اسد الاسدي
مشكلة الانظمة المستبدة والديكتاتورية تكرس عبادة الفرد وتأليه الذات الحاكمة ويحاول الحاكم ان يضفي على شخصه هالة من القدسية والهيبة والاهتمام المتزايد.وفي الانظمة الفردية تتأكد الرمزية وقوة الشخص ويكون الشعب كله في خدمة الحاكم الذي يحاول توظيف كل شىء من اجله.والرمزية بكل ابعادها الايجابية او السلبية تتقاطع تماماً مع الوعي المؤسساتي ودولة الدستور ولا تلتقي الرمزية مع دولة المؤسسات فهما مفهومان متضادان كلما تكرس احدهما اضمحل الاخر.وفي دولة المؤسسة تحفظ الحقوق والحريات وتنطلق المواهب والطاقات وتتأكد ثقافة احترام القانون والنظام ولا يشعر المواطن بالحيف والاحباط واليأس ولا يتهدد مستقبله وحاضره بينما في دولة الرمز الاوحد تبرز الانانية والاثرة والشخصنة.عندما يختزل الحاكم كل الطاقات والقدرات والامكانات في شخصه فتتحول البلاد والعباد الى زنزانة صغيرة يسودها منطق الغاب يستأسد ازلام الحاكم ويتلون الاخرون وفق مزاج الحاكم فتبرز ظواهر النفاق والتزلف والملق فتضيع الحقائق وتحتجب الرؤية.في العهد البائد حاول النظام السابق تطويق كل مفاصل العراق وغلقه في خدمة الطاغية واصبح الجميع يسعى للخلاص بكل الطرق المتاحة فمنهم من يحاول ارضاء الطاغية بالولاء الزائف والطاعة الكاذبة ومنهم من يسعى للتخلص من غضب الطاغية وحماقاته فانتجت هذه الظروف الصعبة حشوداً من المصفقين والمداحين الذين يسهمون في صنع الطاغية.وبعد نهاية هذا النظام المستبد كنا نتطلع لعراق جديد تسوده دولة الدستور والمؤسسات والقانون وتنتهي ظاهرة الرمز ونبدأ صفحة جديدة ونصنع حاضرنا ونضمن مستقبلنا.ويبدو ان طبائع المستبدين واحدة قد تختلف بالدرجة لا بالنوع وان الحشود الذي صنعت الطاغية واسهمت في تلميعه ومكيجته هي نفسها التي تحاول صنع طاغية جديد ولو بثوب اخر.وتجدر الاشارة العابرة الى قضية مهمة وهي ان الاشخاص يرحلون والمؤسسين لا يبقون واما المؤسسة فهي الباقية فليس من الصحيح التفريط بالمؤسسة من اجل المؤسس وليس من الصواب التركيز على الشخص بدلاً من المؤسسة فان الباقي هو المؤسسة والحركة والزائل الراحل هو المؤسس والشخص فمن يحاول تغليب مصلحة الشخص على الدولة انما يفرط بالدائم من اجل الزائل وهو خلاف الحكمة والمنطق.قد نسهم من حيث لا ندري بصناعة الطغاة عبر رفدهم بالمعلومات المضللة والزائفة ورفع سقف توقعاتهم واحلامهم وقد تبدأ بذور الطغيان تدريجياً لتنمو وتصنع لنا طاغية من جديد بعد معاناة ومأساة وكوارث.لا نريد طاغية جديد ولسنا بحاجة الى مداحين جدد حتى لا نحتاج الى التاسع من نيسان ثانية تضعنا في سندان الاحتلال ومطرقة الارهاب.لنبدأ جميعاً بحرص شديد من التحذير بصنع طاغية جديد فقد انتهى عهد الطغاة ولا مجال لاحتمال او تحمل طاغية جديد.
https://telegram.me/buratha