ميثم المبرقع
لا شك ان سقوط نظام البعث كان حدثاً كبيراً في العراق والمنطقة والعالم وقد جرى اسقاطه بطريقة تبدو غريبة وغير مألوفة في طبيعة اسقاط الانظمة والحكومات سواء عن طريق الانقلابات العسكرية او تبادل السلطة عن طريق الاداءات الديمقراطية.وسقوط نظام البعث وسقوط رأس النظام صدام المقبور لا يعني بالضرورة نهاية كل موروثات البعث في العراق بكل مفاصله.ان رواسب وشوائب البعث مازالت تمثل تراكمات خطيرة على مستقبل العراق والعملية السياسية وان ثقافة البعث المنظمة طيلة الثلاث عقود الماضية ترتكز في الكثير من مفاصل البلاد ووعي العباد الذين ما زال يتنفس بعضهم برئة النظام بسبب ظروف التعبئة الصدامية القهرية للوعي العراق والتعتيم الكبير ومنع كل وسائل الاعلام الاخرى غير وسائل النظام وحدها.المدرسة والعسكرية ومؤسسات الدولة وحتى البيت العراق بسبب الارهاب والقمع تحولت الى امكنة رعب لا يستطيع المواطن ان يعبر عن رأيه بصراحة الا نفاقاً وملقاً ولم يثقف الاباء الابناء على القيم الكريمة التي تتعارض وفكر البعث خشية ان تتلصص عيون الرقيب على احاديث الاخرين التي تعتبر تهمة جاهزة يحاكم عليها الانسان بالمؤبد او الاعدام شنقاً حتى الموت.واصبح المواطن لا يجاهر بعدائه للنظام لشعوره الاكيد بان ذلك يكلفه ثمناً غالياً وقد حاول النظام غلق الجامعات والمدارس على حزب البعث وحده ومن يشك بانتمائه لحزب اخر مهما كان حجم هذا الحزب فسيكون الاعدام بانتظاره.ونعترف بكل الم ان سلوك البعث المنحل ومنهجه في الحياة لم تسقط بسقوط نظامه ومازالت الكثير من هذه السلوكيات مرتكزة في الواقع العراقي وقد ساعد عليها الكثير من قيادات العراق التي عاشت هستيريا الاستقطاب والحملة الانتخابية والحلم باستلام السلطة.والمفارقة ان الكثير من العراقيين لا يتعاطف مع النظام السابق والاغلبية رحبت بسقوطه وان كان بتلك الطريقة المؤسفة التي جرت على البلاد الاحتلال ولكن رغم ذلك فان سلوكيات الحقبة الظالمة هي التي تهيمن على ثقافة الناس وتقاليدها.قد يكون من الصحيح ان فترة بقاء النظام الساقط لاكثر من ثلاثين عاماً كرست سلوكاً وثقافة في مرتكزات وعي العراقيين دون رغبة منهم ولكن الاصح ايضاً ان الحصانة الفكرية والثقافية والاخلاقية لابناء شعبنا نجحت في تجاوز هذه الثقافات الخطيرة التي حاول حزب البعث تأكيدها في الوعي العراقي كبديل طبيعي عن الثقافة الوطنية والاسلامية.علينا العمل الدؤوب والمخلص لتطهير صفوفنا من ثقافة حزب البعث والكشف الحقيقي عن مخاطرها وفضح من يتساهل معها مجاراة لعمرو او مداراة لزيد.ومن يتجاوز الدستور ويلتحق بالبعثيين فعلينا فضحه وتعريته فالفضية لا تحتاج المزيد من المجاملة او المغامرة والتساهل مع قتلة الشعب العراقي.من رواسب المرحلة الماضية هي استعارة الادوار من منهج البعث بتقريب المتزلفين والخانعين والجبناء وتهميش الشرفاء من اصحاب الرأي والموقف الحر الذي لا يحلو للكثير من القيادات الحالية والتي اخذت تنحو منحى السلطة السابقة في استقطاب المداحين والمسبحين بحمد الساسة واصحاب القرار.
https://telegram.me/buratha