علي الخياط
تعد ظاهرة هجرة العقول المفكرة من الظواهر العريقة في القدم وخاصة في المجتمعات الشرق اوسطية والمتخلفة ،وتعود بداياتها إلي المراحل الأولى لتطور العلم والانفتاح الواسع بين الامم، فلا يخلو زمان من هجرة العلماء على شكل فردي بسبب ملاحقة التطور الحاصل في المجتمعات التي هاجر اليها ،او بشكل جماعي كما حدث في البلاد التي عانت من الظلم والجور والحروب. وكان طبيعيا أن يهاجر العلماء لجهة متطورة اكثر وأفضل لينهلوا من ينابيع العلم والمعرفة والاستقرار،تعتبر (هجرة العقول والكفاءات) من بين المشكلات التي تواجه العراق منذ عقود عديدة من الزمن بسبب الحروب والحصار ومغامرات واستهتار الحكومات السابقة وخاصة نظام البعث المقبور. ان هجرة البلاد لأكثر المثقفين والمتعلمين من العراق بسبب السياسات الديكتاتورية والغطرسة والكبرياء البعثي الذي حاول اذلال الطبقة المثقفة والمتعلمة واجبارها في العمل بما يتنافى مع الشهادات التي حصلوا عليها وتعيينهم على اختصاصات لاتتلائم مع خبراتهم ومؤهلاتهم العلمية والثقافية، حدثني أحد الأخوة أن هناك استاذعراقي حصل على الجنسية الأمريكية بعد أن عمل بالولايات المتحدة وهو من ذوي الكفاءات التي حرصت أمريكا على منحه الجنسية الأمريكية و العقول التي حصلت على شهادات جامعية عالية وعملت ضمن مؤسسات اكاديمية كالجامعات والمؤسسات العلمية او المصانع والشركات وغيرها بحيث باتت تتمتع بامتلاكها الخبرة العلمية والعملية والتقنية في مجاله هذا الاستاذ يحاول العودة الى ارض الوطن منذ سنوات الا ان هناك جملة من المعوقات التي تمنعه من العودة واهمها هو شرط العمر في التعيين في المؤسسات والجامعات العراقية ،والاهمال الذي يجابه لهفة العودة وخاصة من بعض المسؤولين الذين يراسلهم والذين ربما يعتبروه خطرا في حال عودته الى البلاد على مناصبهم الهشة وخصوصا الغير مؤهلين منهم. كثير من هؤلاء الكفاءات حلموا بالعودة الى الوطن، وعادت فئات منهم وبالذهن القيام بالدور المأمول في نقل أفكارهم وما عاشوه إلى أوطانهم، والإسهام في التأسيس لمرحلة النهوض، ولعب دور هام في قيادتها الحقيقية ونقلها الى العالم المتطور الحديث فمنهم من وجد له مكان واخرون مازالوا في دوامة الروتين، مازالت اغلب الكفاءات المهاجرة تحلم بالعودة الى الوطن الام ،ذلك الوطن الذي يوفر الأمان، والطمأنينة، والكرامة، والحرية، والعدل والمساواة بين المواطنين ،الوطن الذي يحقق الذات، ويوفر الحياة الكريمة، ويحمي حقوق الأفراد الطبيعية بالعودة الى ارض الوطن والمشاركة في اصلاحه وتطويره والاستفادة من خبرات ابنائه في الابحاث العلمية وبراءات الاختراع والمؤتمرات العلمية وبرامج التطوير العلمي مما يعزز من مكانة البلاد العالمية والمحلية..
https://telegram.me/buratha