د. كاظم الجنابي
خلال السنوات الاخيرة واجه الاعلام العراقي حدثين مهمين غيّرا مفهوم الاعلام والمساحة المسموحة له، الحدث الاول هو التطور التكنولوجي الهائل والذي اوجد فرص هائلة لعرض الافكار وتناقل المعلومات والتواصل حتى اصبح مفهوم العالم باعتباره قرية صغيرة امرا واقعا، ولم يعد الاعلام مقتصرا على الصحف والمجلات والراديو والتلفزيون والوسائل التقليدية الاخرى بل تعداه الى كم هائل من مواقع الانترنت التي اخذت تنافس وبشكل جدي طرق الاعلام التقليدية لاسباب معروفة. والحدث الاخر هو الحرية المطلقة التي تمتعت بها مجمل مرافق الحياة في بلدنا وخصوصا مجال الاعلام الذي تحول من اعلام موجه لدولة وحكومة وسلطة الى اعلام حر يكاد يكون نموذجيا في المنطقة والعالم من ناحية سقف الحرية التي يتمتع بها، والاكثر من ذلك ان هذه الحرية قد كفلها الدستور وضمنتها القوانين التي تم تشريعها اضافة الى استقلالية القضاء وعدم خضوعه الى الحاكم او المتسلط الامر الذي افلت الاعلام من قبضة المتنفذين.
مئات من الصحف والمجلات مختلفة الاتجاهات والميول تغطي مساحة الوطن، عشرات من الفضائيات بشتى المشارب والافكار والاتجاهات السياسية والتي نرى فيها الديني والعلماني والليبرالي وغيره، اضافة على عدد هائل من مواقع الانترنت وكتّابه بافكارهم وميولهم واهدافهم المختلفة، وغير ذلك من وسائل الاعلام والنشر التي تمتعت جميعا بالحرية الجديدة.
وفي ظل تلك الحرية والامكانيات بدا فرز نوعين من الاعلام، الاول هو الاعلام الذي يتبنى هموم الوطن والمواطن ويشير الى الامور بوقائعها ومسمياتها ويهدف الى كشف مكامن العيوب والفساد والمفسدين والمساهمة في نشر الوعي البناء والثقافة والحقائق وايصالها الى شرائح المجتمع دون ان يتبنى اية اجندة غير الوطنية. وعلى الضفة الاخرى ظهر وازدهر الاعلام المعادي للوطن والتحول الديمقراطي والعملية السياسية التي تحاول ان تاخذ بيد العراق الى شواطيء الامان. وقد استفاد النوع الثاني من سقف الحرية الممنوح للاعلام وبدا ينفث سمومه لتشويه الحقائق وقلبها محاولا خلق قناعات سلبية لدى المواطن العراقي في محاولة للاجهاز على المكتسبات المحصلة في السنوات الاخيرة.
ومما ساعد في ذلك والذي لايخفى على احد هو الدعم المادي الكبير من الدول المجاورة والاقليمية ذات الاجندة الخاصة بها والتي تنطلق من عقدتين رئيسيتين الاولى هي العقدة الطائفية والثانية هو الخوف من الوجه الديمقراطي الجديد للعراق. ولايخفى علينا قيام الكثير من الفضائيات العراقية والاقليمية بالترويج الى الافكارالتكفيرية و الهدامة املا في اعادة العراق الى المربع الاول. كما وتلقى هذا الاعلام المشبوه المساعدة من الكثير من السياسيين العراقيين سواء من كان منهم في داخل العملية السياسية او خارجها.
وقد عمل هذا الاعلام على محاور عديدة لتنفيذ غاياته وماربه التي تتقاطع وتتعارض مع هموم الوطن والمواطن ومنها:1. قلب الحقائق وتوجيه الاتهامات بغير اتجاهاتها الحقيقية وخلط الاوراق.2. التقليل من الانجازات المتحققة في العراق.3. المبالغة في تصوير الاخفاقات والسلبيات واظهارها كونها الصفة الطاغية على كل شيء في ظل العراق الجديد، والاكثر من ذلك عدم وجود مساحة لنجاحات المتحققة على اجندة هذا الاعلام.4. الاساءة الى الرموز الوطنية واظهارها بمظهر من يعمل على تفتيت وحدة الوطن وكونها اساس معاناة الوطن والمواطن5. فبركة الاخبار والاكاذيب واطلاق الاشاعات حتى اصبح شعار البعض منها "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك".6. استخدام الشخصيات المحسوبة على العراق والعملية السياسية بهدف اضفاء مصداقية على اكاذيبها.
كانت الاحداث والتفجيرات المروعة التي طالت الابرياء ومؤسسات الدولة في ماسمي بيوم الاربعاء الدامي مقياسا دامغا لتخبط اعلام الارهاب والاعلام الداعم له، فبعد ساعات من حدوثها ظهرت وسائل الاعلام الماجورة تبث سمومها وتشير باصابع الاتهام الى شخصيات وجهات سياسية وطنية فاعلة والى دول مدت يد العون الى العراق والعملية السياسية والاكثر من ذلك بامكاننا ان نقرأ اتهامها للضحايا كونهم متواجدين في المكان والزمان الخطا وكان الاجدر بهؤلاء الضحايا ان لايسيروا على ارض وطنهم حسب اعلام الارهاب ومروجيه.
امام هذه الموجة السيئة من الاعلام المعادي للعراق يظهر دور وواجب اعلامنا الوطني ومثقفينا وكتابنا وغيرهم بالعمل على مايلي:1. فضح تلك الاكاذيب وابراز الحقائق مع الادلة.2. ايصال الصوت الوطني الى اهلنا في داخل الوطن وخارجه3. الانفتاح على الاخرين من هم خارج الوطن من الدول المجاورة والاقليمية والدولية لهدفين هما ايصال الحقيقة وكشف اكاذيب الاعلام المعادي.4. تفعيل التواجد على الساحة الاعلامية المختلفة للرد على الافتراءات والاكاذيب التي تستهدف الوطن.5. العمل على ايجاد وسائل الاعلام ذات الموضوعية والمصداقية العالية ليتوجه اليها العراقيون داخل وخارج الوطن واصدقاؤنا في كل مكان.
كما ويبرز دور الدولة العراقية في هذا المجال من خلال:1. توحيد مصادر المعلومات التي تصل الى الاعلام في مؤسسات الدولة كافة.2. الاسراع في انجاز التشريعات والقوانين الداعمة للاعلام والمنظمة لعمله.3. دعم المؤسسات الاعلامية الوطنية سواء الخاص منها او ما هو مملوك للدولة.4. تطوير مهارات العاملين في هذا المجال وتطوير امكانيات المؤسسات الاعلامية الوطنية.5. العمل على ايصال المعلومات الى المواطن بسرعة وكفاءة وباسعار ملائمة.
https://telegram.me/buratha