحمَّل الفرد العادي تبعات ومعاناة الثقافة وانتكاساتها. وبذلك تظهر دور الثقافة بصورتها الباهتة بعيدا عن الواقع المعاش.
فمن هنا يأتي دور النخب الثقافية هل الثقافة والفكر هو سبيل للتغيير أم سبيل للتميز على المجتمع؟ وهذا لا يعني بالضرورة أن نبخس حقه في المعرفة والثقافة الموسوعية للبعض والتأسيس الثقافي لبعض المفاهيم العلمية للثقافة ولكن التساؤل يقوم ضمن إطار دور المفكر في دائرة المجتمع والناس والذين هم - الناس - بالنتيجة المحور و المعني في إبراز مدى تأثير المفكر في المجتمع والتغيير الذي يطرأ على حياة الناس والإقبال الشديد على دور النشر للبحث عن آخر المستجدات الثقافية في عالم المعرفة. وعلاوة على هذا التلاعب في الألفاظ واستخدام اللغة المعجمية الغارقة في الرمزية دون تحديد مباشر أو النتيجة المراد إيصالها، يبتعد المفكر المصلح عن المجتمع ويبقى خارج نطاق هموم المجتمع والناس وبعيدا عن التدعيم للفكر التنويري الذي ناضل الآخرون من أجله. بل نجد ابتعاد رجال الفكر والفلسفة عن تبسيط المفاهيم الفلسفية لعامة البشر بل يمعنون في إغراق المعاني بألفاظ بعيدة عن لغة الثقافة المحلية، مع الاحتفاظ بتلك اللغة للمختصين بالمجالات اللغوية والفلسفية.
ومن خلال هذا المشهد لتلك الثقافة النخبوية الحمقاء تحت ظلال الحرية او حرية التعبير يظهر الخطاب الغوغائي اللاعقلاني المتميز بالسرد اللامنطقي في معالجته لمشاكل المجتمع في نزق وعدم حياء واطر ضيقة وتطرف مقيت ليجد طريقه إلى المجتمع عبر الدس التحريضية الرخيص ضد فطاحل العلم واهل الفضل والمفكرين وجهابذة الادب ... انطلاقا من انحرافاتهم الفكرية الموجهة ضد الدين وأخلاقيات المجتمع المسلم وحواضره الروحية وقلاعه المرجعية . ولتواجد رموزهم والحضور المستمر بين قواعدهم مما يشعرهم برضى وهمي بوجودهم ويعزز من أهميتهم في دعم موهوم لمؤسسة ثقافية ترعى ثقافة التسطيح الفكري ويحسبون انهم يحسنون صنعا وسراب الثقافة (الجلجلوتية ) مثلا !!(وما تنقم منا إلا أن ءامنا بئايات ربنا لما جائتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) الاعراف:126
https://telegram.me/buratha